نصوص أدبية

الهروب الى الماء / زيد الحمداني

وبحق ميلادك العجيب ودمك الثمين وموتك على الصليب أحفظني يا يسوع لأنك قادرعلى أن تقودني إلى طريق الخلاص. إني أتقدم إليك يا يسوع لأنك أنت رجائي الوحيد فاقبلني تائباً وراجعاً إليك. وكما قبلت بطرس حينما جحدك وكما قبلت الزانية حينما دمعت على قدميك هكذا اقبلني واغفر لي. آمين"

التفت الراهب حُباب بعد ان اتم صلاته التي كان يتلوها بالسريانية القديمة الى فتى كان يجلس القرفصاء الى جانبه داخل صومعة الدير وقال له:

-" يا ايليا ان حفظت هذه الصلاة أو أصغيت لقراءتها أو حملتها في ورقة مكتوبة معك ستحيى حياة طيبة ويعوضك الرب عن خسارتك العظيمة لحنان والديك وعطفهم."

أومأ ايليا للراهب حُباب بعينيه موافقا على ما قاله عن بركات هذه التراتيل المقدسة. فربت الراهب بحنان على رأسه ثم قال له:

-" أتعرف لمَ أنا أحبك يافتى ولمَ أرجو لك الخلاص الى التمام على يد سيدنا يسوع المسيح؟"

-" لمَ ياسيدي؟."

-" لاني كلما ناديتك أو سمعت احدا يناديك تحضرني صورة القديس الشهيد ايليا النبي."

ابتسم ايليا ابتسامة مؤمن عارف وتذكر ليلة وفاة أمه حينما كانا في طريقهما من مدينة منبج الواقعة في الشمال الشرقي لمدينة حلب الى أرض العراق قبل سنتين. يومها كان في الثالثة عشرة من عمره. لم يتركا -ايليا وامه- منبج مختارين وانما اضطرتهما ظروف المعيشة الى تلك الهجرة شبه القسرية من مدينتهما الصغيرة. يقال انها سميت منبج لان فيها عينا كبيرة تسمى رام تبنجس منها مياه عذبة للغاية. يعتقد أهل منبج ان ماء رام فيه شفاء لجميع العلل. وتحف اراضي تلك البلدة الصغيرة بساتين كثيفة الاشجار وارفة الظلال. وهي خير مكان للكلأ. كما ان التجارة فيها رابحة والاسواق عامرة. لذا فمدينة مثلها لا تترك ابدا. الا ان لكل شئ اذا ماتم نقصان. وللدهر اقبال وادبار. هذا ما قاله ايليا في نفسه وهو يتذكر هجرته تلك. والادبارعنده يتزامن مع بدأ الفتوحات الأسلامية في زمن الخليفة عمر ابن الخطاب. حيث كان عامر بن الجراح قائد الجيوش الاسلامية في بلاد الشام يحارب البيزنطينيين في أكثر من موقع. حين وصل ابوعبيدة -وهي كنية عامر بن الجراح- الى حلب كلف احد  قادة جيشه وهو عياض بن غنم الفهري بدخول منبج.

تحكي الأخبار ان عياضا كتب الى أهل منبج وغيرهم من أهل القرى والمدن المجاورة رسائلا قصيرة مفهومة المعنى بينة القصد:

"بسم اللَّه الرَّحْمَنِ الرحيم: هَذَا كتاب من عياض بْن غنم الى أهل ..... (كان يسمي كل اهل مدينة باسمها) إنكم إن فتحتم لي باب المدينة عَلَى أن تؤدوا إلي عن كل رجل دينارا ومدي قمح فأنتم آمنون على أنفسكم وأموالكم ومن تبعكم وعليكم إرشاد الضال وإصلاح الجسور والطرق ونصيحة المسلمين."

اذعن اهل منبج لنسخة الرسالة التي وصلت اليهم فسلموا بذلك على انفسهم ونسائهم ودوابهم واراضيهم وكنائسهم وبيعهم كما وعدهم عياض في رسالته. الا ان حال ايليا واسرته لم يكن ميسورا بما فيه الكفاية لتحمل تلك الاعباء الجديدة. لذا اوصى ابو ايليا الطاعن في السن زوجته وهو على فراش موته بالوصية التالية:

-" يا ام ايليا اني اشعر بدنو الاجل وولدك بلغ الحلم ولا قدرة لك على دفع جزيته لذا اوصيك بترك هذه البلدة والرحيل الى ارض العتيقة في العراق فلي هناك اخ ناسك عابد يدير شؤون دير صغير. أذهبي اليه وأنا على يقين بأنه سيرعاك انت وايليا خير رعاية."

