نصوص أدبية
الحائط والغراب
تمزق تملأ كل الثقوب = عسى يُطفئ النورَ ذاك الحجاب
عسى الصخر يحنو لصخر شبيه = ويبكي لمبكى التراب التراب
فتشكو له فعل صخر الصبايا = وكيف لطفل صغير يُهاب
وتشكو له صخرة ً لا تبالي = إذا ما عوت في رُباها الكلاب
وتشكو له هيكلا لم يُجاوز = زجاجا يحوم عليه الذباب
أيا حائط النور هل لي مُقــامٌ = وهل لي جدار وسقف وباب
أبت تربة القدس تنبت بيتا = لقومي وشَحَّتْ عليهم سحاب
أبت والإباء عليها تراءى = تقصه بين البيوت القِباب
ألم ترضَ بعدُ بضيفٍ شريك = وعهدي بضيفك خيراً يُـثاب
فـَسَلْ خلفك البيتَ يَقـْــِري نزيلاً = جفاه الورى واعتلاه العذاب
غريبا طريداً يُريد استواء = وما إنْ رأى النورَ لاح الضباب
ألم ترضَ عنه وتقبلـْه جارا = وقد زاد نوحَ العيون اغتراب
أجَلْ ليس يرضى لبيبٌ وأنـَّــا = لنسل القرود جـِـوارٌ يُجاب
لكُمْ أن تـَرَوْا للجوار سوانا = وأولى لكم في المراتع غاب
و أولى لكم في البكاء عويلٌ = وأبرأ منكم لـَعَمْري الذئاب
وخير لكم في الدعاء اعتذار = لعجل عبدتم وطال الغياب
و أنثى ذبحتم لذنب أصبتم = فأنتم على الخلق جمعا خراب
فلا الغاب ترضى بكم ساكنيها = ولا صحب يُرجى وكيف الصحاب
فأنتم على الخلق أعلنتموها = على الناس لا حِسْبة ٌ أو عتاب
ظننتم إلهَ الوجودِ اصطفاكم = وأنـَّـا عبيدٌ فحَقّ َ العِقاب
كريح تهاوت على الأرض نارا = وأنـَّـا نزلتم تصَلـَّى الشهاب
وهذي فلسطين بعضُ الضحايا = ولكنها غـُصَّة ٌ وانقلاب
غداً حائط النور يُخبر عنها = ويحكي البراقُ ويُصغي الحِراب
غدا يَلفـِظ ُالثـّـُقـْبُ أوراق خِزي = ويجري على الخاسئين اللـّـُعاب
غدا يا سلالة شر القرود = يُرى القردُ قردا ً ويَهْوي النقاب
غدا يُفهم اللغزُ لغزُ الدموع = على حائط ليس فيه انتساب
فندرك أن الدموع الغزار = لِدَيْن ٍ تمادى فـحان الحساب
لوعد تبارك فوق السماء = وأنـْـــِزل بــِشْراً على من أنابوا
لنصر سنـُعطى بقدر الدماء = وقد فاق ما يرتضيه النصاب
فخذ من نفيس النفوس زكاة = وطهِّـرْ بها كل شبر أصابوا
إلهي استوى الموت فينا وعيش = بـِبَيْتٍ جريح وسور ٍ يُعاب
أيسبي المقامَ وضيعُ المقام ِ = يدوس حمانا كأنـَّا سراب
أيَسْكُنُ فينا شريدٌ طريدٌ = تضيق به للمُـــقام الثياب
وجسمٌ يضيق بروح ٍ وروحٌ = تضيق بجسم فحَقَّ السِّباب
وليس يُسَبّ ُ المهينُ بهَجْو ٍ = ولكن بـِـوَهْج ٍ وصخر يذاب
فيا قدس ثوري على الغاصبين = وهل غيرَ نارِكِ يرجو اغتصاب
أريهم صخور المَقـام التهابَا = فكم من جروح كواها التهاب
لأنت الحجارة والناس نحن = وَقودٌ أعِدَّتْ وشُهْبٌ غِضاب
ولكننا للجنان اعتصمنا = وأرواحنا للخلود اكتتاب
ويا قدس إنا نذرنا فكوني = على موعد حان منه اقتراب
وخيطي لعرسك ثوبا وتاجا = ومنك الطعام ومنا الشراب
شراب من القلب يَجري دماء = ومن طـَعْم ِ شوقك تـُمْلا الجـِراب
مضت عن دموعك ستون عاما = ولا زال في مقلتيك الشباب
و منك تفوح الروائح نصرا = وفي عورة الكفر راح التباب
الكاتب : بوعلام دخيسي
............................ الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1188 الأحد 04/10/2009)