نصوص أدبية

سارق المانجا / هشام ناجح

أزيز سيارة الجنيرال بيريرا يملأ الدنيا، إنه يطارد الهندي الأحمر سارق المانجا .

الضاحية فارغة .. هناك متسع من الوقت للأعاصير الصغيرة .. تتلاطم القنينات الفارغة فيما بينها .. تتناوب على دخول كوخ الهندي الأحمر المتداعي للريح من كل فوهاته .. تتصاعد بقايا المانجا كاشفة عن حبه القذر؟لهذه الفاكهة .

الأشياء الجميلة تكون دائما هشة .. القطة مونيكا متكورة، ترقب أبناءها السبعة .. يتقافزون، ويعبثون بسروال هاكا .

لازلت القنينات الفارغة تقارع بعضها .. العجوز نثانيا بائعة الورد تتسلل على مقدمة أصابعها .. ترمي ببولها من سطلها المعدني على كوخ الهندي .. العدواة واضحة بينهما .. لايعترف إلا بإلهه " إيها مهي " . ويسب العذراء "كوادا لوبي " سبا فاحشا :

"هذا جزاؤك يا وجه الشؤم، قد أبول على قبرك في يوم من الأيام، وهذا كل مبتغاي ".

تدب إلى بيتها .. يقعقع السطل المعدني  من جوانب مقبضه .. تتصاعد الرائحة .. تجذب بأنفها إلى الوراء، متوهمة بانقضائها .. تزداد عيونها احمرارا .. إنها تعاني من الحساسية منذ السبعينيات، عندما كان بينوتشي يطلق غازاته السامة في حملاته التأديبية " موت في الشيلي ".

ستسافر في الغد إلى العاصمة سان تياغو لزيارة ابنها فلو رونتينو .. يعمل أستاذا بمسرح انطونيو باراس .. كان دوره الأخير في مسرحية "الأبله " مثيرا للضحك .. يلبس في أطرافه العليا سروالا، وقميصا في أطرافه السفلى .. تتمرغ من الضحك ملتفتة إلى الخلف، فتقول : " إنه ابني الوحيد .. كان لامعا منذ صغره ".

لقد نسيت أن باقة الورد التي ستحملها كهدية سرقها الهندي الأحمر هاكا لإلقائها في النهر لتطهير روحه حتى لايلاحقه غضب الإله " إيها مهي ".. ستفكر في هدية جديدة .. بيض الإوز الذي يعشقه فلورونتينو .

ساعي البريد كارلوس فلانتي يعتمر قبعته الشاحبة .. تقبر وجهه النحيف المتناثر بشعيراته الشحيحة البيضاء .. تلوك دراجته الطريق وهي تدوس وتطقطق الحجارة ..المحفظة الجلدية تميل به إلى الوراء كلما أرادصعود ربوة صانع الأسنان ميجي .

يكرهه الهندي الأحمر كرها بليغا .. يماري في أن جمعية المساعدات بالولايات المتحدة التي يترأسها ابن عمه تبعث له بحوالة كل شهر لكن كارلوس فلانتي يحتفظ بها لنفسه .. يملأ الطريق بأشواك نبات القراص حتى يعطل عجلات دراجته :

" أين أنت أيها الهندي الحقير ؟"

يتعاقب مواء القطط .. يتناهى إلى سمعه :

"أعتقد أن إلهك مسخك هذه المرة إلى قط أيها القذر ".

الجنيرال بيريرا لازال يطارد الهندي الأحمر سارق المانجا .. ساعي البريد ينتظر طويلا .. يرمي بأول حوالة في قلب الكوخ المتعدد الفجوات .. كانت أيام أكتوبر الأولى حزينة بالفعل .

 

 

هشام ناجح / المغرب  

في نصوص اليوم