نصوص أدبية

بتول / حسين عجة

بتول، هدية السماء الموشحةِ عسى أن تبتسم النافذة، ربما يتدفق الغيث بالقرب من صومعتي؛ هي وما تنطوي عليه من فتنةٍ، أخشى نطق وكتابة اسمها من فوق جدران، يا للحيف، مصبوغةً لليوم بالدماء والمراوغة؛ ملطخة.

 

سلام لحياء ابتسامتك. ينابيع قلبي تَهللّتْ فرحاً لتجوالك في شارع بورقيبةِ حين انقدحت، وكأنها جنة أشجار باسقة، أول شرارة في هشيم اللغةِ.  تونس العاصمة. عام مضى وأنا، في مناخ العقم الذي قُذفت فيه، أزاوج ما بين فتنةِ البحار، أعوام الستينيات، وردح الفتيةِ المتواصل في الميادين؛ تعز معجزة، فقراء مصر معجزة، الخبز المُنهك في حمص والذي سُفكت من أجله دماء طفلة هو الآخر في دفاتر أرواحنا معجزة. ملحمة.

 

مالك حداد ليس مصادفة، بغية القفز من فوق عثرةٍ وثقل كآبة متأصلة؛ كان يغفو كطفل مدلل في تخوم ذاكرتي السادرة، لكنك أنتَ من أيقظ فيَّ ثانيةً جمرته، قبيل أن تشب النار في ثياب البوعزيزي بأيام عطشى ونادرة؛ حين أحتظنته هارعاً إلى الدار كزاهد يبلُ ريقه بقطرة ماء طاهرة، من آبار أسلافه الهائمين عشقاً في ليالي الصيف، جنون المسامرة.

 

2-

في باحة الأرقِ، حيث تتدافع الظنون

والأفكار العاثرة، غرين الروح ولهاث اللحظة  

 تخطو امرأة حافية القدمين، باحثتاً

 وركام الحزن

يلاحقها، عن ساقية الحياة، تتلمس في العتمة

ما يدبُ ميتاً

تحت أغصانها وبتلاتها

العاشقةِ؛ وجه العالم وذاكرته المُضيعةِ

أخوتي الثلاثة، زوجي وجارتنا بائعة الورد

قتلوا وكأنهم لم يعبروا ضفتي القنطرة، ضحك وبكاء

الأزمنة، قالت وهي تحدق بالشظايا المتناثرة : منْ

ينهش لحم بغداد، يعلك لحم أحشائها الساحرة، يخنق

سحب أنفاسها المقطعةِ.

 

3-

أنتظر من اللوعةِ، من نافورة الصمت ما يزيح

تراكم الصخور عن ينابيع الزهرةِ، ما يوقظ علناً

أبجدية العناق ويعطر الخطوة، سأمنحه سلال شهيتي

الأقواس المخطوطةِ في هامتي، يدي، وجهي، قافيتي،

سنعبر معاً حواجز الخوف، قوافل الجوع، طوابع الخيبة؛

ربما لن أستيقظ الليلة على صوت صفارات الأنذار ولن

تداهمني الخنازير الفضية، تعرفها، تلك التي جاءت من

وراء المحيطات لكي بأنيابها الشرسة تمزق

مناديل العرس،

تخمد الصوت، تذبح الفكرة، تنحر النخل

وتمشي

في جنازته وكأنها ملك الغاب

ووحوشه

الكاسرة. 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2002 الأحد 15 / 01 / 2012)

 

 

 

في نصوص اليوم