نصوص أدبية

امنحني الحزن علني احيا / بان ضياء حبيب الخيالي

اكون عندك ...

يا آخر بسمة ادخرها قلبي لزمن الجوع وآخر نظرة انثالت بموج حنوها فاورقت صحاريّ الجافيات .

مستهدفة بذاكرة لاتصدأ ، تواجهني الصورالعتيقة بعتادها تفجر بروق اشتياقي وتنسف اركان جلدي، تسرقني من برد القطيعة فاحتمي بمضلات حنوها من زخات شتاء قاحل.

 ابي ...المشرق ابدا كرنفال الوان بين شلالات اللالون المتدفقة من كل اصوابي، ترمقني صورك فتتعثر خطوات ذاكرتي ....هنا تحمل فوزك مشمسا وتبتسم فابتسم وهنا ملامحك الواجمة بالاسود والابيض تشدني من يدي باصرار لأدور في الازقة العتيقة علني اهتد  ليد رسامها الاثمه .

أيهم أنت، الصبي الضاحك بنظراته الشقيه ام الشيخ المنتحر صمتا أمام الخزي الذي يجتاح العالم كطوفان اسود . وبين ما تسعفني نسمات ذاكرتي وما  تضن به، تتعثر فطنتي واتحول لنبتة ناتئة في صحاري الخوف فماتبقى لي في زمن العطش هذا ملفوف بجراب يكاد يهترئ.... لهو طفولتي وروعة ان يحتوي هيكلي الهلامي مايسند صلبه ويقيم اركان روحه ... كل كنوزي وحلاي ....مهددة بشبح ان تنفلت فراشاتي من شرانقها الرؤوم  لتجتمر في مواقد النسيان....

بيوت النمل،شجرة السرو،رائحة الشاي بالليمون وعصاري الحديقة

ازهار الجيرانيوم الناتئة من كل مكان وبتلات الجوري الساكرة

)*و(ذهب مع الريح ) *siege in the sun)

جموع حجيج مدججة بتراتيل سماوية تطوف حولي تجرجرني اليك، تزحف بورودها لصحاري قلبي فيستعمرني الشوق سابيا كل الصور والاقنعه المتسللة كثعابين ملونه لعرائشي، لتتنفس اغصاني الندى فازهر

بابا ....

الوقت ماض بصب الزيت على رأسي لأفيق وانا المخمرة بجرار ذاكرتي،الوسنانة عن الاشكال المتدفقة من اصابع الثواني والطائفة باجنحة النهار في افقك الازرق

 

ابي ....الصامد بوجه سراديب الخوف المتفرعة كأغصان الحور في اوردتي

كم تشبهني نظراتك

يتصاعد الحزن من تلك النوافذ

يختفي الضوء خلف صرير باب عتيق

موشوم بشظايا البرد

وندوب الصقيع

هل جاوز سهولك الحنين ....

واستدار حول الشمس

لف الارض بذراعي المدى...؟

فأغمضت وانت تائق

لان تعفر روحك بشذى لقاء

 كفراشة يوم مشمس

ان تمتلك اجنحتك القديمة

وتمنح المدى قفزتك المبتكرة

فيرديك الشهيق

مصابا بالحياة؟

هل عدت مخذولا

ملسوعا ببرد القضبان

 مثلي

ملامحك الحبيبة تزهر في نفق ليل طوييييييييل انت فتحته الأخرى نحو الضياء وانا المتوجسة موطئي احاول الصعود بين عالمين فيقهقه الظلام

بابا ....

من سيواسي فرقي رابتا قلبي بنظرتين رماديتين وبسمة ؟

وكيف لي ان اتجلد وأنت بحار ابدي في رمل حزني لم تقف لميناء عودة ولا تريثت لمؤونة أخرى من عيني؟

من سيمسح عن وجه دفتر صوري المتخشب نثيث وجعي الذي أورق الموات وكسى الاديم حلل الربيع.

بابا....

للذكريات شوارع من نار وقيح واقدامي الرهف تهفو لشواطئ لجينك السائحة  في الجهة الابعد من المدينه

لو انك تخبرني ذات حلم وأنت  تهش الأشباح عن قلبي انه سيكون للزمان المعقم بيد الاقدار مخاض آخر قد يسفر عن وجه مبتسم او ان تحدثني عن شيء آخر مثلا سوى افترار الأرض عن جبابرة وصخور

لو انك افترضت اخيرا ان (ذهب مع الريح)* انتهت بعودة طيرمن كل تلك الاسراب الملونة السابحة صعودا نحو الفراغ والقطيعة ....لكان يمكنني ان اصطبر...

 أن ادير ظهري لكل لتلك الديدان التي تجد مسافرة بعمق في ارضي تمتص بشبق رمقي وتنتشي لتغلغل رحيق احلامي في دهامة احشائها

بابا....

هل اخبرتك أناملي التي اتقنت حياكة مسراتك الصغيرة باحترافها عزف المطر على ارصفة الحزن

عن ارجوحتي التي فقدت ذاكرة الطيران وعن تكتكة قلبي الجائع لكسرة خبز

عن التفاحة  التي قضمت اشرعتي فمسختني لأنثى وانزلتني لقاع هذا البئرالادهم

وعن توقي لبسمتك تمنحني السماء لمرة  جديدة

 بابا .... ايها الناشر اشرعته البيض لأفق السواد....

هلا ارشدتني لوجهتك فبواصلي استعمرها الملح وبحاري مطفئة فناراتها

والليل بهيم

بابا مازلت احيا

اعطني يديك

لأنجو

*ذهب مع الريح .............اسم روايه طويلة للروائية مارغريت ميتشل وهي جملة كان والدي رحمه الله يرددها كثيرا حينما اساله عن ذكريات قديمه

قبل ايام من وفاته  لدورثي ايدن آخر كتاب اهداني اياه والدي رحمه الله……..Siege in the sun *

 

بان ضياء حبيب الخيالي

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2010 الأثنين 23 / 01 / 2012)

 

 

في نصوص اليوم