نصوص أدبية

كارين بُوْيَ / عبد الستار نورعلي

 إذ عاشت الفترة القلقة المضطربة بين الحربين العالميتين الأولى والثانية في القرن العشرين، ممزقةً بين المثالية والتوق الى الموت.

أصدرت أول مجموعة شعرية عام 1922 (الغيوم) والتي عبّرت فيها عن تأملات شابة وتفكيرها في الله  وأزمات الحياة ومستقبلها الشخصي.

أصدرت خمس روايات، وخمس مجاميع شعرية، وتراجم منها ترجمتها لـ(الأرض اليباب) للشاعر ت. س. إليوت.

ومن اشهر قصائدها (بالطبع إنه مؤلم) من مجموعتها (منْ أجل الشجرة) 1935:

 

بالطبع إنه مؤلم حين تتكسّر البراعم.

وإلا لماذا على الربيع أن يحتارَ؟

لماذا كلُّ اشتياقنا الحارّ

مُقيّدٌ بالعتمةِ المُرّة الجامدة؟

كان البرعم مغطىً طيلة الشتاء.

ما الجديدُ الذي يلتهمُ وينفجر؟

بالطبع إنه مؤلم حين تتمزّقَ البراعم،

مؤلم على الذي يتفتحُ

                             والذي ينغلِق.

 

نعم، بالتأكيد، صعبٌ حين تسقط القطرات

مرتعشةً من الخوف ثقيلةً تتدلّى،

تلتصق بالغصن، تنتفخ، تلمع ــ

الحِملُ يجرّها الى الأسفل، ما أشدَّ التصاقها!

صعبٌ أنْ تكون متردداً، خائفاً ومنشطراً،

صعبٌ أنْ تحسَّ بالانجرار الى الأعماق الباردةِ،

مع أنّك باقٍ في مكانك ثابتاً مرتجفاً فحسب ـ

صعبٌ أنْ ترغبَ في الارتقاء

وترغبَ في الهبوط .

 

آنذاك، حين تكون في حالةٍ أسوأ ولا أحدَ يمدُّ يد المساعدة،

تنفجرُ في البكاء مثل صراخِ براعم الشجرة.

آنذاك، حين لا يُطاق ايُّ خوف بعدُ،

تتساقطُ قطراتُ الغصن لامعةً،

تنسى أنّ الجديدَ قد أرعبها،

تنسى أنها ارتعدت من الرحلة ـ

تشعر للحظة بأقصى الأمان،

تستريح في الاطمئنان

الذي يخلقُ العالم.

 

* ومن أبرز قصائدها أيضاً (في حركة) من مجموعة (المواقد) 1927:

 

اليومُ المُتخَمُ هذا، ليس الأكبرَ أبداً.

أفضلُ يوم هو يومٌ من الظمأ.

 

قَطْعاً يوجد هدفٌ ومعنىً لرحلتنا ــ

لكنّ الطريق هو الذي يستحق التعبَ.

 

الهدف الأفضل هو راحةُ الليل الطويل،

حيث النار تُوقدُ والرغيف يُقسّم على عجل.

 

على المكان، حيث ينام المرء مرة واحدة فقط،

يُمسي النوم آمناً والحلمُ مليئاً بالأغاني.

 

انهضْ! انهضْ! اليومُ الجديدُ يبزغ.

لانهائيةٌ مغامرتُنا الكبرى.

 

ومن قصائدها

 

* ايضاح

غارقةً في جمالكَ

أرى الحياةَ بجلاء

وإجابة اللغز المظلم

انكشفتْ.

 

غارقةً في جمالكَ

أريدُ أنْ أصلّي،

العالمُ مقدسٌ،

لأنكَ موجود.

 

مخنوقةً من الانشراح

مبللةً بالنور،

تمنيتُ أنْ أموتَ بين يديك،

غارقةً في جمالكَ.

 

* استيقاظ

تحوز الحياة على ايقاع لون آخر ـ

مرتعشة، مرتعشة، تضيء ثم تصمت،

مثل ومضة من الصخرة المبتلة في الحكاية

بالتفكير من الأعماق

يصعد كلُّ العالم متوهجاً.

يقظةً من جديد أرى الحقيقة،

هناكَ حلمٌ محبوس يخنق أنفاسي.

الهواءٌ حيٌّ، أتنفس حياةً،

حياةً منك، منك.

 

* مُحرَّرَة

العالمُ يفيضُ بالأوساخ، يملأهُ الفراغ.

جرحٌ أحدثه النهارُ يَبرأ حين يحلّ المساءُ.

هادئةً، هادئةً، أميلُ برأسي

باتجاه مشهدٍ مقدس، ذاكرتِك المترددة.

معبد، ملاذ، طُهر،

قدسيتي.

فوق سلالمك بعيدة عن الظلام مُحرَّرَة،

مطمئنة مثل طفل نائم.

 

* غيوم

انظرْ الى الغيوم الثقيلة، قممُها العاليةُ البعيدة

ترتفعُ فخورةً بارقةً، بيضاءَ مثل الثلج الأبيض!

بهدوء تنزلق الى الأمام لكي تموتَ بهدوء في النهاية

وببطء تتحلّلُ الى زخات من قطرات باردة.

 

صاحبة الجلالة الغيوم  ــ خلال الحياة، خلال الموت

تجري باسمة الى الأمام في شعاع بارق من الشمس

نقيةً جليةً من غير اضطرابٍ مُعتم في الأثير،

تجري بهدوء فائق، صامتةً بلامبالاة نحو قدرها.

 

كنتُ أنا التي مُنِحْتُ بهجةَ عيدٍ والتي

بإمكانها أنْ ترفعَني الى الأعلى،حيث لا تبلغ عجلةُ العوالم،

وكيف أن الغضب حولي مثل صخب العواصف يمكن

أن يحملَ اكليلَ اشعة الشمس الذهبية حول قمة رأسي.

 

اختيار وترجمة عن السويدية: عبد الستار نورعلي

الأثنين 3 تموز 2009 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2014 الجمعة 27 / 01 / 2012)

 

 

 

في نصوص اليوم