نصوص أدبية

التقاعد

بعيدا عن أخطاء حماقات الأحكام المقدسة،

مدثر بدروع فلسفتك؛

لم يأخذ الزمان شيئا من غبطتك،

متوهج، وشاب عاشق..

زرقة السماء الهادئة،

تمنح الجمال لمساء حياتك.

 

ما نطلق عليه أجمل أيامنا،

ليس إلا برقا لامعا في ليلة هوجاء،

وليس شيئا آخر غير حبك..

يستحق الأسف من الحكماء:

لكن ماذا أقول؟ نحب في كل الأعمار،

هذه النار المستدامة اللطيفة في الروح السجينة؛

تمنح حرارة عندما نرمي لها قليلا من اللهب،

إنها نفحة إلهية، منها خلق كل إنسان،

لا تنطفئ إلا مع انطفاء روحه.

 

امتداد روحه تضييق لرغباته،

هناك يكمن هذا السر المجهول من المألوف،

تعرفه، صديقي؛ هذا الركن السعيد من الأرض،

يضم من تحب  وأذواقك ورغباتك،

تمنياتك لا تتجاوز أبدا مجالك الوجودي لفضائك.

لكن روحك امتداد أوسع لأفقه،

وللعالم المعانق للمشهد،

مشعل الوميض المعلوم منطقك.

 

ترى عند حافة " تيبر 1" و" النيل 2" و" غونج 3 "،

قي كل مكان، في كل زمان، تحت أقنعة مختلفة،

فالإنسان حيث كان إنسان، في هذا الكون، 

في نظام لا متناه،

 الكل يمضي ولا شيء يتغير؛

ترى الأمم  تضمحل تباعا،

كالكواكب في الفضاء،

من يد إلى يد  ينتقل الصولجان،

لكل شعب زمانه، ولكل إنسان يومه؛

موضوع لهذا القانون الأعلى،

قوة، مجد، حرية،

الكل يذهب الزمان به،

فالزمان يمضي حتى بالآلهة،

من سذاجة العصور القديمة،

وهل الأموات في كبريائهم المتعالية،

قادرة على ذكر الحقيقة؟

 

في منتصف هذا السحاب الكبير،

أجبني: ماذا يفعل الحكيم؟

دائما بين الشك والخطأ يحارب؟

يفرح بقليل من الأيام التي يلتقطها عند المرور،

يتعجل لاستخدامها،

من أجل السعادة والفضيلة.

 

رأيت هذا الحكيم مسرورا؛ في مساكنه الجميلة،

تذوقت من ثمار الكرم.

وفي ظل البستان الذي غرسه بيديه،

على أنغام قيثارته العذبة، ينام ساعات،

وهو يغني بهجته.

كن متأثرا أيها الإله الكبير ، من اعترافه.

لا يتعب أبدا من أمنية عديمة الجدوى أو غير نافعة،

أحتفظ له فقط بثروته الطبيعية،

أعط الكل لمن يطلب منك القليل.

أشيائه الحلوة لحنانه،

إذا مرقده الضحوك دائما مكتنف، 

زوجته وأبناءه  يتوجون شيخوخته،

كشجرة متوجة بثمارها.

إذا اصفرت هضابه تحت ذهب السنابل؛

إذا كانت بحيرته صافية دائما عند أسفل الصخرة؛

إذا الظلال المكثف بياسميناته الجميلة؛

إذا كانت شمسه حلوة، إذا كانت سماؤه زرقاء،

وإذا بالنسبة للغريب يطيب عنب الكرم دائما. 

 

بالنسبة لي، بعيد عن هذا الميناء،

وحسرتاه  ! من الشباب والأمل الضائع،      

سأحاول مرة أخرى مع الأمواج والعواصف؛

لكن، مرتج من الموج و متعب من الرياح،

عند قدم صخرك المتوحش،

صديقي، سأعود في الغالب،

رابطا، عند المساء، قاربي بشاطئك.

 

الشاعر أ. دو لامرتين الفرنسي

ترجمة الشاعر بنعيسى احسينات - المغرب

 

..............................................

1-     تيبر Tibre : نهر بإيطاليا

2-     النيل Nile : نهر بمصر

3-     غونج Gange : نهر عظيم بالهند

   

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1545 الخميس 14/10/2010)

 

 

 

 

في نصوص اليوم