نصوص أدبية

الزَّانيان، وقصص أخرى..

مالذي دفعهم لإدراج إسمي في قائمة الأولياء الصالحين؟

لم يقتنع بالفكرة، ما تأكد منه فقط، أنه ميت منذ مئات السنين، ولما قدمت إلى الضريح زائرة غريبة، وقبّلت سياجه الأنيق، عرف أنه كان مسروقا، وللتو استردّ روحه، وعافيته!

 

الزانيان!

لم يوجهوا له أي تهمة، بل اقتادوها وحدها، وفي ساحة السوق الكبير تجمهروا، هتفوا بالعار، وقذفوها من كل صوب واتجاه... نفسها اليد التي كانت تمسح عنها الحـليب، امتدت من بين الرؤوس، ورمتها بكل وقاحة!

 

خلوة!

سأل نفسه:

 لماذا اكتظ الجامع بالمصلِّين ليلة القدر، وأنا مررت بجانبه دون أن أفكر بإيقاف سيارتي، والصلاة معهم؟

 حبس نفسا عميقا، بكى نفسه حتى شروق الشمس، بينما التهم المصلون قصعة الثريد في حفلة سحور دسمة!

 

إلى الابد..

 كان أقوى من الموت!

لذا أرادها أن تكون آخر شيء في حياته كما كانت مبتداه، أن يغمض عينيه على صورتها وهي تطبب آخر نفس من أنفاسه بقُبلة طويلة..

كان حري بهما أن ينفردا بالنهر الذي ناما عليه، وأن يُسرِّحا الطيور التي احتبسوها داخل صدريهما طيلة السنوات الماضية..

فتح شفتيه ليبتسم، فألصقتها بصمغها، لم ينتبه من حلمه.. لأنه غفا مرتاحا، وذهب بكل هدوووء!

 

جواب!

تذوقتَ قُبلتي؟

ألم تحص الرصاص الذي ملأ جوفك؟

والنخيل الأخضر، هل استعار قميصك لتُدرِّجني فيه؟

 

مُضغة!

علكت.. وعلكت، حتى انتفخ خدها الأيمن، لم تمر تلك اللقمة، تلك العجوز أعادت لي ذكريات رحم أمي حين كنتُ مضغة تفكر كيف ستخرج من هذه الفتحة الضيقة حين يكون رأسها بحجم الكرة! ابتسمتُ لنفسي، سكبت لها كأسا من العصير البارد، وعرفت بعدها كيف دفعتني أمي للحياة!

 

بلقيس الملحم/ السعودية

 

 

 

 

 

في نصوص اليوم