انصاعت ام ايليا لوصية زوجها بعد وفاته. الا انها لم تتم ذلك الانصياع. فقد اختار لها الرب ان ترافقه في بداية رحلة الهجرة الى العراق بعد حمى شديدة لم يقو جسدها الواهن على تحملها. وارى ايليا جسد امه تحت شجرة باسقة في احدى القرى الصغيرة القريبة من مدينة الرقة. وفي تلك الليلة الحزينة الباردة وحينما نام رفاقه في القافلة جلس قرب بقايا ناراوقدها احد الرهبان المهاجرين طلبا للدفأ.

"الفقدان كأس مر المذاق لابد ان يشرب منه جميع الأحياء."  فكر في نفسه ثم سحب من جرابه حزمة اوراق قديمة صفراء اللون. واخذ يقرأ فيها بصوت منخفض:

«انْطَلِقْ مِنْ هُنَا وَاتَّجِهْ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَاخْتَبِئْ عِنْدَ نَهْرِ كَرِيثَ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الأُرْدُنِّ، فَتَشْرَبَ مِنَ النَّهْرِ. وَقَدْ أَمَرْتُ الْغِرْبَانَ أَنْ تَعُولَكَ هُنَاكَ».

لطالما كانت هذه الكلمات التي انزلها الرب على نبيه ايليا والمسطورة في سفر الملوك الاول هي ترياقه الشافي ساعة المحنة. كان يتلوها حين توفي والده فانزلت السكينة والاطمئنان على قلبه واليوم يقتات عليها في ليلة رحيل امه. ولا عجب، فكل محزون في العالم يشعر بأن كلام الرب قد أنزل على صدره سلوانا وتعزية. وهذا من أعظم العبر ودليل قاطع على حاجة الناس لرب مقتدر.

ايليا التشبي. هكذا يسميه الكتاب المقدس. أصله من تشبة في بلاد جلعاد من اعمال شرق الاردن. ارسله الرب الى آخاب ملك بني اسرائيل وزوجته الشريرة ايزابيل الذين فرضوا عبادة الصنم "بعل" على بني اسرائيل. تنبأ ايليا بجفاف يصيب مملكة اسرائيل وان اراضيها ستصبح صحراء قاحلة. غضب الملك على ايليا وتوعدته زوجة الملك بالقتل فهرب -بأمر من الرب- الى كهف في جبل قرب نهر كريث. وهناك كانت تأتي اليه الغربان برزقه صباحا ومساء. ويشرب من ماء نهر كريث. وحين جف الماء نزل الى صيدون -الاسم الفينيقي لصيدا- وعاش ضيفا عند ارملة فقيرة رزقها الله خيرا كثيرا على يديه. واحيا ابنها الصغير بعد وفاته. ولإيليا في اسرائيل معجزات ظاهرة واحوال باهرة وفي عصره هلك الكثير من الكفار كما تنبأ لهم بذلك.

" آه يا ايليا النبي، ليت الرب يرسل لي كما أرسل لك من قبل مركبة من نار ترفعني الى السماء وتريحني من عناء الدنيا."

كان يفكر بقصة رفع ايليا التشبي الى السماء وهو مضطجع على جنبه يتأمل النجوم البعيدة ويتوهم مركبة نارية تجرها خيول من نار تخترق غلاف السماء الدنيا لتحط على أرض الرقة وتأخذه الى حيث أخذت ايليا النبي قبل قرون موغلة في القدم. لكن الرب امضى كلمته وختم رسالاته لذا فلا مركبات تطير ولا خيول تصعد الى السماء أو تنزل منها في ذلك الزمان. زمن ايليا المنبجي. والازمان التالية أيضا.

شرب شربة يسيرة من ماء رام الذي كان يحمله معه في جرة صغيرة وسأل الرب ان يبلغه الدير المقصود حيث يقطن الراهب الذي أوصاه ابوه بالرحيل اليه.

 

علي

رفع حُباب الراهب كفيه الى السماء في صلاة قصيرة بعد اتمامه لصلاته الاولى:

" يا صليب يسوع المسيح المقدس كن معنا وامنحنا ماء حلوا قراحا من بركات هذه الأرض يشرب منه أهل هذا الدير وتشرب منه ايضا مواشيهم. آمين"

بعد ان حفر حباب ابارا عديدة مالحة المياه في منطقة الدير وماحولها اضطر الى جلب الماء بصورة شبه يومية من نهر دجلة الذي يبعد حوالي الكيلومترين عن دير براثا الواقع في جانب الكرخ من مدينة بغداد والتي لم تكن قد بنيت بعد ونحن على مشارف العام السابع والثلاثين بعد الهجرة المحمدية اي حوالي السنة التاسعة بعد منتصف القرن السابع الميلادي. 

تناهت الى أسماع حباب وايليا وهما داخل صومعة الدير اصوات مختلطة اخذت ترتفع شيئا فشيئا حتى صارت مسموعة بوضوح. رجال يتحادثون فيما بينهم ويتحاورون بصخب. أصوات صهيل الخيل ووقع حوافرها على التربة المتصلبة تحدث جلبة فاضحة. ثم علا فجأة صوت جهوري أصخى اليه الجميع:

-" أيها الرجال سندخل هذا الدير بعد ان نستأذن من صاحبه لعلنا نجد ماء لشربنا ولوضوئنا ولخيلنا العطشى. هذا مايراه أمير المؤمنين."

