نصوص أدبية

رَماديّةٌ حـَشرَجاتُ الحَدائقِ / ذياب شاهين

لا عُلبَ الجُدران

فما أجملَ عَينيكِ

حينَ تأسِراني

بأبجَديّتهما الساحرةِ

دَعيني أدْخـُلُ

سَوادَهُما

كي أنعَمَ بالعُتمَةِ

إنَّ أزَليْتي بَفَنائي

وبَعضُ السَوادِ ضِياءٌ

وسَقّاءُ الكـَلِماتِ

مِثلي

يَدلفُ إلى سَرابِكِ

مُستَبشِراً بالصَدى

تُرى

أنختارُ الأشياءَ

التي نؤمنُ بها

أمْ هيَ التي تَختارُنا

في بَلدِ العمْيانِ

طالما

كانَ الكَريمةُ عَينُهُ

مَلِكاً

ولكيْ تعرفي

طعْمَ النورِ

جيّدا

عَليكِ أن تتْرعي

الكثيرَ من

كؤوسِ الظـُلمةِ

وكما الشُعلةِ والفراشةِ

سأتوهُ بَعيدا

 منْ دونِك

ومَيّتٌ

منْ يَنامُ وَحيدا

دونَ امْرأةٍ

البحثُ في الماضي

لا يورثُ

سِوى المشاكلَ

كثيراً ما

أخافتني

 أُبَرُ الأقدار

وخُيوطُ رغائبي

المتلوّنة

يا لـَها

مِن مِريعةٍ

تلكَ الغُرفُ الخاليةُ

فقد كانتْ باردةً

ومُوحشةً

تُرى هلْ سَتلامِسُ

قدماي قدَميكِ

مِن جديدٍ

وهلْ ستلتفُّ ساقاك

حولَ ساقيّ

فللجذورِ

طعمُ النعناعِ

وللخَمرةِ

بَريقٌ خالدٌ

في شَفتيكِ

الكثيرُ مِن الأسرارِ

تَرَكها الموتى

مَن قالَ

إنَّ الأمواتَ يَموتون

فها أنذا

أراهُم يَنظرون

ويُجادِلون

وأحْيانا يساعِدون

مَقصّاتُ التوترِ ترعُبني

فيسّاقطُ شعري

من لِمّتي

كتساقط ِفراءِ الثعلبِ

كمْ وَددْتُ

لو أكونُ شريطاً

أبيضَ

تشدّينني

على حُلمتيكِ المُلتهبتين

عَسى تتساقط ذنوبي

فتصفحُ عني الآلهة

ما أجملَ أنفاسَك

وهيَ تهبُّ

على وجْهي

حينَ تنامين قُربي

آهٍ

لماذا يُحطـّمون

يدَ عازفِ الكمان

قبلَ حَفلةِ الموْسيقى

أصرْخُ في الظلامِ

فيرتعشُ القمرُ

في بيتهِ البعيدِ

يا لشمسي المتماوتةِ

طالما حنـّتْ لفضّتك

كي تعلنَ انبعاثـَها

إيّاكَ أنْ تأخذَ

ما يُعطيكَ إيّاهُ

عدوُكَ

هذا ما

 قالتهُ ليَ أمي

وأضافتْ :-

دعْكَ من العُنفِ

فمنْ يضطرُّ إليهِ

سيرجعُ خائباً

ولا تضربُ العُشبَ

لإثارةِ ذعرِ الأفاعي

فلدَغاتُها مُميتةٌ

مَعتوهٌ سيّدتي

منْ يَخوضُ معركةً

لا يستطيعُ الفوزَ بها

الكثيرُ

من النساءِ خارجاً

وأنا وحيدٌ هنا

يهشّمـُني الخيالُ

ما زلتُ

أحنُّ إلى أنفكِ

حينَ يَمسحُ أنفي

وأهفو لعينيكِ

  حينما تغفوان

تحتَ شراشفَ شفتيّ

تُرى

أيرانا الآخرونَ

كما نرى أنفسَنا

العملُ كالحربِ

كلُّ

شيءٍ جائزٌ فيهِ

والحبُّ دينٌ

 لا نصْفَ يُكمِّلهُ

نتعلمُهُ فطرةً

يموتُ

إذا تحوّلَ إلى

لعبةٍ مضنيةٍ

لا بُدّ مِن تركِ

بابِ القفصِ مفتوحاً

عسى أنْ

 يعودَ إليهِ الطائرُ

فليستْ

 كلُّ الأقفاصِ سجوناَ

كمْ كانَ صَعْبا

أنْ أُخبّئ السيفَ

 بابتسامةٍ

فصوتُ حَبيبتي

رقيقٌ كالماءِ

وعطرُها نافذٌ

كمَساءٍ ماطرٍ

روحي مقيّدةٌ

بأصفادِها

سأنزعُ حِذائي

ليُجرّحَني الشوكُ

كيفَ سأحتازُ حُرّيتي

فهلْ

من حريّةٍ

لمنْ يَسْلبُ الآخرون

عَرقَ كفـّيهِ

وإلى أينَ يَهربُ

من تُنكرُهُ خليلاتُهُ

التائبات

الشمسُ

عاليةً كانتْ

وحينَ جَلستُ

عندَ

 نافذةٍ قُربَ النهرِ

مرّتْ

طافيةً جِثةُ قاتلي

فشربتُ ماءَ انتصاري

بوحشيّةٍ ماكرةٍ

وحينَ فكـّرتُ

أن أنزعَ طبائعي

البدائيةِ

عَجزتُ

فلمْ أطـُلْ سماءً

ولمْ أنزِلْ أرضاً

حينها

تذكّرتُ غيرتـَكِ

وشغفَ جفنيكِ

يا لآهاتِكِ

الفاتنةِ حين

سَكرتْ بصداها

جُدرانُ الغُرفةِ

كانتْ

يداي ذاهلتين

حينَ ضغطتِ بهما

خدّيكِ الساحرين

ولمّا شممْتِ أصابِعي

جَرتْ في

عُروقِهما الغُيوم

 

أبو ظبي

‏السبت‏، 10‏ كانون الأول‏، 2011

  

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2005 الاربعاء 18 / 01 / 2012)

 

 

 

في نصوص اليوم