نصوص أدبية

ُم علي الخبازة (1)

أقطعُ طريق العودة الى بيتي ..مستحٍ من سؤال ..يدور بخلدي

هل إنتقلَ الاهل ..أم أنني غفوتُ قليلاً..؟

أُنادي على صاحب السيارة ..يا..نسيتُ إسمه ..هل وصلنا ..؟

فيردُ عنه لهاث الطريق وشمسه المتوسطة قِباب السماء ..

ما من احد يعرف ..أنا المطالب المزمن بزيادة السرعة وكأنها

المرة الاولى آتي فيها مجازاً ..؛ عويل ولغط كثير يصمُّ أُذني

ويحطمُ احلام اجازتي الصغيرة ..دار من نسأل ...؟

أنا والسيد الاطرم ..فتوجهنا بقلبٍ واجمٍ وانفاسٍ شدّها خوف

السؤال ..الى بيت المختار ..وهناك شيء ما يقطر على (قمارة) السيارة

إذ تلونَ وجهه قبل السؤال .. المسكين اولاده معنا ..

ولمجرد وقوفنا بباب داره يعني لهُ الكثير ..ولا يعني توقفه عن الصلاة

فصحت بهِ .. كيف تتركني وجمهرة هؤلاء أشرقُ بالاجابة ..

.. ايها الاطرم ..؟

كأني أُسائلُ نفسي  .. فكيف لمثله السمع وقد أربكهُ حرَّ الطريق

وتدَفقَ عرقهُ من شمس الغيض ولسعة السؤال ..حتى صار هبوط

ضغط دمه حتميا وإنغلاق أُذنيه فوق ما بهما من الم الازيز بديهيا

تناولنا المختار بنظرة صقرٍ مكسور أُصتيدَ لتوه

بماذا جئناه من خبر ..يثكلُ أي أُم ؛ وأي بيت سيعلن لافتته السوداء

إضحيةٍ ومزار .. لا  أتذكرُ من إستاجرهُ  ولا أعرفُ إن كانت لديهِ

إجازةِ سوق؛  فثكناتنا العسكرية صارت مُرَكَبٍ غير متجانس

يظمُ عناصرَ من عاهاتٍ شتى .. الاعور .. الاعرج .. الاطرم

ها .. إبني  ..تفضل آخذ منك بعض البيانات ..أجاب المختار

أي بيانات ..يريدها .. فما مررنا بسيطرةٍ وما أكثرهن على طول

الطريق الا ودونوا بياناتنا  ..بيانات ..بيانات ..كل ما هناك أننا

أضعنا الطريق ..فقط لو  همَّ ...هذا المعتوه ..بالسؤال عن بيت

أُم علي الخبازة .. الجميع يعرف بيتها حتى من خارج المحلة .. فخبزها اشهى من خبز الافران المطاطي  ...ء

أجزمُ الان ..ان السائق يعاني ضعفاً بادراكهِ الحسي إضافةٍ الى طرمه

فليس معقولاً ان يبقيني متسمراً هكذا ..وتلك العيون الغارقة بالدموع

تتفحصُ ما بداخلَ الصندوق ... وهو لايبالي ..يتصببُ عرقاً ... يدخن ..يطقطق اصابعه .. يدخن

وهذه البدلة تخشبت من العرق ومن هذا الذي يقطرُ

ربما ..لا يعرف قيمة هذه البدلة .. اول من اوصاني بها .. نائب الضابط

جوامير الاشهب ..يوم استلامها لي بيومٍ قائض كهذا ..إذ قالَ ..

حافظ عليها فهي على مقاسك .. ونادراً ما تجد بدلة على مقاس جندي

لكم تمنيت ان أعتذر لهُ عما بدرَ مني ومنا داته الاطرم

ابني رابع فرع على يدك اليمين .. قال المختار.. بيت أُم علي الخبازة

ركبَ سيارته (تكسي كراون) ودخلنا الزقاق .. تفحصتُ الوجوه

أعرفهم .. ولا اتذكر اسماؤهم ...تيبس فيها الخوف وامتصَ الدمعُ

بريق العيون ..خطى الجميع من أمامِ بيوتهم حتى التحموا بالسيارة

وبدأت انفاسي تضيق .. وتضيق

أنا الوحيد الذي يسمعُ دوي قلوبهم

تقدمتْ امرأة وسألت عن الاسم

علي جبار جلوب ..أجابَ السائق

صرخت ..  يا عيني ..إبن أُم علي الخبازة

جبار حمادي

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1144  الجمعة 21/08/2009)

 

 

في نصوص اليوم