-" من يكون اولئك الرجال؟ ومن هو أميرهم الذي يريد ان يدخل بيت الرب في هذه الساعة من الليل؟." سأل ايليا بقلق ظاهر معلمه الذي انتعل خُفيه بسرعة استعدادا للقاء الغرباء المتجحفلين خلف أسوار الدير.

فتح حباب الباب الخارجية للدير بعد أن طرق عليها احدهم ثلاث طرقات متفرقة. الوقت كان يقترب من الفجر. شاهد رجلين يقفان قريبا من الباب ويحمل كل منهما شعلة متوهجة تضئ بوابة الدير والمسافة القريبة منها. واستطاع ان يلمح خلف الرجلين اعدادا غفيرة من الرجال. بعضهم كان راكبا والبعض الآخر راجلا. توجس حباب خيفة من الحشود القابعة حول ديره الصغير. ولم يصدق أن الحاجة الى الماء فحسب هي ما يبغيه زوار الفجر اولئك. ثم قال احد الرجلين:

-" سيدنا الأمير يريد ان يتحدث الى راعي هذا الدير، أأنت راعيه؟"

-" نعم." اجابه حباب وهو يفتش بين الجموع عن ذلك الأمير الذي يتحدث عنه رجاله باحترام بالغ. كان يظن انه سيأتي محمولا على الاكتاف في موكب جليل. لم يطل انتظار حباب طويلا، فقد اقترب رجل مربوع القامة في غير قصرمعيب، لكنه ممتلىء الجسم ومائل الى السمنة بعض الشئ. غزير شعر اللحية وأبيضه. ووجه تحت نور المشاعل المتوهجة كان يبرق بالحسن وكأنه القمر ليلة تمامه. شعر الراهب حباب في حضرته بهيبة هزت أركان قلبه ومودة لم يعرف لها سببا. ثم تحدث هذا الرجل المثير للدهشة بصوت رخيم يشبه صوت قديس منتجب:

-" السلام عليك أيها الراهب وعلى أهل هذا الدير. أنا أمير المسلمين وقائد جيشهم في أرض العراق. وقد عرجنا على ديركم نبحث عن بئر ماء نشرب منها -نحن وخيلنا- قبل ان نكمل سيرنا الى الكوفة في الغد. فان اذنت لنا بالسقي من بئر ديركم فلك الشكر الجميل. وان لم تأذن فما نحن عليكم بمعتدين."

نظر حباب الى أمير الجيش نظرة تعجب وانبهار ثم قال له:

-" أيعقل ان لك جيشا جرارا ومنصورا بالرعب مسيرة شهر كهذا الجيش وتخاطب عُبادا ناسكين لا حول لهم ولا قوة بمثل هذا اللين وكأنك عبد فقير يطلب احسانا من موسر مقتدر؟!"

اقترب حباب من الأمير واصبح على بعد بضعة اشبار منه، وصار يتفرس في ملامح وجهه عن كثب ثم أردف قائلا:

-" أيها الأميرالخافض جناحه، حللتم اهلا ونزلتم سهلا. بودي لو اقدم لكم ماتحتاجونه من السقي لكن الماء في هذه البقعة من الارض مالح ولا يصلح للشرب لذا فاهل الدير يضطرون لجلب كفافهم من الماء من نهر دجلة كل يوم."

بعد ان استمع الأمير لما قاله حباب عن ملوحة مياه الابار في تلك المنطقة، دلف الى داخل الدير مع حباب وتلميذه ايليا واثنين من رجال الأمير. جال ببصره في حنايا الدير وفكر بهدوء وروية ثم التفت الى حباب وقال له:

-" احفر هاهنا -وأشار بيده الى ركن من اركان الدير- وسيعينك ولداي الحسن والحسين وبعض من رجالي."

-"الحق أقول لك لا طائل من الحفر أيها الأمير الطيب فالدير وكما اخبرتك يعوم فوق بحيرة مالحة. ولكن كما تشاء" كان حباب يتكلم عن ملوحة المياه بلهجة واثقة. لكنه لم يشأ ان يرفض طلب الأمير فأمر ايليا باحضار الفؤوس استعدادا للمهمة المستحيلة كما كان يظن بل كما كان يجزم جزما قائما على تجارب وخبرات متراكمة.

في غضون دقائق معدودة شرع ولدا الأمير واثنان من رجاله وحباب في الحفر، بينما وقف ايليا على مقربة من الجميع يراقب متعجبا اولئك الزوار وأميرهم المستبصر.

