نصوص أدبية

إذ كلُّ نطاح ٍ لشعبهِ ينطحُ / كريم مرزة الاسدي

 الغراء  السنة الأولى العدد (17)- الخميس  3/ 10 / 1991 م - وتحت اسم (الشاعر الشريد)، وأذيعت من (إذاعة صوت العراق الحر) من دمشق في حيتها، ولم تنشر في   دواوين كاتب هذه السطور الثلاثة المطبوعة :

 

صُعقَ العراق ُ وقادةٌ تترنحُ           قُبحاً لهم لمّا أذلـّوا  وقبحوا

حتّى إذا انتفضتْ عليهم أمّة ٌ        حسّوا بثانيةٍ لها فتنحنحوا(1)

يا ويلهمْ إنْ بوركتْ أختٌ لها       سترى رعاديداً يضمُّ المسرحُ

يا أيها الطاغي فما لك لا ترى      دهراً يعلـّي بالآنــــام ِ ويبطحُ

لله سرٌّ في عُـــــــلاكَ وعبرة ٌ        للعالمين إذا يســــود الأوذحُ

لا تطربنَّ فهلْ ستبقى سرمداً        إذْ كلُّ نطــــاح ٍ لشعبهِ يُنطحُ

كمْ سجّل التاريخُ قبلكَ هازئاً      رقما يُضافُ إلى الطغاةِ ويُطرحُ

العمرُ جسرٌ طيبهُ أو   خبثهُ       قلْ لي بربّكَ أين يُرجى المربحُ

الناسُ تلهجُ عقبَ عهدكَ بالثنا   أو أن تعيشُ العــمرَ ذماً تقدحُ

أفضيتّ إبهاماً لتبصمَ طائعـــاً     للأجنبي دماء قومــــكَ تسفحُ

إنّ الصراعَ على البقاءِ بعزّة ٍ      أولى وإلا أنّ موتـــــكَ أرجحُ

 

إنّ العراقَ أجلَّ وهو المُرتجى      ليســــــــومهُ خسفاً ذليلٌ أقلحُ

ما كانَ هذا أن يكونَ بموطن ٍ    لو عاش في الأجواءِ نسرٌ يطمحُ

لكنْ أرى وطنـــاً تغافل أهلهُ        فالدّهرُ في جدٍ ونــــــاسٌ تمزحُ

والتائباتُ إذا ألفـّتْ بالورى         ألفيتَ كلَّ شـــــــفاعةٍ  لا  تفلحُ

فالشعبُ من كسراتهِ متحسراً       قدْ كــــانَ في عليـــــائهِ يتبجحُ

يا لهفي قدْ عزّتْ عليهِ كسرة ً      والنفطُ بالخيـــراتِ تحتهُ يطفحُ

والرافدان  ونعمة ٌ ثــرّتْ وقدْ        حلَّ البـــلاءُ فأين أينَ المصلحُ

خلـّفتَ خلفكَ موطناً متزعزعاً         قدْ دُكَّ تدميراً وشــــعباً يُذبحُ

والناسُ في هلع ٍ ويسحقها الآسى  جوعاً وتشريداً وعرضاً يُجرحُ

والنارُ تأكلُ كلَّ من رفضَ الخنا       والعــالمُ المجنونُ ذا متأرجحُ

ما زالتْ القتلى تمجُّ دماءها           وبقى كعهدكَ يا جريرُ  المذبحُ (2)

 

 

منْ قالَ هذا شعرُهُ لغو الورى           حاشاكَ في الدنيا كلابٌ تنبحُ (3)

أنـّى السكوتُ على مصائبِ موطني  لي في الدّجى شيطانُ شعر ٍمفصحُ

لغةٌ  أطوّعها  كبعض ِ أناملي        أنـّى أشــــــاءُ   وأيُّ  قول ٍ   يملحُ

إنـّي من البلدِ الذي قد  شُرّفتْ        فيهِ  العظامُ  وكلُّ نبــــــــتٍ   يُفلحُ

ربّاهُ عفوكَ  والتواضعُ شيمتي       فرميتني في لـجِّ  بحر ٍ أســــــــبحُ

من ذا يردُّ عليكَ حرمة َ شاعر ٍ       ضاعتْ  بديجور ِ الظـــلام ِ وتمنحُ

يا صاحبَ الشكوى برمتَ تشكياً  اسنحْ  بشــــعر ٍ رُبَّ  طير ٍ  يسنحُ (4)

حتى ابن هاني قد تحركَ   لحدُهُ       حنقاً على منْ  في  الغوايةِ   يرزحُ

ماذا جنيتُ  فنالني من سخطكمْ    قد كنتُ  في هزلي   مُجدّاً   أسرحُ(5)

فتجاهلُ الشـــعراءِ ظلمُهُ باسلٌ          يمضي الزمانُ  ونورهمْ  يتوضحُ

إذْ يكشفونَ إلى الأواخر ِ ما جرى      أو همْ لســانُ الدّهر ِ وهو الأفصحُ

يا صاحبَ الشكوى وما لكَ موطنٌ        تأوي إليهِ فكيفَ تمسي وتصبحُ!

غصصاً جرعت َ وإنْ تبثـّها شاجياً      بالنائحاتِ  وكــــــلُّ همٍٍّ  ينضحُ

فلجأتَ مــــن ضيم ٍ لجلـق ِ لائذاً           وبها ملاذ ٌ للشـــــقيق ِ وأجنحُ

وإذا هممتَ على  الرحيل ِ تغرّباً            ترجو لبيق الثردِ يثني ويسمحُ (6)

هلْ أنتَ  تطمحُ  للعراق ِ توصلاً            هانتْ  أمانينا  وعزَّ   المطمحُ

عشْ هكذا  في ذا الوجودِ مشرداً            أو لا فزحزحه وقد  يتزحزح

يا صاحبَ الشكوى وشكوى ما لها         إلا وربُّكَ  ألفَ بـــــابٍ  يفتحُ

 

.........................

(1) تنحنح: ردّ ردّاً قبيحاً، والتنحنح يأتي أيضاًً تردد الصوت في الصدر

(2) تضمين وإشارة الى بيت جرير:

ما زالتْالقتلى تمجُّ دماءها       بدجلة حتى ماء دجلة  أشكلُ

(3)إ شارة الى شاعر معروف من النظام السابق ، نعت قصيدة سابقة لكاتب هه السطور باللغو، وأيضا كانت منشوره باسم (الشاعر الشريد).

(4)العرب كانت تتشاءم من الطير البارح، وتتفاءل بالطير السانح .

(5) في البيت السابق نقصد الشاعر أبا نؤاس،وهو (الحسن بن هانىء)، إذ أراد النظام السابق تهديم نصبه، وتغيير اسم الشارع الشهير في بغداد، والذي يحمل كنيته ( أبو نؤاس)،  بحجة أصله فارسي ! ثم عدل عن الأمر المشين، أما في هذا البيت المرقم نشير إلى قول أبي نؤاس :

ما جئتُ ذنباًبهِ استوجبتُ سخطكمُ         أستغفرُ اللهَ  الا  شــــــدّةَ  النظر ِ

يا أهلَ بغدادَ  ألقى  ذا   بحضرتكمْ          فكيف لو كنتُ بين التركِ والخزر ِ 

(6) في البيت إشارة إلى بيت المتنبي:

ولو كانتْ دمشقَ ثنى عناني            لبيقُ الثردِ صيني الجفانِ       

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :200 الخميس 19 / 01 / 2012)

 

 

 

في نصوص اليوم