على أن القيثارة جنوبية بدليل رائحتها المضمخة بنكهة الغرين والضفاف الفراتية وأنها بذلك تختلف عن كل قيثارة شمالية، ما صدقوه وذهبوا مطمئنين لحقوق أذنابهم التي لم تقطع بسبب الولاءات المصادفة..! فآستمرت مهرجانات الفرح طيلة السنوات العشر اللاحقة مباركة وملغومة بالأحاديث الجغرافية عن هدية الوزير الأكبر مما أغاض حفيظة الوزير الأصغر المكلف بسلامة الأحجار القادحة للزند الموري لنيران التدفئة العامة، ولأنه كان عديم الحياء فإنه رطب كل أخشاب البلاد بدفق منيه العجيب المانع للتصريح حتى في بقية أجياله اللاحقة لطوفان النفط ألأعظم ذلك عندما أبحرت ولاءات ألأرباب إلى الأقاصي الجبلية وأرسلت بعد أيام طائرا يبشر بالعذاب الأكيد. في تلك اللحظة بالذات كان شيوع السحاق يؤثر تماما على حزم الوزير الأكبر وهو يأمر بشحذ همم الجند حول المدن المحاصرة تنفيذا لرغبات رب الأرباب المولع بتبريك أعراس العذارى وآفتضاض بكاراتهن بنفسه، مما دفع المقربين من سلالة القرود يوم عجلوا برفاته إلى مزاولة مهنة الحساب المبكر لأخطائه بلا تاريخ، وما علم أحد كيف تمكن الوزير الأصغر (على الرغم من ضآلته) من إختراع الجرافات القادرة على محق تواريخ الآخرين ليستأثر بحظوته التي آستمرت حتى اختراع منصب الأمين العام للأمم المتحدة مع أن غياب النيران ما منع ارتباكه من وطنية العامة في أنهم يفترضون الدفء حتف فيض رطوبة منيه العجيب..! وما علم أحد كيف تمكن هذا الوزير من إقناعه بإهانة جنرالات حروبه الباقين بلا حروب يخططون لمعارك أكباشهم التي ملت قيمومتهم على قطعانها المسالمة يوم تناولوا عشاءهم الأخير معه على شرف الحزم الذي أضاعه الوزير الأكبر بسبب السحاق المبكر لبناته، فتقيئوا قيرا أحمر مليئا بوجوه الشهداء المتروكة على مشارف المدن التي خذلتهم وأغرت ألأغنام بآفتراس كلابهم الموكلة بحمايتهم نكاية بما أضاعوا بعد ذلك من حقوقهم الشخصية، فقد قالوا
:
- ما ألفنا الزمان بما نراه، وما رآه من رآه، وما عرفناه، وما ننكر رؤياه على وجوهنا في المياه .
فراح الوزير الأصغر يرتع في الطين مع رب الأرباب، ينكل بنفسه ويؤخر نزول الرجال عن الصلبان حتى صاحت أمهاتهم يوم قذف البيت المقدس بالمنجنيق :
-أما آن لهؤلاء الفرسان أن يترجلوا؟
وتصاعدت بعدها صيحات الرجال من شرق البلاد، فآنقسم الشعب الى منجنيقيين ولامنجنيقيين، وأضطر الأولون الى ترك التوكؤ على القيثارة وحساب الأخطاء المبكر، وأصر الباقون على ترك جثث الشهداء قبالة الحصون المنيعة ..! لكن ما تردد بين محظيات القصر أن رب الأرباب يصطحب الوزير الأصغر الى قيعان الطبقات السفلى من الدرك السابع تحت الأرض جنوبي قاعة العرش التي غنى عليها كاظم الساهر بعد آلاف السنين بصحبة عازف الكمان الأسطوري قصي شبر الذي تشبث عند جنديته في الموسيقى العسكرية بأتفه وأرقع العرفاء لأجل ساعة تأخر واحدة عن العرضات بعد عشاء ليلة حمراء مع الكاولية، ليتفق بعد كل ذلك أن خرج الوزير الأصغر من قيعان الطبقات السفلى تحت الدرك السابع من الأرض وهو يصيح ملء حنجرتيه مدويا :
-يا غجر العالم ... إتحدوا.
22-2-1997
............................
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1783 الخميس 09/ 06 /2011)