واصلوا الحفر لفترة غير قصيرة. حتى انهك التعب الرجلين. فاستبدلهما الأمير باثنين من رجاله ايضا الا ان ولديه ظلا يحفران دون كلل او تعب. وبعد فترة وجيزة، انحسر التراب فجأة عن صخرة سوداء لم يستطع أي حفار إقتلاعها او حتى زحزحتها قليلا. دب اليأس في النفوس و توقف الحفر وتفرق الحفارون عن حفرتهم المؤصدة بتلك الصخرة العنيدة. حينها أقترب الأمير منها وانحنى قليلا نحوها وصار يتلمسها بيديه من جميع جوانبها. ثم اعتدل قائما وارتد الى الخلف مسافة قدم واحدة. وكليث هصور انقض على الصخرة وركلها برجله ركلة أحدثت دويا اهتزت له جدران الدير وانقلعت الصخرة من مكانها. بهت الجميع من تلك الرفسة الشديدة وبهتوا اكثر حين انبجست من تحت الصخرة المقلوعة عين خرارة. تذوقوا مائها فاذا هو الذ من الشهد واطيب من الزبد واصفى من عين الظبي.

يروي الشيخ الجليل والمحدث الفاضل الصدوق عظيم المنزلة والمقدار ومؤلف الكتاب الشهير المزار السيد محمد بن المشهدي ان الراهب حباب حين أبصر تلك الاحوال ورأى رأي العين مقامات   وفتوحات مولانا أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن ابي طالب (عليه السلام) مد يده مصافحا اياه ثم قال له:

-" أشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله، وأشهد انك وصيه."

فقال له علي عليه السلام:

-" ابن هذا الدير مسجدا يا حباب."

فبنى حبّاب الدير مسجداً، ولحقَ أمير المؤمنين  إلى دار الخلافة في مدينة الكوفة، وظل مقيما بها حتّى أستشهد علي عليه السّلام، فعاد حبّاب إلى مسجده.

 

براثا

قال لي:

-" قبل ان تشرب من هذه الكأس ينبغي ان تطلب مرادك وسيتحقق باذن الله وببركة فاطر هذه البئر."

وأنا اشرب الماء الزلال الذي قدمه لي الشيخ العبادي  تذكرت محنة حباب مع المياه المالحة ورحلته الاضطرارية الى نهر دجلة، حتى جاء نصر الله وفتحه المبين علي يد علي بن ابي طالب. حيث انبجست عين عذبة في أرض الدير الذي صار مسجدا بعد أن اعتنق حباب الاسلام، حسب قصة الشيخ محمد بن المشهدي التي رواها  لي الشيخ العبادي قبل قليل.

هذا الشيخ المطلع على تواريخ القرون البائدة التقيته في صبيحة يوم لن أنساه ما حييت. كان حلقي جافا للغاية وكنت ظاهر الإضطراب بعد حادث الاصطدام الذي تعرضت له وانا أقود سيارتي بالقرب من الاشارة الضوئية المقابلة لمسجد براثا. يومها كانت الامطارغزيرة ولم استطع تفادي الاصطدام بسيارة غيرت مسارها أمامي فجأة. بعد ان دفعت مبلغا تعويضيا لصاحب السيارة الذي اصطدمت به من الخلف لكوني من تسبب بالحادث، اوقفت سيارتي المتضررة قليلا في شارع قريب ودخلت الى المسجد للاستراحة وشرب قليل من الماء. هنالك تعرفت وعن طريق الصدفة بالشيخ العبادي الذي قدم لي الماء وقص علي شذرات متقطعة من تأريخ براثا الموغل في القدم كما مر من قبل.

بعد أن استعدت هدوئي وشكرت الشيخ على لطفه معي هممت بمغادرة المكان. الا ان طفلا صغيرا  ذا وجه شاحب دخل المسجد بصحبة رجل يلبس جلبابا -دشداشة- بني اللون وينتعل خفا بنفس لون الجلباب وقسمات وجهه تفصح عن تقوى وورع. اقترب الرجل من الشيخ العبادي ثم اخذ يقبل يديه ويقول له:

-" سيدي انا مدين لك بمالي وكل ما أملك. خادمك -واشار بيده الى الطفل الصغير الذي كان معه- قد شافاه الله بفضل مشورتك وببركة ماء بئرسيدنا أميرالمؤمنين عليه السلام."       

ثم سار الرجل مع ابنه -العليل سابقا- الى الصخرة السوداء الموضوعة في باحة المسجد واخذ يغرف  بيديه قليلا من الماء القابع في حفرة صغيرة وسط وجه الصخرة العلوي ليسقي ولده ويشرب هو أيضا.

