نصوص أدبية

تبّاً لسقراط

 فيكون الناس في عينيه سكارى، ويكون هو نادلهم في البار، على زعم أنه ليس واقعاً ضحية السكر مثلهم، فإذا تبصَّر في سيره جيِّداً، رأى أنه يحلِّق في فضاء البار أثناء المسير، ونظر إلى تحت رجليه، فرأى أنَّ الناس ليسوا سكارى بالضبط، بل هم متقوقعون كالقنافذ في داخل جحورهم، فإذا تبصَّر في الجحور أيضاً اكتشف آنذاك حقيقة الجسد.

فإذا دخل العالم من ثقبٍ وهميٍّ في قمَّة الرأس، لم يصب الفيلسوف بهذا الداء، فرأى كلَّ شيءٍ على واقعه، لكنه يراه بالمقلوب طبعاً،لأنَّ العالم أثناء الدخول إلى رأس الفيلسوف من هامة الرأس يضطرُّ إلى القيام بحركةٍ رياضيةٍ، من قبيل ما يجعله واقفاً على كفيه، وقدماه إلى الأعلى، ولهذا يشكو الفيلسوف دائماً من وجعٍ في عضديه، وفي كفيه كذلك، كما انَّ سيرته شاهدةٌ على أنه أثناء سيره الطويل غالباً ما يشعر بالإضطراب.

امرأة سقراط على حقٍّ في رأيي، وإن كنت طيلة حياتي متعاطفاً مع خصمها الألدِّ سقراط، فمما غاب عن أذهان مؤرِّخي الفلسفة كلِّهم تقريباً أنَّ هذا الفيلسوف لم يكن ينصف النساء من نفسه، فكان ينظر إليهنَّ بوصفهنَّ جماجم موتى، ولهذا كان في الأعمِّ الأغلب يصبغ جلده بالبياض ليلاً، ثمَّ يقوم بخلعه سرّاً، ليكفِّن امرأته الشقية وهي بعد نابضةٌ بالحياة.

سقراط واهمٌ جدّاً يا سادتي، وأنا شخصياً لا أرغب في أن أوجد في حفلة زفاف أفلاطون هذه الليلة، لأنه قطعاً سيكون مولعاً بالحديث عن حكمة سقراط، إذ كفَّن النساء جميعاً، وهنَّ بعدُ لم يفارقنَ الحياة.

 

[email protected]

 

 

 

 

في نصوص اليوم