نصوص أدبية

بالجسد قيد العقل

عالقٌ بين المشاعر والنفوس

جسدٌ يروِّج ما لديه من القبول

أعضاؤه غرقت من المعنى

وعقولنا تدري بها خوفاً

همُّها في الذات أقوى

عمداً يلامسها الخفاء

يحميها ظلُّ مصيرنا

المسجون بالأعراف

بالسحب الكثيفة من سماء الخوف

تظلل الجسد المغلف بالكهوف

جدرانها ترميم ألصق بالعباد

حتى العبادة فيها خوف

وصلاً يلامسها الحسد

حتى العقول تخاف من ألق الجسد

*****

 

هنا عند مفترق الخوف، تتردد المعارف في إدراك المعاني المعلقة بسطح العقل، المبرمج على وعي الأنماط المعتادة من طبيعة الوجود المشكل من المفاهيم الاجتماعية،المؤطرة بالفهم المبتعد عن الأنماط الحقيقية لطبيعة الكيان الذاتي المشخص بالجسد، كوحدة متكاملة لبناء الأنماط الملازمة لطبيعة الحياة الحية. فالجسد في حالة الموت لا يثير الشهية في الارتباك المرتبط بظهوراته المكشوفة، فالجسد الفاقد الحياة يرتبط بطبيعة الجماد العضوي، كأي شجرة مقطوعة ويابسة، أما الجسد الحي فإنه يتوهج بومض الطاقة القادرة لإحداث الارتعاش في النفس البشرية. لأن الطاقة الحيوية المرتبطة بالجسد الحي هي الوهج المعبر عن فعاليته المؤثرة في الكيان المقابل للعضوية سواءً كانت مؤنثة أم مذكرة، فطاقة الوهج الحي ترفع الضغط الدموي في الأنسجة، نظراً لقدرة السبر الموجّه بالوضوح الجسدي ويلتزم العقل بتقبل المحتوى المرتبط بالجسد على أنه نظام يتفوق عليه بالمنافسة من حيث إصداره للمعاني المولدة للانجذاب. وغالباً ما يوظف العقل بفاعلية مقصودة نحوى استكشاف القيم الفاعلة لقبول وضوح الجسد في نظامه الطبيعي، وبدون الارتباط بقواعد الحجب والخوف من نظام المعتقد الموجه لنظام سلوكنا في الحفاظ على المألوف في نظام الجسد. هذا الترافق الوثيق بين القيم الأخلاقية ونظام وعينا طبع الحياة بالتنحي عن إظهار المفاتن الجسدية بشكلها الطبيعي، ورافق وعينا الأخلاقي فن إبراز المعالم الجسدية المقبول رؤيتها من الوسط الاجتماعي، بما يلفت الانتباه التعويضي عن بقية الأجزاء الأخرى من الجسد.

فلم يتم توجيه العقل نحو إدراك الخصائص الوظيفية للأعضاء، فتغير التعاطي مع الأعضاء بما يخالف وظيفتها، فظهر التعامل مع الجسد كباعث للنشاط الغريزي المرتبط بالجنس، لدوره في ملئ الفراغ النفسي المشكل من القطيعة الناجمة عن فصل الطبيعتين، فلم يقتنع العقل بوجوب القطيعة ولن يقتنع نهائياً، مهما ارتبطت قوة الفصل بقواعد جبرية، ومهما بلغت قوة الحماية للفصل بين الطبيعتين، نظراً لخلافها الحتمي مع قانون الطبيعة الأساسي. فالحياة تعبّر عن الوجود الإنساني المرتبط بحقيقته العضوية، وكيفية تعامله مع الحياة وفق ما يتفق مع خصائصها، ومهما حاولت المفاهيم والعقائد تقنين العلاقة بين الجنسين سيخلق العقل المزيد من المبررات للخروج عن هذا التوجيه، لأن البنية الإنسانية مخصصة للتلاقي بين عضوين يهتمان برسم الوجود الجسدي النابض بالحب ...على طريقة الجسد نفسه .

 

الكاتب والشاعر ... حسين عجمية

[email protected]

03‏/04‏/2009

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1113  الاحد 19/07/2009)

 

 

في نصوص اليوم