اتسعت حدقتاي وفغرت فاهي لان المشهد ابهرني غاية الابهار. فبركات هذا المسجد على ما يبدو متعدية عبر الازمان. حينها قال لي الشيخ العبادي لما ابصر تعجبي:

-" لاتعجب يا اخي فلماء هذه البئر قدرات عجيبة ومعجزات لا يمكن لعاقل ان ينكرها. فقبل عام تقريبا  هاجر ابن عمي الى السويد واخذ معه قنينة ماء من بئر هذا المسجد. وبعد شهر من وصوله تعرف على عائلة عراقية كردية تسكن السويد منذ حوالي الربع قرن. لتلك العائلة ابنة شابة جميلة  مرضت مرضا كلويا خطيرا. يقول ابن عمي انه زارها في المشفى وأخبره اخوها ان الطبيب قال له ان كليتيها لا تعملان ويجب أن يجد لها كلية على وجه السرعة. فقال ابن عمي لذلك الأخ المحزون انه يملك ماء مباركا من بئر مسجد براثا حمله معه قبل يترك العراق واقترح عليه ان يسقي اخته جرعة منه قبل اجراء العملية التي ربما تتأخر لبعض الوقت. رحب الأخ بالفكرة وفي اليوم التالي احضر ابن عمي الماء وصبه في قدح صغير وشربت منه المريضة بعد ان كتب لها ورقة فيها دعاء خاص لشفاء الأمراض ينبغي أن يقرأ قبل شرب الماء المبارك. في المساء جاء الطبيب وأمر بعمل التحاليل اللازمة  لمتابعة تقدم الحالة وتقييم الوضع الصحي للمريضة. جاءت النتائج بعد فترة زمنية غير طويلة. الكليتان تعملان بنشاط تام. استغرب الطبيب السويدي المعالج غاية الاستغراب. واعاد التحليل مرتين. والنتيجة لم تتغير!"

"آه لو كنت أملك مئات بل الالاف القناني لملئتها من ماء تلك البئر وارسلتها الى مشافي الامراض الكلوية في مختلف انحاء المعمورة."

راودتني هذه الامنية وأنا اقود سيارتي بعد أن تركت مسجد براثا متجها الى الجامعة التكنولوجية. حيث كنت اتابع يومها -في السنة التي تلت الغزو الامريكي للعراق في العام الفين وثلاثة- دروسا في الهندسة لنيل شهادة الدكتوراه.

 

براثا مرة أخرى

وصلت الى الاشارة الضوئية التي يتقاطع فيها شارع حيفا مع الشارع الموصل لجسر الصرافية بالقرب من مستشفى الكرخ للولادة. كنت انوي عبور ذلك الجسر كي اصل الى جانب الرصافة ومن ثم اتخذ الطريق الذي يمر باكاديمية الفنون الجميلة ومقبرة الجيش البريطاني وصولا الى الخط السريع المعروف باسم (محمد القاسم) والذي يمر في قلب العاصمة بغداد. بصراحة انا من محبي محمد القاسم -الشارع اقصد- لاني أستطيع ان كنت في جانب الرصافة من بغداد الوصول الى اية منطقة دون ان أحشر نفسي في الاختناقات المرورية داخل شوارع المدينة المزدحمة. فهو سريع بكل ماتحمله الكلمة من معنى.

الطريق كان خاليا الى حد ما. الا اني ابصرت في مرآة السيارة الجانبية اقتراب رتل طويل من العربات العسكرية الامريكية "الهمفي". حدت الى المسار الايمن من الطريق واخذت العربات التي تحتل المسار الايسر تمر بي سريعا. في تلك الفترة -بعد الاحتلال مباشرة- كانت تتملكني مشاعرغريبة ومتناقضة عند رؤية اولئك القوم يسرحون ويمرحون في شوارع بغداد. كنت اشعر وكأني طفل صغير ظل يتعرض ولسنوات طويلة الى الضرب المبرح والشتائم القاسية من ابيه المختل عقليا. وفي يوم من الايام استنجدت امه باحد الغرباء المارين قرب البيت. فدخل الغريب وقتل الاب الشرير واحتل مكانه في البيت. ارتاح الطفل المسكين من عقوبات ابية السادية الا انه صار يتألم كأوديب كلما تناهت اليه تأوهات أمه الليلية وهي تدفع ثمن الخلاص من ابيه في احضان ذلك المخلص الغريب.

بعد ان اجتازني الرتل الامريكي، وعند وصولي الى المنطقة المحاذية لملعب الشعب الدولي شعرت بارتجاج قوي في سيارتي القديمة. حدت الى كتف الطريق واوقفت السيارة مضطرا على بعد بضعة امتار من نادي العاب الجيش او قوى الامن الداخلي الذي كان في الجهة المقابلة لملعب الشعب. ترجلت بسرعة لمعرفة سبب الارتجاج.

يا الله! هذا مااخشاه واكره وقوعه دائما وابدا. ثقب كبير في الاطار الخلفي، والمطاط منبعج للغاية حيث لا يمكن السير الا بعد استبدال الاطار المعطوب بآخر سليم. اخرجت الاطار الاحتياطي وبدأت برفع السيارة باستخدام "الجك". الكاف في هذه الكلمة نلفظها بلكنة بغدادية وبصوت مماثل لصوت الحرف الأول من كلمة  جيد (كود) الانكليزية. ومن زار دبي يستطيع ان يقرأ اللوحة التي كتب عليها اسم متجر ملابس الاطفال المعروف ب (كود بيبي) او الطفل الجيد. الا انهم  غيروا الاسم المكتوب على اللوحة مؤخرا لتصبح (جود بيبي). اظنهم كانوا مرتابين من كلمة (كود) لانه من الممكن تحريفها الى معنى غير لائق باضافة "الف" وسط الكلمة.

