نصوص أدبية

كفرت بالصدفة / المصطفى المغربي

وأجتر أحزاني،

و أوزع اللعنات كإله عاجز.

ماذا فعلت؟

سوى أني

تماديت كثيرا في الحلم،

و بقيت أنتظر أن تأتي الصدفة،

هي نفسها الصدفة اللعينة،

 التي رمتني و أنا غض الأحلام،

فعاهدت،

و لم أستطع خيانة العهود.

أضفت حزنها لحزني،

ومشيت،

كصوفي مارق

أو بوهيمي.

تحملت هي كذلك

كل العواقب بصبر عظيم،

و سرنا ككل العميان،

زمن دائري ذاك الذي لفنا،

و بقينا ندور،

كل في دائرته

لا يتعداها يدور،

و ينتظر صدفة ما،

دائما كنا ننتظر،

حتى أبناؤنا انتظرناهم صدفا.

آه حبيبتي!

لكم استهلكتنا الأيام!

من أجل قضمة تفاحة لا غير،

من أجل صدفة قد تأتي،

و قد لا تأتي.

كفرت الآن بالصدف،

الآن أعرف،

أن لامهرا يرضيك

غير دمي،

و أن لاوطن يأويك

غير براعمي،

كفرت بالصدف،

كلما اختليت بنفسي،

لأجلد نفسي،

 و أحملق في الطريق،

أجدك أمامي مشعة ،

مبتسمة العينين،

ساخرة من جبني،

فأعرف أني سأموت شهيدا

أو شريدا،

كفرت بالصدفة يا حبيبتي،

و حزمت أشرعتي،

ونويت السفر.

سأجول البلاد كلها،

و أدعو للنشور،

يجب هدم هذا الخراب،

لاتسكنه حتى الديدان،

فكيف نسكنه نحن منذ عصور؟

سأدعو النساء لمزيد من التعري

في الغابات،

كي تزقزق العصافير في الأشجار،

و يشكل الفراش غيمات فرح،

و يشتهي المطر سقوطه،

و تدنو الساعة من الفرح.

سأدعو الرجال أن ينسوا

أنهم رجال،

و لينظروا في الأفق،

هناك شمس تتعرى كل صباح

بسخاء،

وتعلمنا أن نقول صباح الخير.

سأغير أسماء الأمكنة،

و الأزمنة و القبور،

سأعري كل الموتى من أكفانهم،

و أسألهم عن الأسرار

التي هُرَتْ في جنازاتهم،

وعن الكلمات التي انحبست في الحلق

ساعة المغادرة،

سأحرق كل الأعشاب

 اليابسة في جسدي،

و أدفئ الجدران الباردة.

كفرت بالصدفة يا حبيبتي،

و بات في الطريق

شعاع يجذبني إلى موتي،

فراقصني بالتي هي الموت

راقصني بالحياة. 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2015الاحد 29 / 01 / 2012)

في نصوص اليوم