نصوص أدبية

Sten / عبد الستار نورعلي

 

هذي الحياةُ ومرسىً في نهايتها

سفينةٌ يحملُ الأنواءَ حاديها

 

فتنثر الحلمَ دهراً ثم تأكله

ترمي العظامَ على أهدابِ ماضيها

 

*  *  *  *

 

Sten

ها أنتَ تحدثني

منْ غير كلامْ

تلقي في عينيَّ وعينيكَ سؤالاً:

هل تعرفني ؟

 

ـ أعرفكَ !

منذ أبونا آدمُ ألقى مرساه

في صحراءِ الربع الخالي

بعد الجنةِ

 

مرساكَ الآنَ العودةُ حيثُ الرحلةُ

في آخرِ ايام إقامتها

 

أتراكَ تراها ؟

أتراكَ تحسُّ دبيبَ النملِ

وهي تقيمُ القداسَ

بين خلايا الجسدِ العاري ؟

 

أتراكَ ترى الأجداثَ

تحتَ الأرضِ ، وفوق الأرضِ

وهي تقيمُ الحفلةَ صارخةً

ونبيذاً منْ أشهى نهرٍ

نهر العودةِ ؟

 

أخبرْني !

 

الصخرةُ فوق الكتفين

من أيام الكهفِ وأيام سدوم وعمورةَ

وأيام الحربِ الكونيةِ بينكَ

وبينَ القادمِ من خلفِ الخارطةِ المذبوحةِ

بسيوفِ الغزواتِ

وسيوفِ ذوي القربى

 

Sten

هل تسمعني ؟

 

إني جوابُ الآفاقِ أراكَ

تجوبُ الآفاقِ الأخرى

وتحطُّ الرحلَ هناكَ

حيثُ هواءُ العالم أنقى

من دنيا الخيباتْ !

 

هل تسمعني ؟

 

صخرٌ ماتَ

والخنساءُ تغنيهِ أبدَ الدهرِ

والقاتلُ خلفَ الخيمةِ ينتظرُ

ساعتهُ

في عاصفةِ الرملْ

 

Sten

أوتارُ الموتِ

تعزفُ أغنيةَ الرجلِ الغادي

من رحلتهِ

في آخر هذا الليلْ

 

هل تسمعُني؟

 

إني أسمعُ دقاتِ الساعةِ تقتربُ

لا ريبَ

لن تستأخرَ أبداً لحظتها

أو تستقدمَ 

 

هل تسمعُني ؟

 

إني بجواركَ أحصي لحظاتِ النومِ

أستقدمها من غير جوابْ

 

إنّ الغارقَ بينَ صخورِ الغفوةِ

لا يسمعني

 

إني أدقُّ الصوتَ

فوق جدارِ الجسدِ الراقدِ

مثلَ حجارةِ جبلِ الجودي

 

هل تسمعني؟

 

وقعُ الخطواتِ على البابِ

تزحفُ ليلَ نهارَ

قربَ الجسدِ العاري

 

ارفعْ رأسكَ عن أوجاعكَ

كلّمْني !

 

ألمسُ وخزاتِ الإبرةِ تدخلُ في الجلدِ ،

والعظمُ هشاشةُ هذا العالم

حينَ تراوده عن بهجتهِ

 

هلْ تسمعها:

نبضاتُ قطار العمرِ

تقتربُ

من ميناءِ الخارطةِ الأخرى

حيثُ الشجرةُ منتصبة

مثل الجبلِ الراسي ؟

 

لا تقربـْها !

قد تحرقك الأغصانُ !

 

هل تسمعني ؟

 

لم تُخلقْ كي تقربها

 

فحدائقُ ذاك الشيطانِ الواقفِ

عند البوابةِ نارٌ

 

هل تسمعني ؟

 

مستشفى ملار في اسكلستونا

السويد

صباح الخميس 21 شباط 2008 

 

.....................

* Sten: رجل طاعن في السن كان يشاركني الغرفة في قسم طوارئ القلب في مستشفى مدينة اسكلستونا.كان مغطىً بالاجهزة والانابيب لا يعي ما حوله و الأطباءُ والممرضات والممرضون يمرون عليه ليحقنوه ابراً ويعطوه أدوية وهو غارق في نومه يئنُ.

و Sten بالسويدية معناها صخرة.

 

 

 

 

في نصوص اليوم