على اية حال، "الجك" هو رافعة ميكانيكية صغيرة تستخدم لرفع جزء من السيارة لغرض استبدال اطار معطوب أو اجراء بعض التصليحات من الاسفل. الا ان اغرب استخدام صادفني لتلك الرافعة هو استعمالها كسلاح جارح في معركة حصلت بين قصاب محلتنا المرحوم صادق وابنه المرحوم حسنين. الأب توفي بسبب الهرم والأبن بعبوة ناسفة نصبتها عن طريق خطأ مقصود زمرة مقاومة للاحتلال الأمريكي في طريق زوار الأمام الحسين بعد شهور قليلة من الحرب.  يقال بأن حسنين كان يحب ابنة عمه فاطمة. ويقال ايضا انه كان على علاقة حميمة معها. وفي يوم المعركة المذكور جاء عم حسنين في الصباح الباكر الى محل قصابة اخيه وتوعد بتعليق الاب وابنه كما تعلق الذبائح ان لم يتقدم حسنين لخطبة ابنة عمه والزواج منها على وجه السرعة. العم كان  يعمل في مهنة القصابة ايضا. لذا التهديدات في تلك العائلة كانت غالبا ماتتضمن مفردات دموية  مثل التعليق والسلخ والقطع والبتر.

بعد مجئ العم واطلاقه لتلك التهديدات غضب الأب غضبا شديدا بسبب ما اقترفه ابنه في حق ابنة عمه وهرع الى سيارته البيك اب ليخرج منها "جكا" صدئا. وبكل عزيمة واصرار رمى "الجك" على وجه حسنين الواقف خلف طاولة المحل الخشبية. حسنين رغم ضخامة جثته تفادى الرمية برشاقة فاصاب "الجك" مؤخرة خروف مسكين.

بصراحة العلاقات الحميمة -كالعلاقة التي تربط حسنين بابنة عمه- في منطقة محافظة مثل الكاظمية الواقعة شمال مدينة بغداد لا ترتقي الا في حالات نادرة جدا الى الاتصال الجسدي المباشر. حيث ان الزوبعة التي ثارت نتيجة حكاية المرحوم حسنين كانت بسبب الموعد الغرامي الذي التقى فيه بابنة عمه. حيث شوهد الاثنان يتناولان الكباب المشوي في محل الكبابجي الشهير ناصر والواقع في شارع المحيط المحاذي لكورنيش الكاظمية. تلك هي الحميمية التي اتهم بها العاشقان. بصراحة الكباب في ذلك المطعم يستحق كل تضحية ممكنة.

أما أنا فلي قصة مؤلمة حقا مع الشيف ناصر في محله المكون من طاولتين واربع "تنكات ". و"التنكه" هي علبة معدنية صغيرة الحجم نوعما تستخدم احيانا كبديل غير مريح لمقاعد الجلوس. الكاف في مفردة "التنكه" تلفظ بالعربية الفصحى وليس ككاف "الجك". المهم، في ليلة من ليالي رمضان وقبل موعد السحوراشتد بي الشوق الى ساندويشة من ساندويشات حجي ناصر اللذيذة. ركبت سيارتي وتوجهت الى هناك. المكان كان مزدحما للغاية قبيل الفجر بنصف ساعة. والفجر يومها كان يحين عند الرابعة والنصف صباحا.

تلك الوجبة الصباحية الباكرة للغاية هي من العادات الغذائية الغريبة جدا عند العراقيين. فبعض الشعوب تقدم في الافطار "كرواسان" مع قهوة كما هي الحال في الغرب، او جبنة مع زيتون كما هي الحال في بلاد الشام. واذا ازداد نهم الشعب صار يأكل بيضا مسلوقا بكميات وفيرة كما اعتاد الشعب المصري الشقيق على ذلك. الا ان وجبات الأفطارعالية الدسم غير مستهجنة في العراق البتة. حيث اعتاد الكثيرون على تناول "نفر كباب او تكة"،  صحن "شوربة عدس مع بصل مقلي"، أو صحن "تشريب باجلا مع بيض مقلي بالدهن الحر". والانكى من كل تلك الاكلات الغنية بالدهون هي الاكلة التي خبرتها في احدى سفراتي الى مدينة الموصل. حيث لمحت اناسا متحمسين  يقفون بصبر وانضباط  في طابور طويل في الساعة السادسة صباحا امام محل لبيع "الباجة". وهي عبارة عن ثريد مع رأس خروف مطبوخ في قدر كبير. طبعا لا انكر اني كنت واقفا معهم في ذلك الصباح المدهش.

