نصوص أدبية

قَصيدةُ نَثرْ إلى قِمَّةِ بَغْداد / ذياب شاهين

وّلوّني شَفـَتَيـْكِ الشَبـَقِيْتَيْن

سِيان

لوْ كُنّا مِنْ مِشْارِقِ العُروبَةِ

أو مِنْ مَغْاربِها

فأمامَنا الكثيرُ مِنَ

القِمَمِ العَرَبيَّةِ الساحِرة

وخَلـْفَنا الكَثيرُ

مِن مُسْتَنْقَعاتِ

 العَسْكَرِ والمُخابَراتِ

حَيْثُ يُحاصِرونَ السّاحاتِ

التي نَتَظاهَرُ بِها

وَيُكَدِّسونَ الرَصاصَ لِيَصْرَعونا

عُمُري أيّتُها العَرَبِيّةُ الغَريبَةُ

 عَشَراتُ القِممِ الواطِئَةِ

وعِدَّةُ حُكوماتٍ ديكـْتاتوريَة

اِنْزَعِي حِجابَك

وقـَبّليني يا قَمَرُ

 بِشَفَتَيكِ الرائِقَتيْنِ

لنَكونَ بَشَراً

قَبَلَ أنْ يَهْدُرَ دَمَنا

رَجُلُ دينٍ

يَلْطَعُ البِتْرولَ

وَحٌقولَ الغازِ في

صَحْراءِ العَربْ

قـَبـّليني قَبّليني ثانِيَةً

قَبْلَ

أنْ يَسْبيَنا فَحْلٌ عَرَبي

وَيَهْدينا سبايا لِلخَليفَةِ

أَنا خائِفٌ يا قَمَرَي

تُرى

إلى أَيّةِ هاوِيَةٍ

يَقودُنا الحَمَدان

وفيديوهاتُ السُلْطةِ

الرابِعَة

القِمَّةُ عَلى الأبْوابِ

تَطَيَّبي يا صَديقَتي

بِدهْنِ العودِ

 فَأنا مَشارِقيُّ الهَوى

سَنَقومُ بِرحْلَةِ صَيْدٍ

وأنْصُبُ لَكِ خَيْمَةً

في قـَلْبِ الصَحْراء

وَنَعْقُدُ قِمّتـَنا الجاهِليّة

ونُمارسُ الجِنْسَ

عَلى الطَريقَةِ العَرَبَيَّة

ونُعْفي القبائلَ

مِن صَلاةِ العَصْرِ

فَهْيْ فائِضَةٌ

عَن حاجاتِ المُؤْمِنين

والمُؤْمِنات

وَتُعَرْقـِلُ أسْواقَ البورصَة

والشّرِكات

تَعاليْ

 أيّتُها البَغْيُ المُقدّسَةُ

أنا لا أفْهَمُ لغةَ المَعابِدَ

فأنا ابنُ الضّاد

ولا مانِعَ مِن لـِقائـِنا

تَزوّجِيني زَواجَ مُتْعَةِ

أو مِسْيارْ

غَريبان أنا وأنْتِ

في أوْطانِنا العَرَبِيّة

لا بأسَ عَليْنا

لَنـَلـْوي ألـْسِنـَتَنا

قَليلاً

وَنَتَكَلَمَ الإنْجِليزيّة

أو الفَرنْسِيّة

فَقَدْ نَحْصَلُ

عَلى عَمَلٍ

نُعيلُ بِهِ أوْلادَنا

أَنْتِ تَرْقُصينَ بَيَن

الرِّجالِ الصّيدِ

وَأنَا

أحُفُّ شارِبيَّ

عَلّني أكونُ أَمَريكياُ

وَتُفْتَحَ عَليّ خَزائنِ

قارون

أو يُزَكّيني عَرَبيُّ مُتَجَنِّسٌ

في بُلدان الاسْتِعْمارِ

الإمْبِرياليّة

مُنْذُ سِنينَ ياحَبيبَتي

ونحْنُ تائِهان

لا بِلادَ لَنا

هلْ أقْطَعُ لِساني العَرَبي

كيْ أحْصَلَ

 عَلى عَمَلٍ

مِثْلَ مَلايينِ البائِسينَ

في بِلادِ العُروبَةِ

هلْ تَذْكُرينَ

فَقَدْ

أَرْسَلْنا سِيرَنا الذّاتِيّة

بِالعَرَبِيّة والإنْكِليزيّةِ

وَحَتّى المِسْماريَّةِ

إلى الشّرِكاتِ كُلـِّها

