نصوص أدبية

مِنْ عِرْقِ (دجلة َ) و(الفراتِ) ونزفِهِ / كريم مرزة الاسدي

في تسعينات القرن الماضي عن الجزائر الحبيبة - وله قصيدة أخرى عنها - والحمد لله الآن الجزائر هادئة آمنة، ولكنها مجرد ذكرى للتاريخ، تبين كيف وقف شعراء العراق مع أخوتهم العرب - والقصائد ستتوالى بإذن الله -، فضلا عن الوفاء حيث قضى  الشاعر عشرة سنوات يدرس في ثانوياتها وجامعاتها،ونشرتها عدة صحف جزائرية وعراقية معارضة حينذاك، وسلمت للسيدين سفير الجزائر والملحق الثقافي في دمشق، ولكن لم تأخذ مكانها التي تستحقه، للظروف الموضوعية السابقة في العراق، جعلها الشاعر من الكامل المذيل، وهي أول قصيدة عربية تأتي على هذا التذييل التام، بعد قصيدة جاهلية واحدة، للدلالة على الصرامة والتوقف الجازم، نعم تنتهي  بساكنين حتى انقطاع النفس !! (مقطع زائد الطول)، وهذا الجزء الأكبر منها:

 

كفـّاً - جزائرُ- نزفِ جُرحكِ للدماءْ

في كلِّ يوم ٍنسسفيقُ على بكاءْ

في كلِّ يـوم ٍذبـحُ طفــل ٍآمـــــــن ٍ

أو طعنُ شيخ ٍ والبلاءُ هو البلاء ُ

فـي كـلِّ يوم ِ تُستبــاحُ حرائـــــرٌ

لا حرمةٌ ٌ للهِ أو شرعُ السمـــــاءْ

أينَ (الدّمــــــــاءُ الزاكياتُ) ترنـّماً

ونشيدُ موتاكمْ وأنفاسُ الوفــــاءْ ؟(1)

(شعبُ الجزائر ِ مسلمٌ)منْ يعربٍ

يا صرخة ًتدوي وليس لها إنتهاءْ (2)

(يا نشىءُ أنتَ رجاؤنا)وصباحنا

هلْ ضلَّ (باديسٌ) وخابَ بهِ الرجاءْ (3)

أينَ الرجولة ُفي ثرى(صومامكمْ)

إذْ عانق َ(الأوراس) في عفدِ الإخاءْ؟ (4)

أينَ المآذنُ ؟ أينَ صوتُ بلالِكمْ؟

أينَ الألهُ ؟ وأيــن أحمدُ والدعاءْ ؟ !

ثارتْ ملايينٌ إلى اســـــــتقلالها

فأذا بها خمدتْ جموداً في العراءْ !

منكمْ (زبانا) كالمســــيح ِ مخلداً

مذْ قامَ نشواناً لمقصلة الفـــــداءْ(5)

و(جميلة ٌ) صالتْ لعزّةِ موطن ٍ

وإذا بها تُرمى يُخدشها الحيــــاءْ (6)

قالوا : بأنّ الحقدَ بغية ٌ زمرة ٍ

كلا فأنّ الـداءَ منبعــــهُ الوبــــــاءْ

فاستوضحواالخطبَ الجليلَ بحكمةٍ

وتشاوروا للأمر ِ إنْ عزّ الدواءْ

فلعلَ منْ فتق َ الحروبِ رهينــــة

لأصابع ٍ مُدّتْ علـــى ذمم ِ العداءْ

مَنْ علـّمَ العربيَّ جٌرمَ الذبح ِ منْ؟

وينالُ منْ عرض ٍ لــهُ يــا  للفناءْ !

لا...لا الحياة ُسوى مجال ِ سياسةٍ

فكرامة ُ الإنســـان ِ قبل الأوصياءْ

هذا كتــــابُ اللهِ شــــعَّ هدايـــــــة

بالرحمــتة الرحمــــن يبدأ والثنــاءْ(7)

عودوا إلى الله الـــــذي بضمريكمْ

ردعٌ إذا بنفـــوســـكمْ شـُــــقّ إلتواءْ

إنْ هزّكمْ خطبٌ يهــــــــزُّ وجودنا

نحنُ وإيّـــاكمْ على وطن ٍ ســــــواءْ

منْ عرقِ( دجلة َ) و(الفراتِ) ونزفهِ

ألمـــاً على ألـــم ٍ فغصَّ بهِ النـــــداءْ

منْ مشرق العرب الذي في إرثكم ْ

(قدسٌ) ومِنْ صحراءِ (مكةَ) و(الحراءْ)