عودة الى كباب الحجي ناصر. لما وصلت الى هناك ومن فرط نهمي كنت اقف قرب الشواية واتلقف اسياخ الكباب حين نضجها لاضعها داخل الصمونة الحارة واتناولها بصورة مباشرة. يبدو ان في العجلة الندامة فعلا. ففي غمرة الالتهام تسللت فحمة متوقدة وصغيرة جدا الى داخل الساندويشة. منذ تلك الليلة وبعد ان اكتوى لساني كما اكتوى لسان موسى النبي بفحمة مندسة صرت افتش بين ثنايا الطعام عن اية مفاجآة غير متوقعة.

رفعت الاطار المثقوب وركبت مكانه اطارا سليما. وبينما كنت على وشك الانتهاء من تثبيت الاطار الجديد حدث ما لم يخطر على بالي مطلقا وما لن انساه ما حييت. سمعت دوي انفجار هائل لم اعرف مصدره. بعد ذلك شاهدت عاصفة ترابية رهيبة ثارت في الجهة الاخرى من الشارع. اي بالقرب من ملعب الشعب. يبدو انها قذيفة هاون وقعت على بعد لا يزيد في تقديري عن مئة متر من مكاني الذي توقفت فيه. شعرت بيدي ترتجف وقلبي يكاد ينخلع. وفيما انا احاول بما تبقى لي من رباطة جأش احكام تثبيت مراود (براغي) الاطار سمعت دويا أعلى من الأول. والشارع اصبح مليئا بالدخان والأتربة. قذيفة أخرى سقطت على مسافة أقرب. حينها تملكني فزع رهيب. تركت الاطار ومراوده اللعينة وركبت في سيارتي وانطلقت بسرعة البرق لانجو من هذه المحرقة.

أظن أن الأقتراب الحميم من الموت بما يحمله من رهبة هو الموت نفسه. وبهذا المعنى أكون قد مت مرات عديدة خلال تلك السنوات المخضبة بالدم. ولربما مازال الالاف الضحايا يموتون كل يوم اكثر من ميتة في سجون الانظمة القمعية حتى تجئ لحظة خلاصهم حين تزهق أرواحهم ويستريحون. المهم، حصلت معي معجزة حقيقية حين وصلت بمرودين (برغيين) يمسكان الاطارالجديد الى الجامعة. اوقفت سيارتي في مرآب السيارات. وبقيت جالسا داخلها لعدم قدرتي على الحركة. فاطرافي كانت متصلبة للغاية. والذهول عقد لساني حتى عن نطق كلمة شكر لله. ترجلت بعد نصف ساعة من السيارة وانا اكلم نفسي غير مصدق اني نجوت من انياب المنية قبل أقل من ساعة:

-" آه لو كنت أملك مئات بل الالاف القناني لملئتها من ماء تلك البئر -بئر براثا- وارسلتها لا الى مشافي الامراض الكلوية في مختلف انحاء المعمورة فحسب وانما الى جميع جبهات القتال داخل المدن المنكوبة بالحرب."

 

مسافي            

لرائحة الشواء اغراء لا يعادله اغراء أي نوع من انواع الطعام الأخرى. اللهم الا ان كان ذلك الطعام هو شاورما (كص) قاسم في منطقة الاعظمية ببغداد بالقرب من الكورنيش وقريبا من ساحة الدلال المقابلة لقصورالرئيس العراقي الراحل صدام حسين. حين وصلت بسيارتي الى تلك الساحة بدأت أشم عبق الشاورما المسافرة في الشوارع والساحات القريبة من محل قاسم. انحدرت يمينا باتجاه المطعم. ركنت سيارتي على بعد بضعة امتار. الوقت كان عصرا. وهو وقت عودتي اليومية من الجامعة. يومها كنت في سنتي الدراسية الرابعة. جلست على مقعد قريب من شيش الشاورما العملاق. لعابي صار يسيل انهارا. طلبت ساندويشتين من شاورما اللحم. يظن البعض ان ساندويشة

قاسم تشبه باقي الساندويشات في بلاد الله الواسعة. لا لا ابدا. فساندويشة ذلك المطعم طولها ذراع وعرضها نصف ذراع. ولك ان تتأمل ما يمكن ان تفعله ساندويشتان في معدة انسان. حتى وان كان ذلك الانسان أكولا مثلي ويحمل تاريخا عريقا في عشق اللحوم شرقيها وغربيها. حمراء كانت ام بيضاء. مذكاة على الفحم ام في اتون الافران البيتية. 

حينما عدت الى البيت بعد موقعة الشاورما شعرت بصداع شديد. وبياض عيني استحال الى أحمر قان. احسست بأني لست على مايرام. لاحظ اخي الأكبر تلك التغيرات التي طرأت على سحنتي وقال لي:

-" ما بك؟!".