والحُكوماتِ كُلـِّها

والهَيْئاتِ المُسْتَقِلّةِ

والعَميلةِ كُلـِّها

فَلَمْ يَرِدْ عَلَينا أَحَدٌ

ولا أَعْرِفُ السّبَبَ

هلْ

لأنَّ تَعْليمَنا عَربيٌّ

وليْسَ غـَرْبِيّاً

رُبَّما

فَأَنا خِرّيجُ جامِعَةِ البَصرَةِ

ولا أحَدَ يَعْتَرِفَ

بِشَهادَتي

هَلْ لأنّنا ما زِلنا عَرَبا

لا أدْري أيْضا

فَأَنا لِسوءِ الحَظَّ

 لا أمْتـَلِكُ جِنْسيّةً

بِريطانيّة أَّو أمْريكيّة

وإذا كانَتْ إسْرائيليّة

فَقَدْ أكونُ وَزيرا

أوْ قائِداً عَرَبِيّاُ

يُشارِكُ في قِمّةِ بَغْداد

مَنْ يَدري

يا صَديقَتي العَدْنانِيّة

فَكـُلُّ شيءٍ مُمْكِنٌ

في بِلادِ العَرَبِ

الكُلُّ يَعْمَلُ

فيها

الآسْيَويُّ والأفْريقيُّ

والأوربّيُّ

إلاّ أنا وأنْتِ

لا أَحَدَ يُزكّينا

يا شاعِرَتي

فَمَنْ يَجْرُؤ

عَلى تَزكِيَتنا

في بَلدِ الأعْرابِ

قَبِّليني

يا صَديقَتي العَرَبِيَة

أَنْتِ تَبيعينَ جَسَدَكِ

وأَنا أَبيعُ عُمْري

فَمَنْ كان البغي

إذن

ومَنْ كان العّرّاب؟

هذا

ما سَيَخْبِرُنا

بهِ مُراسِلوا الفَضائِيّات

قَبلَ اغتِيالِهِم

مَنْ يَدري

 قَدْ

تُجيبُ

على سُؤالِنا

 قِمَّةُ بَغْدادْ

آهٍ

يا مَحْظِيَتي العَرَبِيّة

عانِقيني بِذِراعَيْكِ

الحَنينَتَينِ

فَأنا مُصابٌ بالفوبيا

كَزَعيمٍ عَرَبِيٍّ

يُفْزِعَهُ الربيعُ كلَّ يومٍ

ولا أُنْثى تَنامُ مَعي

ولا أعْرُفُ

مِن أيّ مولٍ

أبتاعُ ريشَ الحَنان

يا ليْتَ لي بَخْتا

كَبَخْتِكِ

تـَلفونُكِ النّقّالُ

يَرِنُّ لَيْلَ نَهار

مِنْ زَبائِنِك الطَيْبين

وتَلفوني لا يَرِنُّ

فـَقَدْ ماتَ

مُنْذُ الربيعِ العَرَبيّ

ولمْ يَعُدْ

يَتَذَكّرُني أَحَدٌ

لا تَحْزَني يا صَديقَتي

فأنتِ تَتَمتْعينَ كلَّ يومٍ

كما يتمتعُ زُعَماءُ القبائلَ

بِمَحْضِياِتِهِم

وأنا

لمْ يَعُدْ

لدَيّ ما

أشْتَري بِهِ

عُلَبَ الواقي

وَما عُدْتُ اليَوْمَ

 أَخافُ لؤلؤةَ الإيدز

ولا الأمْراضَ الزُهْريّة

وأنْتِ

لمْ تَعودي لتُخَبّئينَها

في حَمّالَةِ نَهْدَيكِ

خَوْفا

 مِنْ رِجالِ البوليس

لا تـَلومينَني

عَنْدما

أتركُ بُحورَ الخَليل

وأستعينُ برامبو

في كِتابَةِ قَصائِدي

لا بديلَ أمامي

أيّتُها المُشْتَهاةُ

نحنُ نَعيشُ

في قِممِ الرَبيعِ العَربي

وها نحنُ نَسْتلهمً

الثورةَ الفَرنْسيّة

ونَكسِرُ سُجونَ الباستيل

العَرَبِيّة

اليومَ نَنْتَخِبُ نوّاباً

لايَنامونَ

إلاّ تَحْتَ قُبّةِ البَرْلَمان

ليْسَ هذا فَقَط

بَل وَيأذّنونَ هناكَ

فَمَرْحى لِبِلالَ

بالرَبيعِ

وطوبى للمؤْمنين

