نصوص أدبية

قصار القَصص

هل جلب أحدكم حمامة للدار؟؟؟

هل مررت بسوق الطيور؟؟؟

هل رأيت حمامة في دار صديق ؟؟؟

أيام مرت والحمامة المجهولة معي.. أتت الإجابات على كل أسئلتي بالنفي...  

 

2- تحولات الحروف اليابسة

(من عنده حرف يابس؟؟)،  جلب الصوت انتباهي ولكنه جاء غريبا هذه المرة اعتدنا أن نسمع (من عنده خبز يابس؟؟... من عنده مبرده؟؟ .. من عنده ماطور للبيع للتبديل؟؟(.)

فانا بحاجة ماسة إلى..والى..والى....extra وعندي كتب تكتظ بها غرفتي وتضايق زوجتي..نهضت... سحبت رزمة من الكتب امسك  كتابا تلو كتاب ( انكثه ) في كيس من أكياس الطحين الفارغة كمن يفرغ كيس حبوب ... أفرغت عدة كتب من حروفها وسط الكيس ثم رميت أغلفتها أعجاز  مقوى  خاوية فقدت أسماءها وأسماء مؤلفيها...

حدقت في الكيس لأرى كمية الحروف التي سأقايضها مع أ لمشتري الجوال لتبدء عملية التبادل.... فأذهلتني تحولات الكلمات التي هشمتها إلى حروف متناثرة... اختل نظامها ونتج عن اصطفافها العشوائي كائنات ومصطلحات ومفاهيم عجيبة غريبة ربما لا ترى إلا في أفلام الكارتون وأفلام الخيال العلمي...ضجيج كضجيج سوق الصفا رين أو كأنه يوم حشر الحروف... نعيق، ونقيق، وغناء، وبكاء، انفجارات وانهيارات...و..و..و حيوانات وكائنات، آلات وآليات غريبة. فمثلا تحول (عبقر) إلى (عقرب أوبر قع) ثم العكس تحولت عبارة  (نعاني من حمل المشقة) حال إمساكها إلى حبل مشنقة التف حول رقبتي... استيقظت فزعا وكانت تحيط بي قصاصات  أوراق ممزقة لمشروع قصيدة مكتوب على إحداها:-

ما حاجتي لأطنان من ورق

إني اختنق من تلال

الحروف وصور الفاتنات

وأتضور جوعا لرغيف خبز حار

وأنفاس امرأة جميله.

 

3- ابن أركون

صليل رماح وسيوف، هدير بوارج وطائرات، قذائف وعبوات حارقة ولاصقه:-

أنا من اختارني الرب، كلا أنا كليمه، أنا ابنه، أنا الخاتم ودوني منسوخ

قال ابن أركون:-

هيا بنا لنحتكم عند سادتنا، سأعيركم أجنحة عبور المسافات واختزال الزمكان.

أصابهم الذهول بعد إن (أسرى) ( ابن الأرض، هاهم أنبياء الله ورسله  يجلسون يتسامرون ويسجدون سوية....كل منهم ناشد سيده أن يدله على ربه، فأشارت جميع الأصابع نحو اله واحد وإنهم باسمه مسبحون وله ساجدون....ففيما انتم مختلفون.... أمروا ابن (أركون) ليكون وصيهم في الأرض،  أمروا المتخاصمين:-

أن  اخلعوا أقنعتكم وعودوا الى الأرض خائبين.

 

4- انتحار طبق

 طبق من الخزف يرقد بزهو وهو يلامس كأس من الكريستال، ينظر إلى طاولة الطعام، التي اصطفت عليها أواني البلاستك أل(disposable) مستخفا بابتذالها هامسا في إذن القدح:-

بعد قليل ستلقى هذه الأطباق الهزيلة في سلة الازبال كأنها ذكور عقارب لا تحيا إلا عرس واحد، هل تتذكر يوم ميلادك  أنا الآن ابلغ الخمسين عاما، كم رأيت وكم مر على جوفي من أشكال وأنواع الأطعمة، ابتسم القدح أما أنا فقد كنت في يد القيصر الأكبر لا يدخل جوفي إلا الويسكي المعتق.

ولكننا الآن للعرض فقط، فقدنا مهامنا التي من اجلها ولدنا، فقد أصبحت حياتنا بلا طعم، لم يحتفظوا بنا إلا للتباهي لأننا نحمل صورة فلان سلطا ن أو إننا كنا ضمن طقم  مأدبة فلان ملك أو امبرطور أو قيصر.........

انتحب الجميع فتناثرت شظايا أرواحهم في معرض النفائس والانتيكات،  سرعان ما أخذت طريقها إلى مقبرة القمامة وسط هلع واستغراب ونحيب أصحاب الكروش وزوجاتهم وخدمهم.

 

5- محنة الأعداء

قفز القط  على ورق المقوى المشبعة بسائل لاصق كثيف لاصطياد الفئران، فار يلامس فمه قطعة جبن، التصق فم القط قرب رأس الفأر، فعلق (المقوى) بفمه وأقدامه، اخذ كلاهما يكافح للخلاص دون جدوى، ابتسمت ربة البيت وهي تشهد:-

 جبن، وفار، وقط  يلامس بعضهم البعض، فلا الفار بالغ الجبن ولا القط ممسك بالفار....الكل ينشد الخلاص من الفخ دون جدوى .

 

6- نهش الكلاب.

باندهاش واستغراب كلمني صديقي، لقد رأيت اليوم مشهدا عجيبا لامرأة فقيرة دهشت ما رأيت وسمعت منها، اقتادني إلى بداية شارع السعدون، طاوعته بدافع الفضول، وكانت بالفعل مفاجأة كبيرة لي.

امرأة بدينة ببؤسها ترفع فستانها المهلهل  لتكشف عن عريها وتؤشر على عضوها التناسلي وتصيح:-

تعالوا (...) تعالوا (....)...... هذا، ماكنتم من اجله تركضون خلفي مثل الكلاب.. مالكم الآن تهربون فما زال كما كنتم تعهدون....

ها...هل رأيت، ما هذا الذي يجري ما لذي أصاب هذه المرأة الداعرة؟؟؟؟.

تعالت بقربنا أصوات عراك، تجمهر الناس حول رجل تمسك بتلابيبه فتاة وهي تطالب الشرطة لنجدتها وخلاصها من تحرشه وملاحقته لها..

لم ينتظر صديقي جوابا لسؤاله،  نظر بعين العطف والأسى للإمرة الفقيرة المخبولة، مرددا مع نفسه وجدتها...وجدتها.

 

7- ابتسامة العفن

 يدهن وجه وفروة رأسه بالبراز والأوحال، لا ياكل أي شيء قبل أن يغمسه في ساقية الأوساخ العطنة التي يتمدد في منتصفها قرب رصيف الشارع،  اغرورقت عيوني بدموع الحزن والأسى لحاله.

غشاوة الدمع غطت بصري... فوجدتني وكل من يزدحم بهم الشارع وتزهو بهم الأناقة المشعة  اللامعة نتلذذ بقذارة بعضنا البعض، مسحت دموعي (المأيسنة) وانحنيت له إكبارا وإجلالا .....

رمقني بنظرة وابتسم معرياُ وهم نظافتنا الزائفة.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1594 الخميس 02/12 /2010)

 

 

في نصوص اليوم