نصوص أدبية

أغْنياتٌ لِعيونِ بهية / هشام مصطفى

لَكِنَّ يُوْسُفَ قَدْ تَأَخَّرَ في الْحُضورْ

مازال في جُبِّ الضَّغينَةِ يَرْتَجي

حَبْلا تَدلّى مِنْ زَمانِ النّورِ في

زَمَنِ الْفُجورْ

مازال إخْوَتُهُ يَرَوْنَ دَمَ الْخَطيئةِ صادِقا

وَيُلمْلِمونَ قَمِيصَهُ

حتَّى يَشيخَ الْحَقُّ في

قَبْرِ الصُّدورْ

يَبْكونَهُ :

قَتَلَ الْفَتى ...!

والْذئبُ يَصْرُخُ ما أنا

وَ أَبوهُ يَنْتَظِرُ الْقَميصَ لِكيْ يَرُدَّ الْحبُّ ما

أَخَذَ الْغُرورْ

الحبُّ

مازالتْ خُطاهُ على دُروبِ الْحُزْنِ

تَبْحَثُ عَنْ خَلاصٍ

في قَميص الْغائبِ الْمَوءودِ في

جُبِّ الشُّرورْ

الْحُبُّ شَطْرٌ مِنْ سنا

دنيا تَلَطَّخَ وَجْهُها

بِيَدِ الْجفا

وازَّيَّنَتْ بِثِيابهِ

لِلْحُبِّ آلافُ الْوجوهِ وإنّما

وَجْهٌ وَحيدٌ لَمْ يَزلْ

خَلْفَ السَّتائرِ طاهرا

يرنو إلى صُبْحٍ خَبَتْ نَسَماتُهُ

بَيْنَ انْكِفاءِ الذَّاتِ في

كَهْفِ الرَّغِيْفِ

وَبَيْنَ آمالٍ تَثورْ

آهٍ بَهِيَّةُ

أيْنَ شَالُكِ والْجِرارُ وَصَوْتُكِ الْمُمْتدُّ عَبْرَ الرِّيحِ في

مِلْحِ الْعُصورْ

سَكَنَتْ مَدائنَكِ الْعَناكِبُ .. عَرْبَدتْ

فيْكِ الْمساءاتُ الَّتي

خَطَّتْ تَجاعيدَ الزَّمانِ الْمُرِّ في

الْوَجْهِ الصَّبورْ

ما عادَتِ الْأيامُ تَجْمَعُنا معا

حتَّى الشَّوارعِ لمْ تَعُدْ

تِلْكَ التَّي

 حَضَنَتْ خُطانا حينَ أيْنَعَ حُلْمُنا

وَتَدَفَّقَتْ

فينا الْأماني مثْلَما

النِّيلُ الْمُسافِرُ في شرايينِ الْحقولِ

وفي سنابلِ قَمْحِنا الْمَعْجونِ

بالْعَرَقِ الْمُتَبَّلِ في وجوهِ الْقانعينَ رَضا

بأحْلامٍ تَبورْ

آهٍ بَهيّةُ

كَمْ خَطَتْ فيكِ الْمسافاتُ الْعِجافُ

وأنْتِ جالِسَةٌ هناكَ على ضِفافِ الْأمنياتِ

تُعانقيْن الصَّبْرَ ساخِرَةً

مِنَ الْألمِ الْعُضالِ

وتَرْحَلينَ على بِساطِ الْحُبِّ

لِلْحُلْمِ الْجَسورْ

تَتَلَحَّفينَ عَباءةَ الصَّمْتِ الْمُوشّى

بالْمُنى الْمَغْزولِ منْ

شوْقِ الصَّبايا للْفتى الْآتي على

ظَهْر الْغَدِ الْموْعودِ في

سَفرِ الشِّتا والْقَهْرِ

حيْث ُتُراودُ الْكَلِماتُ أَسْطُرَها إذا

لجَّ السؤالُ على شِفاهِ الْحائرينَ ويَشْتهي

سكِّيْنَ أجْوِبَةٍ تُمَزِّقُ خَوْفَهُ

و تفكُّ أَغْلالَ السِّنينَ

عَنِ الصَّباحاتِ السّجِينَةِ في قِلاعِ مَمالِكِ الْغربان

والْعَجْزِ الضّريرْ

آهٍ بَهيَّةُ

يا حروفَ الدَّمْعِ يا دَمْعَ الْحروفِ ومُنْتَهى

تِيْهِ الْقَصيدةِ نَحْوَ أَشْرِعَةِ النَّجاةِ إلى بلادِ الشَّمْسِ والْحُبِّ الْمُعَتَّقِ في

تباريحِ النَّخيلِ بِأُغْنياتِ الشَّوْقِ مِن

ليلِ الْمُسافِرِ في صحاري العُمْرِ والبُعْدِ الطَّويلْ

سَكَنَ الْفِراقُ حُروفَنا

وتَمَدَّدتْ

بَيْنَ السُّطورِ مَلامِحُ التَّغريبِ حَتَّى أَسْكرتْنا خُطْوُهُ

أيْنَ ابْتِسامُكِ والْأصيلُ يشُدُّ خَيْمَتَهُ بِشاطئكِ الْمُحَنّى بالهوى ؟

والطَّيْرُ يَشْدو لَحْنَهُ

للْعاشِقينَ و لِلْحيارى الْعابرينَ

إلى ضِفافِ الْلانهايةِ للْمُنى الْمولودِ

في الْقلبِ الْعليلْ

لِمَ لَمْ يَعُدْ

 حُضْنُ الْمساءِ يَلُمٌّنا

حَيْثُ الْحكايا في فم المِزْمارِ مِدْفأةُ الْغلابةِ

في لياليكِ الطِّوالِ على أَسِرَّةِ حُلْمهمْ ؟

لِمَ فارقتْ

واديكِ أنْغامُ السَّواقي حِيْنَ تُنْشِدُ مِنْ تَراتيلِ الْمياهِ

رِسالةَ التَّوْحيدِ

و الْولهى بِعِشْقِ الْأرْضِ والْإنسانِ

تَحْفرها على

جُدُرِ الزّمانِ وفي أهازيجِ السّطورْ ؟

لِمَ تأْكُلُ الْغِربانُ مِنْ رأْسِ الْأماني خُبْزَها  ؟

لِمَ لَمْ تَعودي تُلْهِمينَ الشِّعْرَ ألْحانَ الْلُقا ؟

حتّى يَردَّ الْحَرْفُ إبْصارَ الْمُسافِرِ في منافي التِّيْهِ

والْجُبِّ الْمُعَشِّشِ في حشاهُ

وأنْتِ

أْجْوِبَةُ المسافةِ

واخْتِصارُ الْعِشقِ

والْحُلْمُ الْمُحالُ لنا

كَأَجْنِحَةِ الطِّيورْ

آهٍ بَهِيَّةُ

كَمْ غَدوْتِ بَعيدةً

بالرَّغْمِ مِنْ

قُرْبِ الشُّعورْ

 

شعر / هشام مصطفى

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1560 الجمعة 29/10/2010)

 

 

 

في نصوص اليوم