تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

نصوص أدبية

كلام لا يحتمل التأويل!

وتحتفي امرأة بمقدم العاصفه

لا يجيء صوت الصبية إلا لماما

ولا تصرخ نملة في الطريق

حين ترى قشها قد هشمته أيادي الدخان

ها قد خلع الخليج ملابسه

هوالآن شبه عار

ذاهلا لمرأى  تجزئة المشهد

من الماء إلى النفق المكسور

يرونها كأغصان الحنطة

إذ تأخذها حالة الهوس فجأة

فلا تباغته امرأة أوشرود الهديل

لكن يجيء السؤال شاردا:

- ما سر ملهاة البلاد التي لا تستحي من عيون

السبايا؟

- لست أفهم، لم الآن تأتي بواخرهم

والمدائن أسلمت جفونها للنعاس

- من من الجموع الغفيرة صار وحيدا؟ ...

وما أراد الفتى  انتشار صوت النشيد

المتوهج في الصدر والذاكرة

عبثا تجيل النظر في وجوه العابرين

وتخرج من صمتها مدائح للطقس

ناتئ العظام، مديد القامة ولا تراه

مازحا إلا إذا رآك شاحبا

تقول ولا تبالي بالجالسين في محطة الحافلات:

جذوة الصبح انطفأت

فلم لا نشعل شمعتين لنزيل الكلام

الذي لا يلامس ضلوع

الحقائق

كيف ضاعت خطاه والمعركة ابتدأت؟

والقبر والكفن تعانقا على حائط الليل

تصحوإذن زهرات البلد الضليل

وتذرف الدمع امرأة لا تليق

بجلسة رداءها حرير الهمس والنبيذ

فجأة يكتب الفتى على بوابة الجزيرة

سطورا تفتت تضاريس الفاجعة

فترتفع عقيرتها بالمزاح

إذ يباغتها عناق الولد الهزيل

وترتمي قناديل الصقيع

على الجمر الغامض القسمات

 

من شمال الأرض إلى جنوب التلال

ترحل قوافل البدومرورا بالقاتلين

البيض

تعرفهم الدماء المسكوبة على حدود

الجزر المثقوبة بالذكريات

تسألهم مرارا: ترى من أين تأتي

جحافل التبغ ولا تحرق تماثيل الشمال؟

نغرق في اللعب ونحتسي ماء التراجع

والذين سخروا من سبات البلاد

نسوا أن الأرض تلعن

من يخاف الرحيل  خريفا

إلى الورقات المكتوبة بدم السنديان

إن سال لعاب زوارق لندن

تفوح رائحة الذهول

وتقترب من خيط التباهي

قنينة عطر دنت من نياشين القميص

وأحنا الفتى قامته للرياح

التي قاسمتنا هزيع الليالي

وأطل من النافذة سكون القلم

ولم تزل سحابة الذعر على راحة اليد

ساكنه

الطرقات تستجدي عابريها

لكن البكاء خان الفتى حين أراد العراء

فأقفل راجعا إلى زاوية قلقة

عساه يفتح زهرة الجلنار

- عفوا نسيت سرد الحكاية

صباح خريف مضى باغتته قذيفة

فلم يعلوإلى السطح ليرى قاذفها

إنما لملم أحزانه و غاب عن الدنيا ...

ضوء عينيه تضاءل

إذ رأى شحاذا حكيما يخيط حذاء سيدة أنيقه

لا ضحك في المقهى ولا ستائر

وما ذنب الشفاه إن أفصحت

عن ولد خارت قواه حين تعانقت يداه

والفتى يداهمك فجأة  مكسور الجناح

وبغداد فارعة الرفض والأمنيات

الشقر اختصروا مسافة تقليم الأظافر

احدودب ظهر المدائح

حيث المدائن صارت خيوط ضوء

وامتد حبر القصائد باتجاه الجداول

ليس الخريف ما تدعيه

 اصفرار الورقات

ولا البحر حارسا لخروج الأنين

من أكتاف المذابح 

ولا العشب مرافئ لضياع المزاج

هذا الفتى ما أراد إزعاجهم

ليلتها ...

لكنه القلق يعلن عصيانه

 

فضاءات النجوم، غاصت أقدامها

في مياه الخريف

وضاعت خطوات الشريد

دما وزعفرانا على خلايا البوح

الفتيان الذين سألتهم صفرتهم

جروا وراء الشفق

وكانت تسيل كسائل من غمام

هل غادرت بغداد ضفائر شهرزاد

ونام على راحتيها نعاس الحدائق؟

ما أضاع الفتى طريق الهدوء

ولم يسترح الجناح

من هبوب العاصفة

وتنأى التفاصيل عن طعم الفصول

التي رمت بأقباسها على معطف النور

ومال شمالا حبل الغسيل

وفاحت رائحة العطر الفريد

من أي أرض تجيء الأنوثة؟

ومن أي ورقة تطل الحروف العصية؟

عنيفا يمر السحاب

ولا طائر في الفضاء

تناست أناملي أني نسيت في السراب يداي

وخطاي ضاعت في البقاع

وما نسيت ذاكرتي أرق القرى المنسية

وحتى تستمر الحكاية

لا مفر من قطع اللسان

وتمرير فواصل الاحتفال

- هل عاد الشيخ إلى صباه؟

ولامس الحبر ألق العبارة

ولم يعد ثلج لندن إلى أقاصي العذوبة

لا سكون في الزاوية اليمنى من الحلبة

ولا دخان يضيء الشوارع!

 

تنهمر قطرات الذهول

جنوب المساءات

وتسري في مفاصل الجند

هدهدة تمادت في البكاء

ورمت بأهدابها خلف النوافذ

وابتل الولد الحافي بماء الفجيعة

بغداد.. قاب قوسين من الغصن الذي ساءل

ثلوج المباهج:

ترى، من زوق الجدران بالهتاف

وختم الرسائل بإيماءة

نازفة؟

لا مفر من نبش ورقات الخارطة

وليس هنا، متسع من القصف

لينفرد الولد الهزيل بورقات الحنين

ويزال السؤال لما أراد الفتى أن يزول

الهزال

لنقل: نبيذ المدائن استحال

خريفا للطيور

دمعاتي التي سكبتها في المقاهي 

نمت على أعشابها زهرات القيام 

وتأت النساء اللواتي احترقن

بجمر الأصابع

الصباح الخريفي ساءلني:

هنا دمعة واحدة تسيل على خد بابل

وأطفال القرى، حفاة على حافة الموت

والذين رأيناهم  من شرفة الضوء

عراة إلا من الصمت

تمادوا في البكاء والرحيل

طفل كالعقيق تساءل عند مدخل المدرسة:

أيبقى الحبر وحيدا

وفصول الصحوة اندلعت

وانتشى ذراع الرصيف بخمر عتيق؟...

تبقى الوجوه بلا ملامح

والخرائط بلا خطوط

والمدن التي أنجبت هذيان النساء

تمشط شعر العجائز

الثكنات إذن توارت مع الرمال

حسنا

إني ارتويت من ماء سليم

وأبقيت حنجرتي سانحة للصراخ الأنيق

تكتب يدي على الورق

ما عجزت أصابعهم

من رسمه على ألواح المدارس

والتفت الفتى لأغصان السواحل هامسا:

ليس أبهى من العشب والماء

ولا تكتب اللغة سوى نشيد المعركة

 

شاعر من تونس

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1593 الأربعاء 01/12 /2010)  

 

في نصوص اليوم