من (جلـّق) الشام الذي في ربعهِ

قدْ حط ّ ( قادركمْ ) وهُّزّ لهُ لــــــواءْ

إنـّا ننـــاجيكمْ ألســــــــتم أهلنا؟

كفـّوا لقــدْ نزفت قلوبُ بالبـــــــــكاءْ

هبـّوا لثورتكمْ لنــــهج ِ زراعةٍ

وصناعةٍ وثقافة ٍنفـــح ِ الرخـــــــاءْ(8)

للجامعـــــاتِ لنور ِعلم ٍ يُجتنى

لمدارس ٍيُتلى بهـــــا ألــفً وبــــــْاء

إيـــــهٍ جزائرُ مرّةً أخرى فلا

نقع الغليلُ، ولا لآهـــــــاتي رواءْ

منذُ الطفولةِأنتٍ حلـــمٌ للمنى

ولقدْ شببتُ بخير ِأرضكِ والجواءْ

كمْ ذا نأمّلُ أمّـــة ً بجزائــــر ٍ

هلا تعودي بعــدِ عكر ٍ للصـــفاءْ

تأتي(المَدِية) في ملابس زهوها

وتزورُ(جرجرة ً) فترويها الظماءْ (9)

والليلُ في أجواءِ (بوفاريكَ) لا

زلـّتْ بهِ قدمٌ ولا ارتعشَ البهاءْ (10)

(وهرانُ)عبقٌ وردُها وعشيققُها

وجهُ (البليدةِ ) شعَّ بسماتِ اللقاءْ(11)

حطـّتْ (قسنطينٌ) بشائرَ حلمِها

في (تلمسانَ) إذْ الإصالةِ والستاءْ (12)

والأرض تفرشُ بسطها خضراءَ

إذْ رأدَ الضحى شدو الشبيبة والغناءْ

يا اختنا في الـــروحِ لا أذني لها

طربٌ ولا روحي يصافحها الهناءْ

لي (موطنٌ) زغبُ الحواصل أهلهُ

عفبى بــــراكين ٍ فوهن ٍ فارتخاءْ (13)

قلبي به مـــــنْ كلِّ قطر ٍموضع ٍ

للهِ إنْ مضَّ المشــــقة َ والعنـــاءْ

أبداً سيبقى في ( الجزائر) ِأمنها

وتعودُ (أرضُ الرافدين) إلى الضياءْ

 

.........................

(1) تضمين من النشيد الجزائري الشهير

(3) و(2) إشارة إلى الشيخ عبد الحميد بن باديس، وقوله الشهير :

شعبُ الجزائر مسلمٌ   وإلى العروبة ينتسبْ

يا نشىء أنت رجاؤنا وبك الصباحُ قد اقتربْ

(4) إشارة إلى مؤتمر (وادي الصومام)الشهير عام 1954م، وعلى إثره اطلقت الثورة الجزائرية .

(5)الشهيد ( أحمد زبانا)، أول شهيد دشن المقصلة في 18/ 7 / 1955م، ليلاً

(6)إشارة إلى المناضلة الجزائرية الشهيرة (جميلة بو حيرد)، وهي اسعارة مكنية عن كل فتاة جزائرية تتعرض للأذى والسوء

(7) إشارة إلى أن كل آية في القرآن الكريم تبدأ (بسم الله الرحمن الرحيم)، وسورة الفاتحة تبدأ بـ (الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم). زتقرأفي ركعتي كل صلاة .

(8) إشارة للثورة الزراعية والثقافية والصتاعية التي نادت بها الجزائر، وسارت سيرا حسن في عهد الرئيس بومدين على أغلب الظن،كما شاهدنا ولمسنا، ولا نعرف خفايا الأمور.

 (9)،(10)، (11) (12) المدية، البليدة، بوفاريك،وهران، تلمسان،قسنطين ترخيم قسنطينة مدن جزائرية معروفة، جرجرة سلسلة جبال.

(13) (لي موطن) كناية عن وطني العراق، وكان يمرّ في أوضاع صعبة، ونظمت قضائد عديد عنه بالطبع .

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2048 السبت 03 / 03 / 2012)

في نصوص اليوم