نصوص أدبية
مراثي غيلان.. العنبة الهندية
إنه ذلك المزيج الأسطوري الأصفر المضمخ بالفلفل الحار وقطع اللب الذي تأبـّدَ قرينة ً لاهوية لصالة عرض أفلام لي من دونها، لطالما ظللتُ أتحرقُ شوقا ً لتلك الظلمة المفاجئة والصفير الصاعق ومقدمات الأفلام السريعة.. لتلك النكهة الحريفة والمذاق اللاذع، حتى أن رياض وهو مصابٌ بجراحه في مستشفى مندلي كان لايني يذكـّرني - على الرغم من آلامه - كيف كنت أصيح على بائعها في صمت الصالة وظلمتها:
- تعال أبو العنبة..
بلا استئذان منه أو حساب لجيبه الذي يعود به خاليا ًتكـّرما ً لي بالعنبة الهندية.. كيف تسنى له أن يتذكر شهيتي لها على فراش جراحه بلغم بتر نصف قدمه اليسرى؟
قال فجأة:
- تتذكر سينما سيروان في أربيل؟
- نعم أتذكرها تماما ً
- كنت أكثرنا سعادة بأفلام الحروب
- نعم ومازلتُ
- لاتخدعنك أفلام الحروب، فالموت لا يحتمل مزاجنا، دعني أقـّبلـُك أيها العزيز.
وراح بعد هنيهات في إغفاءة عميقة !..
تمنيت ُ أن لا تجتمع نكهة العنبة الهندية التي ذكـّرَنيها رياض ونكهة المعقمات وعطن أكياس الرمل التي حـُصـِّنـَتْ بها شبابيك مستشفى مندلي .. بنكهة أخرى، مقرفة تماما، كان لابد من ألإحساس بها كلما تذكرت سعادتي بأفلام الحروب.