نصوص أدبية

تَعثرٌ يافعٌ

من نسج

واحدٍ،

 بتمعن وبعد أن فتش في خزائن

مخطوطاته أسمى ذلك بالعشق،

 الكون المُتناغمِ،

 لعبة

الأنثى والذكر؛ من بعيد جاءا دون

 هبه الولادة،

لم يطلعا

من بطنٍ واحدةٍ،

 امرأةٌ علمتها الملائكة قراءة كل ما

يَدبُ على السطحِ،

رجلٌ بالكاد يتلمس دربه،

يَجمعُ الأعشاب، ما تكون

 ببطء

وامتزج  بالغرين، يرقات

تشبه الأسماك بحلتها الطافية

فوق المياه وقد شرعت

 بالتحرك، تحت قشرتها اللينةِ،

 ربما ثمة ما يُغذي

ويَمنحُ

 الاثنين وعد بالحياة الغافيةِ

حين يشب ويرتوي الزرع.

رأته يرفع رأسه ويخرج من نافذة الغيم،

 يتلمس

من حوله

لون وشكل العتمة، أو يعوم كالقشرة

مع الأمواج،

 الزبد يملأ

فمه ويحثه على البوح؛ يوم بعد آخر

تماسكت

أوتار صوته،

نمت فيه، لا يدري كيف ومتى حاسة

 النطق،

في الليل

كان صراخه يملأ باحة الكون،

يمزق الوشاح الرقيق

فاصلاً

المياه

عن السماء المُتمازجةِ؛ لم تفارقه عينها وظلت

 ترقب المشهد،

منذ ذلك الدهر السحيق والأنثى تقبض على مفتاح

الواقع.

أعمى، أخذته بأطراف أناملها، برقتها الخافقةِ،

كان صوتها

ضائعاً،

 لم تقوى بعد أوتار نطقها، قادته نحو بقعة من الأرض

للتو كانت قد وضعت من فوق عريها حفنة الرمل،

بمشقة أقعدته على الحافة، جلست قبالته،

من تشابك الأصابع، الآثار التي تخلفها، تمكنت

 من الهمسِ :

ما نفع اليرقات وخيوط الأعشاب يسوقها نحو الضفة

 ذلك الزبد؟

تملكته رجفةً، مَدَ يداً على جانبهِ الأيسرِ،

فوق صدره،

كاد يُغمى عليه

للمرة الأولى يسمع نبضات قلبه.

 

2-

دون صوت، بعينها المفتوحة على صورة

 الخلقِ،

رأت كل

ما يحيط الكون من فتنةٍ، باركت الأعشاب

والقشور القادمة مع

الزبد؛ الليل على حاله ظل دامساً، باركتها

كصدى

 لعشقها المكتوم

في لغات الجاهلية وقرطاسها المُحيرِ،

 دون صوت، بروح

ويد سالمة، سحبت قطع الطين من تحت أقدامها،

 منحتها شكل المربع،

المستطيل والمثلث، قربتها من شعاع الشمس

وقلبها يَرجفُ،

 آملةً أن

تكون ساخنة كالرغيف الذي لامسته لاهثةً

 حرارة التنور وناره

المقدسةِ؛ ستكون لوحاً،

في سريرتها صارت تهمس، على

اللوح سأنقش للأعمى أبجدية التكون

وما في الفضاء من سحرٍ،

عله

باللمس والخيال الممنوح لكل ما يدب

على الأرض،

 يفك الشفرة، يُصغي لقلبي الواجفِ،

يأخذه هاجس أني كنتُ ألتقط أنفاسه واعدها، كما تعد

العقارب دقات الساعة، الليالي الطويلة والسهرِ

من الأنثى طلع ضوء الكتابة، كهديل الحمام،

أو انعكاس الوجه

في مياه الينبوع الناعس، تمر العصور وتدور

 الأفلاك من

حول اللوح وهي تنقش وتنقش

هيروغلوفية المسامير وحيواناتها

السارحة في الحقل الأبيض، ورق التبن

أو وميض اللحظة؛ في الدياجير التي سدت عليه نعمة

البصر، كان ينازع نطقه، أعمى، مرة يحلم بالوتر

الحساس وما له

من نغمة، ومرة أخرى بأغنية توقف الطير المهاجر

وتسر له، نائحة كأغاني الجنوب بالعودة إلى دار

 أهله،

بجانب الغناء والنطق ظل يُردد :

يا نور عيني

يا نور عيني

كم أحبكِ، لكنها لا تَسمعُ،

 تكتب، تنقش :

أموت فيكَ

أموت فيكَ

على الأرض ما هزني

الشوق لغيركَ، وقبلكَ ما كنت

سأكتب على اللوح كالصائغ

اسمكَ، في النهار الزاهي بحلةِ الملائكةِ

أو حين تجتمعُ، تتكاثفُ وتحطيني كقبيلة

الغيوم والبرق المُنذرِ بالخطيئة والذنوب

الواهمة،

أحبكَ، عارفةً بالحجارةِ ورجم الجسدِ

المتضوعِ

في الساحة التي ينظر لها منْ

منحَ السماء حياتها وللمياه

مجراها

العتيق

والقادم،

 أحبكَ

 يا أعمى

الكلمات

والهمس. 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1176 الثلاثاء 22/09/2009)

 

 

في نصوص اليوم