نصوص أدبية

سيرة الرحلة الثالثة

سفرا بلا سفرٍ

.....................................

 

كانَ هُنا

صَاحَ بلاَ صوتٍ

قُلت أنا

إذ أسكب له رحَبًا

لونًا عَتيقًا

و مِيراثَ الأزل

وأرى علي اللونِ فرشاةَ أسنانٍ

معالق للأكل السرمَدي

و للنازحين منِّي

أفواجا تَتَملَّقُ سِربَ الحَقِيقَة

........................

 

كنْتُ

ألفُّ سَجائِر بخسَة

لأبيعها للسَّراب

وأطير على الأخمصِ السَّبعِ

من رجْلِ حربْ؛

يقطعها رخ شطرنج كل يوم

بيرقٌ من بانِ الخشبْ

.........

 

لمْ أكُن أبدَا هُنا

لكنْ كنْت أهْذِي في المنَام

ولم أكنْ

ذاك المعلَّق في شكِّ المفَاتِيح

وَلاَ

ذاكَ العُمرْ

كلَّ حَيْنٍ

يتخفَّى فِي جِرارِ الزَّيتْ،

قلالٍ ،

مخَافٍ للمُصبَّرات،

و خلٌّ صنع جدَّتي الغابرَة

.....................

 

لست انت المموه في اسراب طير مهاجر و لست البحر ،

تفتح ملوحته لماء انهار سكََّرٍِ عذبٌ مذاقُهَا

....................

 

الآن أسجلُ أنِّي كنْت هُنَا

لأعودَ إلى ساعةِ الفجْر

أقولُ صباحَ خيرٍ والمسََاء

فقهوة اليوم مازالت حليبا

ومازِلتُ أنسَي

على السَّريرِ لِحافَ نومٍ

يتغنج في تقليب شرشفٍ أصفر فاقِعٌ

لَونُ ثيابٍ بلا رائحَة

..........

 

لن تعُود إذا أبدًا

قبل أن يمضي القطار بالصَّوتِ المُزمْجِر

و الدُّخَان

إلى مدن الموتى

و مدُنِ تحْبوا لتحْيََ

في أسْطر لا تفهَمُ فيها الكتَابة

لأنَّكَ كنتَ هُنا ،

تُعاكِس أحرفًا عِتقُ الكَلاَم؛

هُيامُ منازلٍ ناعِسَات

......................

 

سَتقتُلكَ المَدينة

نعَم

ستغتال كل يوم قَامَتك المديدة

و تأكل منك أَمتارًا ثلاثة

لتصبح في آخر الأَفلامِ أقزامًا تهرِّج؛

أنتَ هُنا المتسَائِل عَمَّا

ودائمًا عنْك

وعَنْ اسْمك المَمْحوِّ من ذُبابِ الكَلاَم

لأنَّك تمْضي حتَّى هُنا

وَلن ينتَه فِيك المكَان المسَوَّى بطْحَاءَ سُوق

ولَن يكُون

غير أن تَرْوي

انَّك لَم تكن أبداً هُنا

....................................

 

ستكون يغلبك حرفك، و تشيب و تتملق معناك فيوصد بالمراتيج،

و تغلق ابوابك عنك فتتوه في نعالك و تعود تفتح صدرك مرة اخرى...

....................................

 

سوف يتَّئد المكان و تضُمُّك رَاحتََاك

لتعبُر في الصَّيف طريقًا موحِلة

ماءًا و طينًا و صَلصَالا

نُطفة نورٍ ضَائِعة

شظْية ماء

....................

....................

توقَّف إذًا

ليقول لَكَ الحَادي

امَّا بعْدُ :

سَيُبَلِّلكم كَلام سُكْرٍ

يرفَعُكُم تَرتِيل أَبياتٍ قديمَة

منازِلُ الفَوْهِ المعَمَّم

وتنفتِحُ السَّماء علَى شَبقِ الزُّهور

وأقداح،

وبتلاتٍ،

و تيجَانٌ ذابِلة

سَيقُول إذا

قدْ جَازت القَافِلَة

لَمْ تَعُد حُفر الطَّريق تُعَنِّيكَ المَسِير

ولم تكُن أبداً هُنا

 

سعيف علي

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1181 الاحد 27/09/2009)

 

 

في نصوص اليوم