نصوص أدبية

سندباد الشيخ عمر / سعد الصالحي

ذلك في العام 1961 وحتى أعوامَ لم أعلم متى انتهت، كان ذلك هو جدي (رضا دريب) زوج خالة أبي بيبيتي (سعدية بنت كاظم الدبش) والدة رازقية الحنونة، وسجودة التي تزوجت عمي صاحب أبو عيون الباصورك، وفتحية التي خلفت أسمن بنات وصبيان في عائلته العجيبة، جاء بهم جميعاً من (هبهب) وأسكنهم معه أبناء وبنات وأزواج وزوجات وأحفاد في طابق عمارة واحد في (الشيخ عمر) يتقاسمون فيه معاً الهول والمطبخ والحمام ... سميناهُ كذلك (جدو رضا الأعضب) لعوق ولادي في يده اليسرى، لكنه رغم ذلك كان من أمهر سائقي السيارات والفيترية في شارع الشيخ عمر .

الجميل في أمر جدي (رضا دريب) أنه كان قد (إستكعد) المطربة وحيدة خليل في خمسينيات القرن الماضي لعامين وصرف عليها نصف إيراد سيارته التكسي وتباهى بذلك بين كل أعمامي وأخوالي وحتى زوجته (بيبيتي) سعدية  التي تباهت بهذا وكأنه امتياز لها أيضاً، لأنه بسبب ذلك كان كريماً (لكطع النفس)، يولم على العرق المستكي الباجة لكل أقاربه على سطح العمارة المطلة على ساحة السباع في الشيخ عمر متنبئاً عبر حديث شيق أن المطربة وحيدة خليل سوف يكون لها شان اجل مما نتصوره، تأكدت صحة روايته في ولديه (رزوقي) الحداد الذي أصبح عازفاً ماهراً للكمان، و (هوبي) أبو السينمات الذي ما زال لحد هذا اليوم من أمهر حلاقي علاوي الحلة وقد استوطن داراً في محلة الذهب .. قرب خرائب سينما زبيدة .. إذ يعود من دكانه مساءً ويفترش بعد العشاء الرصيف المقابل للسينما التي تحولت إلى مستودع للسكراب نائحاً بسخرية سوداء:

-(بغداد مبنية بتمر ... شَــــلِّــعْ وكُـــلْ خستاوي) .

مات ولم يمت جدي (رضا دريب) أو (رضا الأعضب)، ماتت ولم تمت بيبيتي (سعدية) خالة أبوية، مات ولم يمت (رزوقي) .. ولم يمت أولئك القوم ... لكنما أين  ... (بغداد)؟  

 

من مراثي غيلان 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2068 الجمعة 23 / 03 / 2012)



في نصوص اليوم