 بِعَصْرِ ما بَعدَ الحَداثَة

لا قُوّةَ للصّخْرَةِ

إلاّ في مَكانِها

وفي الغُرْبَةِ

لا أعْرُفُ

ما يَنْتَظِرُني

سِجْنٌ جَميلٌ

أو موتٌ ساحرٌ

فالأمْرُ سِيان

فَقَد قُضِيَ الأمْرُ

الذي فيه يَسْتَفتيان

أمّا

في وَطَني

فلمْ يَسْتقْبِلـْني

أَحَدٌ

ثَلاثُ مَرّاتٍ سُجِنْتُ

في زَمَنِ الطاغِيَة

لكنَّ مُوَّظْفةَ الذاتيّة

أضْحَكَتْني حَتّى

كِدْتُ أبْكي

حِينَ

أخْبَرتـْني بَوَقاحَةٍ فاتِنَةٍ

ألاّ مَكانَ لي

في العِراقِ الديمُقْراطيّ

ولنْ يَعودَ إلى الوَظيفةِ

إلاّ المُناضِلون

باللهِ عَليْكِ

أيَّتُها العادِلَةُ المُسْتَبِدّةُ

استَعْطفـُكِ

بإسمِ عَدْنانَ وقَحْطان

خَبّئيني

 تَحْتَ أُبْطكِ اللذيذ

مِن قَدَري

بُلدان العَربِ ضاقتْ

عَليْنا مِن المُحيطِ

إلى الخَليجِ

وَقِمّةُ بَغْدادَ باتتْ

حُدْبَةً يَنوءُ

تَحْتَ مُفَخْخاتِها

بؤساءُ بَلادي

هَلْ أطيلُ شَعْري

وأذْهَبُ إلى بَغْداد

فَقَدْ يَتَّهِمونني بِال(إيمو)

ويُهشّمون رَأْسي

هَلْ أُغيّرُ إسْمي

سَيَقْتـُلني

 المُؤْمِنونَ عَلى الشُبْهَةِ

كيْفَ أُصَلّي يا صَغيرَتي

أرْفَعُ يَدايَ

أخْفِضُها

أضَعُ تُرْبَةً تَحْتَ جَبيني

أمْ أرفَعُها

قولي لي

فَأنا أخافُ اليومَ

 المَساجِدَ والحُسيْنيّات

والكنائسَ والمَعابِدَ

أخافُ المَطاعِمَ

وعُلبَ الليْلِ

أخافُ

النَوادي الرياضيّة

والثقافيّة

أخافُ مِن

كتابَةِ الشّعْرِ

أو النَثْر

ماذا أفْعَلُ

فالخَوْفُ يَتَرَصّدُني

صُبْحَ مَساءْ

كما تـَتَرَصّدُ جَهَنّمُ

خَطايا المُعْدَمين

الخَوفُ يَغْتالُني

كَما تَغْتالُ المُفَخَّخاتُ

في بَغْدادَ البائِسين

الخَوْفُ قَريني

فَأنا اليوْمَ

أخافُ الغِناءَ

أخافُ البُكاءَ

أخافُ الوُضوءَ

أخافُ التّيَمّمَ

أخافُ القِراءَة َ

أخافُ الكتابَةَ

أخافُ البَقاءَ

أخافُ الرّحيلَ

ماذا أفْعَلُ يا صَديقَتي

اليَعْرُبِيّة

ماذا أفعَلُ

أنْتِ

تَبيعينَ جَسَدَكِ البَضَّ

للْغُرَباءِ

وأنا أبيعُ عُمْري

للْجُدُران

ليَهْنَأَ بِعَذابِنا القُـوّادْ

لكنْ لا عَليكِ

اِنزَعي حِذاءَكِ

ولنُصَلّي صَلاةَ المَوْتِ

عَلَيْنا

عزاؤنا طويلٌ

يا قدري الحزين

لنَبْتهلَ إلى القِمّة

الثالثةِ والعِشرين

آهٍ لو

تصّفـّقين مَعي لِبَغْدادَ

بَغْدادَ

التي لا تَكِفُّ

عَن الحَياةِ

رَغْمَ الأنين

 

   الإثنين/ الثالثة صباحا

   ‏الإثنين‏، 26‏ آذار‏، 2012

  

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2073الاربعاء 28 / 03 / 2012)

في نصوص اليوم