تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

نصوص أدبية

الأســــــــــــــوار

كنا معا على عتبات الغروب

نملا الساحة بالرمل والزهر

ليس الوقت صباحا

لتلامس برفق أصابعي

سكر القهوة ثم أحنو يسارا

حذو امرأة سامقة

لتسمعني للمرة الأولى تفاصيل الحكايا

لا غرابة أن تكون النوافذ قد علاها

الصدأ

والستائر مزقها الضباب

تمهل قليلا

عسى أن يجيء الفتى الغامض

وفي عينيه العسليتين تتداعى الغيوم

هل رأوا ما رأيت؟

قتلة يسرقون البسمة من شفاه السوسن

رفاقا توزعوا في خرائط الموت

والمنفى

على ألواح البلد الممتد

من ماء الزيف إلى عتمة الشتات

المساء الغائم هادئا تلامسه

الغصون

والملك يختزل ملهاة القبيله

يجيء كل مساء

يقرا الحصار في عيون الصنوبر

وصمت الزقاق

هل إيماءة أنثى لا تعرف سوى لغة

الجسد

تنسي فتية الجنوب، آهة الصدر

و كيف اغرورقت عيناه بالظمأ

رأته الأزقة زاهدا وغريبا

لم يخرج من ثوبه رسالة للتي

سخرت من ماء الجنازات

الآن سكنوا وتصدروا طوابير الخرافة

ولست ادري أكان الطقس غامضا؟

أم بهت نورس من كلام إحدى بناتهم

حينما جن بعضهم من فرط الترف

الم يعرفوا أن لليل عشاقا

من كل الديانات

همساتهم تأخذ شكل مقصلة

فلما لا نعلنها سلاما عليهم

ونقول للغزال الباكي:

وهم البنفسج تبعثر في الربيع

فليبحروا كما شاءوا

في شذا الماضي السحيق

ولنحتسي مياه الينابيع

قبيل تداعي جسد المتاهة

عاد المماليك

و" القرامطة" باقون وأن غابوا

إنما جوهر المسالة ..

وضع النقاط على الحروف

وخلخلة ما ترسخ من ارق

الذين رأوا في الغيم بريقا

ليس لنا من طريق سوى عبور المسافات

ما رأي الفتى لو قلت فجأة:

هاهي ذي الروح منفلتة من قبضة

الزمن العسير

والنور منبثق من مدارات المدى

سواء شتتوا ما تبقى

من عناد الولد الغامض

أو وأدوا الروح في مهدها

فلما ما يكفي من صقيع الشتاء

لبدء المسيره

سلام يقرأ على الموتى حين تهاجرنا

طيور الروم

نافذة على ألواح الهدوء في ختم القصيده

غدا صباحا يعزف النشيد

قبيل صياح الولد

 

هاهي ذي الرقاب منحنية للضباب الكثيف

وما الفارق بين قلم الحبر والورقات الصفر

سوى أن يكتب على حائط الذاكرة

لن تصلوا إلى هناك ..

فالمراكب اعتراها ظمأ الجنوب

فقلنا والدمع يملأ الساحة

أين بصمات الشمال؟

ليس البلد من يقول هو ذا صمت المدائن

طأطأ الفتى رأسه النازف

حلمه أحلى من هدوء المكان

وزهر اللوتس يرصد خارطة

اندهاش اليمام

البوح المتصاعد ضمد جرح الفتى

وعلى يمين المقهى، في العاشرة صباحا

رأته أسراب النساء

ولدا عنيدا ذاهلا لا يخاف من بهاء

السنديان

قرب حانة شرق نهر الفولقا

ساءله صديق الصبا:

لم الدهشة تملأ خديك؟

أتزرع الورد وتنسى أن تفتح

أزهار القرى؟

تماسك أخي

تسير العربات فجرا بلا حقائب

ربما فاجأنا الغيم قبيل انفتاح الروح

على آهات التخوم

لماذا يغرق الولد الهزيل في البكاء؟

كلما باغتته ذاكرة المنافي

أكان وحيدا آنذاك؟

أم هذي البلاد لم تنجب سواه..؟

ولم لا تكون البدايه:

خروج عشاق العصور القديمة من مخابئهم

ورسم خطوط التجلي

قرب الطرقات التي قدت من حرير

التحمت يداي بالنظرات الزائفة

يعترف الفتى قبل ظهور الصدى:

بيوتنا من رماد

وأحلام أسلافنا لم ينقطع صوتها

غرفتي التي هيأتها لسرد الحكايا

صامتة هذي الصبيحة

أكان ثلج المقابر ناعسا

أم شردوا ولدا أفصح من البدء

عن صقيع المرحلة:

حبري هو دليل الغجر

وإننا هنا قادمون

لا نرى خلف المرافئ سوى

فوضى المصانع

قناديل "البرامكة"

ظمأ الجنوب

هذيان الشمال

وانكسار التماثيل

ها هم يطعمون

"كلاب الحراسة"

اللحم والحليب والفاكهة

قد يضيع الفتى ويختفي عن عيون العابرين

نوار الكرمل

وتفتح أبواب الزمن العسير

لكن رائحة البلاد لم تتبخر

والكوفة ... تكتب الصفحة الأولى

من فصول العناد المباغت

كيف آن للطقس أن يرسم الخط الفاصل

مابين الحنجرة ودمعة الولد

الضائع

والتلال الهادئة تصحو صباياه

على نغم الأنين

ألف بابلي في ملجئ الضاحية

كالرماد

صبيحة الأمس البارد

دمنا المسفوك أصلب من قصف كثيف

وذراع طفلي المقطوع يرفع اللافتة

لمن فقد ضوء المرحله

ها قد بعثروا الحبر

ولم تنج حتى فضاءات القداسه

على الغزاة أن يرحلوا

قبل اكتمال البيان

وانفتاح الروح على آهات التخوم

على بيض الشمال أن يأخذوا حقائبهم

قبل فيضان القطرة الأخيره

من الكأس الرمادي

وانغماس الشفاه في قدح الحضاره..