-" لا اعرف ولكني اشعر بصداع شديد لم أصب به من قبل." اجبته مستغربا مما اعتراني.

-" اجلس سافحص لك ضغط الدم."

قال لي بلهجة تقترب من الأمر. أذعنت له فورا لأني كنت اشعر بأني متعب جدا. كان الضغط مرتفعا بصورة مثيرة للقلق مما دعاني لزيارة طبيب مختص في اليوم التالي. وبعد عدة جلسات تشخيصية تم تأكيد اصابتي بمرض ارتفاع ضغط الدم المزمن وصرت اتعاطى دواء يوميا كعلاج طويل الامد ان لم يكن ابديا.

قال لي أبي حينما سألته في حينها عن الأضرارالجانبية لتعاطي ذلك الدواء بصورة يومية:

-" بصراحة له تاثير واحد فقط: بمرور الزمن تفقد قدرتك الجنسية يا ولدي العزيز."

-" بابا، اذا تركت الدواء هل هناك اضرار جانبية؟" سألته متلهفا لعلني استطيع اختيار الضرر الاقل.

-" بصراحة لترك الدواء يا ولدي تأثير واحد أيضا: الجلطة الدماغية."

ولانه وكما يقولون "فارعايش احسن من اسد ميت" وفي حالتي عجوز عاجز خير من شاب رحل مبكرا، واصلت أخذ علاجي بانتظام طوال السنوات التالية. الا اني وقبل حوالي اربع سنوات وحينما جئت الى الامارات واقمت فيها للعمل اضطررت الى ترك الدواء مؤقتا. وفي أحد الايام وبينما كنت اتصفح في الشبكة الالكترونية صورا لنجمتي المفضلة الاسبانية الاصل "بينيلوب كروز" قرأت مقتطفات من لقاء أجري معها وكان منشورا في احد المواقع. ما جذبني الى قراءة اللقاء هو صورها وهي تسبح في احد شواطئ المكسيك. الشاطئ كان جميلا للغاية. المهم حين سألها الصحفي عن سراحتفاظها بنضارتها وشبابها أجابته بكلمة واحدة: الماء.

"الماء! لربما لتلك الكلمة فعل السحر في حالتي ايضا. فدمي يحتاج الى تنقية."

هكذا فكرت. وسأنقيه بالماء بدل الدواء. سخر مني البعض في البداية. الا اني وبعد اربع سنوات من شرب كميات وفيرة من الماء استطعت السيطرة على ارتفاع ضغط دمي و تمكنت من ابقائه في مستويات طبيعية.

في بغداد كنت قد جربت العلاج بالماء ولكن بطريقة مختلفة. فكانت كلما تاتيني هدية "مائية" مأخوذة من بئر زمزم عن طريق معتمر او حاج من الاقارب أو الاصدقاء كنت أقرأ سورة الفاتحة ثم أنفث في الماء واشربه كما أوصتني أمي. وقبل الشرب كنت ادعو الله ان يشافيني من مرضي المزمن. وبنفس الطريقة جربت الاستشفاء بماء براثا ايضا. وحينما كنت مقيما في الشام جربت ماء "القديسة تقلا" الذي ينبجس من صخرة في  دير مار تقلا. أظن ان من كان يهدي الي تلك المياه يتلاعب فيها بطريقة او باخرى. ولربما كان يعبأها من ماء الحنفية ولا يعطيني الماء المقدس الذي احتاج اليه لعلاج مرضي المزمن. والدليل على ذلك أن الضغط بقي ضمن نفس مستوياته المرتفعة رغم جرعات المياه المقدسة تلك.

الا ان الجرعة اليومية المكونة من قنينتي ماء مسافي هي الوحيدة التي كان لها فعل السحر في دمي. ومسافي هي منطقة من المناطق الشرقية في الامارات العربية المتحدة. تحيطها الجبال من كل جانب. ماؤها رائق وهواؤها عليل وريحها لطيفة وفي جبالها يبني النحل بيوتا آمنة من عسل غاية في اللذة. يقول المعمرون من سكانها انها كانت مليئة بالغزلان في الأيام الخوالي. وهنالك منطقة قريبة من مسافي تسمى منطقة مربض. لان غزلان مسافي كانت تربض فيها. بصراحة، نقبت ومنذ فترة قريبة عن منطقة مسافي في كتب الأخبار والاثار وفتشت عن ذكرها في مؤلفات الرحالة الاقدمين لكني لم أجد اي دليل على ان تلك القرية الطيبة قد تشرفت في ما مضى من تاريخها بزيارة نبي من الانبياء او ولي من الأولياء، ولم يمكث فيها يوما غرباء صالحون تتبرك ينابيع مسافي بكراماتهم. ماخلا مجموعات صغيرة من بعض الهنود والبنغال المساكين العاملين هناك منذ أزمنة الخيام.

 

د. زيد الحمداني

22/02/2012

أبوظبي

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2039 الخميس 23 / 02 / 2012)

في نصوص اليوم