نصوص أدبية

يُتمْ بمنجنيق الغضب

انثى كانوا يرون على جبينها اللجيني نسمات خير وبسمات سرور مفقودتان بيئيا!. راجع الأب مع القابلة المآذونة شعبة الإحصاء لنيل شهادة الميلاد وتصديقها و لسرعة التسجيل في البطاقة التموينية وإكتناز علب الحليب  المجانية الممنوحة للرضيعة لبيعه فأمها مرضعتها الطبيعيةولما وصله الدور سأله موظف السجل ماذا أسميتها؟ قال الأب لم اختر لها اسما، انفرجتْ بغرابة آسارير الموظف المقطّب الجبين ذو السحنة المقيتة الرؤية المقرفة عند التحديق وهو يرتدي بدلة الرعب الزيتونية متفاخرا فقال سأختار لها اجمل الأسماء ولاأظنك ستعترض! تبسم الأب صاغيا: قال ساق شجرة الزقوم.. سأختار لها اسم حلا! وبمجرد نطق الأسم بالتداول اللفظي تأجج الموقف بين المراجعين! كأن صاعقة هّزت أركان الغرفة او قنبلة صوتية انفجرت في الأرجاء، ثار لغط وهمهمات هرب بعضهم ووجم البعض ولجم لسانه وانحنت اغلب قامات المراجعين كأنما على رقاب رؤوسهم المتحيرة، الطير وأرتبكت أيادٍ البعض فتساقطت منه الاوراق بإرتجاف ومنهم من أنسّل مستغلا قربه من الباب فكأنما فجرّ الموظف بإلاسم حلا: قنبلة يدوية دخانية في الغرفة الكريه فيها.. المتنفذْ... كان الجميع يعي أن حلا مدللّة السلطان الجائر قاطع الرقاب اليانعة او التي في طريق الينع! ولم تجد زمنا لكي تينع.. وإن اسمها مرتبط بالحلوى و الحلويات ممنوعة اللفظ والتداول والمذاق والسبب الحصار و شحّةالسكر في الاسواق! بل ومن يتكسب بالحلويات يخرّب الاقتصاد الوطني ويساق كالاغنام في عيد الاضحى لمصير محتوم! فالمشروبات الغازية ممنوعة والكنافة سلاح ذري ممنوعة والبقلاوة فريدة الطعم بالتمني في اللسان بلاتذوق صمت الأب، تملكته الرهبة وضيعّه الإرتباك فقد كان صمته الرهيب ناقوس خطر داهم عليه فالسكوت هنا ليس علامة رضا في عقود الزواج بل يثير شبهات شرطة كوكب نبتون المرتدين الزيتوني والمنتشرين في كل ثنية ومنعطف وزقاق!! وبينما التحديق والتفكر يأسره، نهره الموظف بعنف وتقريع: لماذا صمتت؟ تبقون متخلفين! تتداولون اسماء التاريخ للتبرك والتيمّن! ألم يعجبك الأسم؟ حلا... حلا.. وأخذ يرددها كأنشودة على طريقة الأداء الاوبرالي بتضخيم مقيت لصوته الجهوري المبحوح ونبرته المتحشرجة وسحنته الأشبه بصخرةجلمودية ..حلا! الاتفكر بمميزات الاسم؟ والاكراميات التي ستنالها و قد يغدق عليك بها السلطان في المناسبات؟ ثم عنّفه امام الجمع المتوتر إرتباكا، منتفضا كالطاووس المنفوش ريشه لانه يعرف ان البسطاء هناك يرتعبون من لون الزي الزيتوني حتى لو ارتداه حمالا في سوق المدينة! فكيف بسماع أسم حلا مدللّة السلطان؟!!

عندها قشع الأب غيوم الصمت فيه فتحرر فمه من أسر قيد الذهول و مزق شرنقة الخوف وأنفرجت أساريره فجأة فقال للموظف: ياعمي: الأسم على رأسي خير الاسماء واجلّها وإبنة القوم الاكارم الافاضل الاطياب! ولكن انت تعرف بيئتنا هنا فهذا الاسم بين اولادي لااستطيع رميه حتى بمنجنيق  صوتي عند غضبي! وهي أبنتي ولااستطيع شتم ابوها وهو انا: لسبب كلنا نعرفه إنها سرعان ما تصبح بوجودكم في كل آن ومكان: يتيمة!!

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1606 الثلاثاء 14/12 /2010)

 

 

في نصوص اليوم