حذار، سيدة العالم تهمس همسا خفيفا:

شرط الرحيل أن تسلم بغداد ذراعيها

للأرق و الهذيان

وما الهذيان إلا شقيق النعاس

إن أرادوا البقاء عقودا أو ليالي

فلنا من التبغ والحلم ما يكفي

لإتمام مقاطع المشهد

هي الحرب ابتدأت

هيروشيما الجديدة، اكتملت صورتها

قرب العامرية

أو ربما بدت الأشياء غامضه

في عيني من وضع اليد على الزر

ألف قتيل

و البلاد أبهى من عذاب العاصفه!

يفاجئنا السيد المسيح:

" دع الموتى يدفنون"

دع القتلى يسألون عن أي قصف

يفاخر الإفرنج بانجاز توابيت ضحاياه

كأن النبيذ لا يشرب إلا على وقع

المجازر

هل رأوا ماء الفرات

حيث ينساب على ضفافه دفء المكان

 

عاريا يجيء الفتى

و الأنامل تباهت بوهج النشيد

تلمسه الغيمات من يده اليمنى

فلا ينكسر صوته

كما لو كان هاربا من ألق السفر

قيل غداة الهروب من الحلبه:

أحلام الفتى لن تتجاوز أعتاب النوادي

ومن يدري لعل الحلم تمدد

شاطئ المتوسط يسأل الصمت

عن بقايا الجدار

واللغة الثكلى تضيء التضاريس

مملكة الطفل أصفى من ماء البوادي

والدموع أعشاب وأزهار

للراقصين على تابوت الانحناء

من محيط الدمع إلى خليج الانكسار

والبكاء النادر

تسامت أحداق الهاربين

من " الفتح الجديد" لنرى الملح أبعد

من ضباب السباخ

على قمم البوح شراع وجاريه

وحمام لم يذق حبة قمح

إلا خارج القفص ..

يلذ لبعضهم أن تنام المدائن

وإن صحت، عليها أن تواصل عزف

المديح

جالس أمام الضفاف

ولا أدري أكان الفتى المشاغب سرابا

أم ... ..........؟

لنا الآن كاس واحدة من نبيذ الفودكا

نشربه شاردي الخطى

والغزاة الذين هنا كانوا

قبيل قليل جاءوا لنرى كم أتعبتهم

صور الأزقة حينما تكتظ بالخائفين

من فوضى الغبار الطالع من زوايا المدارات

يحط نورس على كتفي

لما أهم بتفتيت وعيد الجنود الذين جاءوا من هناك ...

الجلسة هادئه

والشتات يعلن بدء الرحيل

كنا معا نملأ السلال بالعنب

والغضب

نغرق أجسادنا في مياه التعب

ثلاثون عاما خلت

والمدينة أبهى من سؤال الطريق

- من هذا الذي عينه لا تغادر قطرات المطر؟

- ولد يود أن يحين وقت التنزه

أو ليست هذي التربة غير صالحة للكلام؟

وما عساه أن يفعل إن لامسته الرياح

وأخفته الدهاليز

ضاحكا يباغتني بالقبلات

وفي اليدين كتاب وحيره

خائف من ضياع ألق العناد

وباحث عن مراياه وسط الزحام

غابت المفردات عن سكون

الجماعة

واحتفت باخضرار الشجر زرافات

المباهج

فرادى نتألق في الموت كلما فاجأتنا

الطرقات بالاحتجاج

ماذا تريد المدائن من قلم كسير

وصف مفاتن الحرير

أم السفر عاليا باتجاه الرمال؟

مازال في البحر متسع لنحمي أضلاعنا

بزرقته

ونخفي أوراق الطفولة عن عيون

العابرين

منهمكا في المتاهة أفاتحه بالاعتراف:

رأيت يدي اثر مجيء الفقهاء

تمرر أوراقا سميكه

والولد الغامض يشعل لي سيجارة فاخره

يحتد صمتي فيغرق في الخجل

ينزوي قرب النافذة

لعل فتاة تمر فتفر إليها قدماه

لم ألمس حقائب بيروت

ليصير الرماد هواء على أهداب

التلال

ولا اللحظة كانت سانحة لاختفاء الضحكات

عن العيون

دعيني لحلمي وانقطاع الفرح

مرت عربات الكآبه

واندلع الرفض من عشب المزارع

هاهو ذا رغيف الشريد قريب من أرق الحبر

وتبقيني الكلمة يتيما

بلا كتابة

حينما يرحل الصبية إلى زوايا التخوم

ها هي الآن تخونني الدمعة في منتصف البكاء

تعانقني السنبلة صباح الأحد

وما من دموع تضاهي

أنين الجسد

يمتشقني الوجع إلى حدود الارتواء

يتبعني الشجن حتى التماهي

ولها مدينة الظمأ ما تبقى من التيه والعتمه

 

شاعر من تونس

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1583 الأحد 21 /11 /2010)

 

 

في نصوص اليوم