نصوص أدبية

محمود ..غائب حنين الارصفة

سافرمحمود وترك في نفسي غصّة وبقايا للآلم لم تستطع اجهزة رصدي الزلزالية وتحسسي ان تعرف أين مقارها؟ أين مستقرها؟ أين رقادها أين إغفائتها؟ لقد قتل سفره حلمي الجميل بان انوء بجبل الحزن معه سويا نلاعب تقلبات الوطن وهمومه اليوميه ونسطرها كتابات نبض او كتابات كتبرع دم قدر المستطاع فلم يكن في أوهامنا رسوم طفولية للامام إلا إمتطاء احلام نصوغها سوية علها يوما تسمو في قمم تمنياتنا بوطن سعيد لافقر فيه لان الآفة القارضة ترتسم في ذاك الوحش المهول السطوع بين الناس أسمه الفقر!

اخرجني محمود عدة مرات من صومعتي وكان في إجازاته القصيره يجعلني المفضّل الاول لإختياراته.. وأول من يزور ثم يجول بي في تلك منطقته الشعبية لننغمر بين ضلوع الرؤيا وإحساسات الناس ونتقلب سويه في ارصفة فضائتها اللامرئية هموم وغم يتقمص عيوننا التي ترى مشاهد الصبر مغللة لرقاب الوجوه... ووجوه الرقاب..

كنا ننتشي بالتحيات ومحاورة الناس والتامل بفراسة وفروسية في مواد المواضيع التي نرسم إطاراتها ونحن نمزح اونشرب علبا للبسيي كنا محرومين من زجاجياتها سنوات وسنوات..

سافر محمود وكانت أرصفتنا الودودة تبحث عنه وتسأل؟ هل حقأ لن يعود؟ هل حقا سأراه يوما ما ونحن بلغنا عتبة الخمسين عمريا والعشرين سنونا وطاقة وجموحا وروحا نصوصية للمقارعات الفكرية النهوض؟ فلم يبق في العمر ما نسوق له التمنيات بزي الخداع ...

غادرني محمود.. ولم يترك لي دمعة اسكبها على ملف ذكرياتنا...فمن جهة افرح له للمستقبل الذي رسم بأبهى آيات الفرح ومن جهة أخفي آلم الفراق اللعين بين احداقي وخاصة عندما اجوب لوحدي أنهار حديث الارصفة الموسومة الموهومة بيننا لخطوات كررناها سنوات فأسير وحدي والتفت إليه فلا اجده وأقول جاء العيد ولم يتصل محمود فأعطيه العذر تلو العذر حياة جديدة.. خوض غمار بنائي عائلي قاسي التصور ... فراق للاحبة.. إنشغال..

ولكنه هنا غادر بجزء من حياتي وصياغاتي وتلوعاتي ..غادر بجزء لاتتحمس الاقدار ان تساعدني لوحدي على هضمه الفراقي.. كنت احس إنه جنبي وهاهي سطوعية الفاترينات ودوي المولدات الأهلية وصخب الأرصفة التي جبناها سوية سدى..وذكريات الرياضة وكرة القدم وسنوات الفراق اللعينة كلها لم تحجب ضحكته وروحه المتنافسة مع القدر...ياه!

ما أصعب مسائية اليوم! تحاول دمعة أن تقفز؟! تتأهب للانتحار!

لاأخرج ليلا وحدي أبدا إلا بمجيء محمود لجولته لتفقد اللاناظرين توقده التفقدي! واليوم خرجت وحدي فلم يكن في اوردتي إلا نداء بفقدان محمود للابد فلست من الراسمين اوهامه..تأوهت ...تألمت... شجنت .. حزنت ...تحسرت.. تنهدت.. تفكرت ..شهيق وزفير ونداء نداء للاوردة...لن يعود لمآقيك محمود بعد اليوم لتحتضنه محاجري وتسجنه دموعي وتنطبق عليه أجفاني..وإن عاد وهومحال...فسيجدني ذابلا الرواء كليم... متشبثا بذكريات عبرت آفق خيالي..

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1603 السبت 11/12 /2010)

 

 

في نصوص اليوم