نصوص أدبية

لميعة تخيط لشاعرها ثوبا ً من ضباب / علوان حسين

كان كالقمر لا ينام ُ

إلا في خيال بنات الجلبي

وكان المطر ُ رفيق َ السياب ِ

وأبن خيال القصيدة .  

*               *                 *

 

 القمر ُ أنثى الليل ِ

ضربة َ فرشاة ٍ قلقة ٍ

لرسام ٍ سحقه ُ الجمال ُ كان َ .

و السياب ُ يجوب ُ ليل القرى

باحثا ً عن قمر ٍ

يُذكّرهُ بنهد امرأة ٍ

رآه ُ يسبح ُ في ماء (بويب) مرة ً

 وهاج َ كرغبة ٍ طائشة .

*               *                *

 

بويب لم يكن سوى نهرٍ

من أحلام طفولة ٍ

ترعرت في حضن الماء .

بويب نهر ٌ ينبع ُ

من ذاكرة السياب

ويصب ُ في قرية ٍ

من قرى الخيال .

الأسماك ُ الملونة ُ تسبح ُ فيه ِ

وفيقة * الطالعة ُ من النبع

بيضاء ُ تطل ُ من شبّاكها الأزرق ِ

كانت كالقمر يسبح ُ في ساقية ٍ .

 وفيقة ٌ تتأمل ُ صورتها

على صفحة الماء

لا تسع خطواتها سوى القصيدة .

وكان الشاعر ُ منهمكا ً

بغنائية ٍ من جرس ِ

شناشيل أبنة الجلبي  .

*                *                 *

 

كان السياب ُ قصيدة ً من مطر

وكانت لميعة * تغزل ُ دموعها

دمعة ً دمعة ً لتكتب َ

 لشاعرها قصيدة َ حب ٍ .

هل غرق َ البدر ُ في السراب

بينما كانت لميعة

تـُخيط ُ له ُ ثوبا ً من ضباب ؟

*               *                *

 

جسده ُ النحيل كان أصغر َ

 من ثوب ٍ يُؤرجحه ُ الهواء ُ .

كان يصرخ ُ في نومه ِ

ربي لماذا خلقت َ المرأة َ

ساحرة ً وكاسرة ً

ولماذا لم تخلق

لي عيني َّ  ميدوزا  ..

لماذا تركتني هائما ً

في غابة ٍ من عيون النساء ؟

*               *                 *

 

كان السياب ُ كما تقول ُ صاحبته ُ

يرسم ُ نهرا ً على الأرض ِ

ثم يذهب ُ ليسبح َ فيه ِ

هل كانت هي النهر ُ

الذي أغرق َ ذلك َ الطفل َ ؟

ذهب َ الحالم ُ ولم يترك

لنا سوى دهشته ِ

ولوعته ِ وحزنه ِ الأنيق .

*                *                 *

 

عاشقا ً كان َ  ولا يملك ُ

  سوى عذوبة ِ الأطفال ِ

ووجهه ُ  الحرير والحزن 

والأشعار ُ التي ينتثر ُ

 فيها دمه ُ كالعبير .

كان السياب ُ جميلا ً

كالشعر في خيال الشعراء

وكصورة ٍ لنهر ٍ يركض ُ في الهواء .

أكاد ُ أراه ُ في كل قرية ٍ قمرا ً

ونخلة ً تمشي على قدمين .

*              *               *

 

كنا  أنا والسياب ُ

نعشق ُ السير َ تحت المطر

تقول ُ لميعة وهي تشير ُ

بيدها نحو غيمة ٍ

عالقة ٍ في سماء ٍ

 من سموات الضياع .

أحيانا ً كنا نغرق ُ

في قطرة ماء .

أحيانا ً كنت ُ وأنا أمد ُ أصابعي

تتلمس ُ تحت قميص السياب

تصير ُ يدي جمرة ً

وذاك القميص ُ يذوب ُ

بين الأصابع كمشة ً من ندى .

*                *                *

 

لم يرسم فائق حسن لوحة ً للسياب

ربما أن الشاعر لم يكن

 يجيد ُ ركوب َ الخيل ِ .

ربما .. لو كان رَسَمه ُ

لتخيلّه ُ وهو يركب ُ موجة ً

أو وهو على ظهر غزال ٍ .

ربما كان فارسا ً

يحارب ُ طواحين َ الهواء .

*                *                  *

 

كان السياب ُ نجمة ً

سقطت سهوا ً في هاوية ٍ ..

دمعة ً كان قد هطلت

 من عيون النخيل .

 

* لميعة المشار إليها في القصيدة هي

الشاعرة لميعة عباس عمارة

شاعر من العراق يعيش في كاليفورنيا

 

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1551 الاربعاء 20/10/2010)

 

 

 

في نصوص اليوم