نصوص أدبية

زاغنية* / حكمت مهدي جبار

على مويجات (ديالى) الخجول تبرق شموس الصباحات

وعلى ضفافه يسرد النهر الطويل حكاية عشقه

في ليلك  الساكن تهجع الطيور

للساهرين على ترانيم الهوى

وتحت فحولة الجرف العتيد يختبيء الصبيان

يختلسون متعة الليل ..

يرتشفون براءة حب يرتعش بلذائذه

ياقرة عين القرى

ياقلبا تدفقت نبضاته عبر الاسفار

وصنعت للتأريخ صرحا رغما الكروب

في ليلك المجلل بقداسة الصالحين

تنتشي الارواح توقا للعلا

وعلى ضريح (ابو نجم) تعبق عيدان البخور

ويسر النائمون وهم تحت قبورهم.. فرحا بالداعين لهم

ترتقي التهاليل فيها وتسمو اناشيد النذور

في لجة النخيل المحتشد بحب العاشقين

تحت اشجار البرتقال المزدهي

تدلهم القلوب هوى ..وتطفح النفوس بالسرور

ومن رائحة القهوة في (ربعة) اهلنا .

في حضرة (الديوان)

تنفرج الاسارير. وتبجل (عكل) آباؤنا بالهيبة  

وتزغرد امهاتنا لعشق ازلي ليس له عنوان سوى الحب

تزدهي لها القلوب .

وفيها يسمو مجد الرجال بحكايات لاتنتهي

.............

 

في غفلة من الشيطان

من ليلة هوجاء

نعقت غربان البين .

وأستنفرت طيور المساء المشؤومة نفث سمومها

اغتصبت عيون الغرباء براءة الصغار

لذن الصبايا بالحياء .

وتحت الدثار العتيق اختبأ الصبيان

وعيون الرجال تتراقص في لجة الحيرة يخبؤون تأريخهم

وما بين طيات ارديتهم تقطر الأحزان

في دجى الليلة الدامسة

نعق رجال مقنعون بغدرهم.

اندلقت السنتهم كألسنة كلاب مسعورة

كشفت الانياب عن دماء لازالت حارة

تغرس في الأرض الطيبة سمومها.

قريتي (الصغيرة) لم تعرف الحزن رغم اوجاعها.

وتشبثت برحمة القلوب

وبقي النخيل يراقص خيوط الشمس

و(ديالى) تروي ظمأ الايام 

نهر(الزور) يترقرق مابين بيوت الطين.

يبلل شغاف القلوب

تجري عبر مويجاته حكايات اهلنا

وعذوق تمرنا اللذيذ تسابق شذرات القداح

تصطبغ بحرة الرمان .

وتلتمع فيها عيون فتياتنا

في دعوة عشق ريفي يفيض في قلوب الصبية بالحياء

لتنسج شمس الصباح حكاية يوم جديد .

 

....................................

 *   زاغنية :-

 واحدة من اجمل القرى في مدينة بعقوبة التابعة لمحافظة ديالى في العراق..تشرفت بضريح الامام عبد الله بن موسى الكاظم (عليه السلام) الملقب بـ (ابو نجم).تغفو على ذراع نهر (ديالى) الخالد منذ عصور سحيقة.يمر فيها نهر (الزور) كشريان حياة يروي كل بساتينها حيث اشجار النخيل والرمان والبرتقال .فهي ساحرة في جمالها . بهية في حسنها . رائعة في طيبتها ..تشتهر بوجود المضايف(الربعة) التي تشعل فيها النيران لأعداد (القهوة) ..تعرضت القرية الى التهجير القسري بعد الأحتلال الاميركي للعراق وعانت ما عانت من المصائب. لكنها عادت الى مجدها لتشرق من جديد في وجه الشمس لتعمي عيون الشامتين. 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1545 الخميس 14/10/2010)

 

 

في نصوص اليوم