نصوص أدبية

تالـّـــيخت / سردار محمد سعيد

فانعكست بعض الأسماء،فصار يمينها يسارا ً ويسارها يمينا ً،وبسهولة يمكن قراءتها من اليسار إلى اليمين، وليس هذا ما نويت أن أحدثكم به بل حكاية الـ (لطنط) .

هناك مدينة كانت المحبة والألفة تسود بين أهلها، يعيشون بأمن وأمان على رغم قهر الزمان والطغاة، ويسعون إلى مستقبل يرون فيه الخير ويأملون فرص الحياة الكريمة، لكنهم صحوا يوما ًعلى صوت لغط وهرج ومرج، ورأى الناس أن العسس والحرّاس يمتشقون سيوفهم وخناجرهم وعصيّهم باحثين عن حيوان غريب دخل المدينة وأثار الرعب فيها، وقيل أن اسمه الـ (حاسمت)، ضخم، يعيش في الأنهار ويستطيع بلع الصغار، فمنع الكبار ُ الصغار َ من التقرب من النهر .

إختفى الـ (حاسمت) إذ تأكد له أن نهايته اقتربت، واتخذ طريقه في الفيافي سرِبا، حتى وصل إلى مرج فوجد بركة ضحلة ففرح وغطس فيها، فسمع  فحيح (تايّح) سامة رأت فيه مائدة شهية قد رزقها الله به، فتقربت منه لتمتص من دمه الوفير لكنها خابت حينما حرك ذنبه المنشاري فذبح عددا ً منها مرة واحدة فهربت وسرعان ما لحقت بها صغارها زاحفة على بطنها لاتقصد مكانا ً معينا ً و وصلت إلى أطراف مدينة تحيطها الأعشاب ، وعلى حين غرة لمحت بين الشجيرات شبحا ً لا هو بإنسان ولا حيوان،إنه الـ (لطنط) فتقدمت منه على هون، وبرغم قوّته  فلاطاقة له ليقضي عليها لكثرتها، فما كان منه إلآ أن ولـّى هاربا ً لا يلوي على شيء فوصل إلى مدينة كبيرة، فتخفّى فشاهد جموع الناس تلبس شيئا ً يغطي عوراتها، فتسلل إلى حديقة دارٍ فيها حبل نُشرت عليه ملابس غسيل، فسرق سروالا ً وماكاد يلبسه حتى نادت صاحبة الدار: (وميء.... ...وميء) فقفز السياج واختلط بالناس فسمعهم يتحدثون عن الـ (وميء)، وراح يبحث عن أماكن لهوهم وتجمعاتهم فعثر عليها فاندس بينهم فتعجب ذكورهم من التسريحة التي يتوّج بها رأسه والثياب الإبرية التي تغطي جسده،وانبهرت إناثهم بهذا الـ (وميء) الغريب ولم يجل بفكرهن أنه (لطنط)ولإعجابهن الشديد به عرضت عليه إحداهن الزواج،فبُهت، وقال : أنا لا أملك لا بيتا ً ولا سريرا ً فكيف نتزوج ؟

قالت : لا عليك أنا أعرف سترا ً تحت جدران الكونكريت التي تزّين المدينة  يمكن أن نستتر بها ونستثمرها كمخدع للزوجية، فضلا ً عن الظلمة فالفوانيس التي نضب زيتها لم تعد تنيرسكك المدينة .

قال : ودون عـَقد ؟

قالت : نحن عبدة الشياطين لا يقيـّدنا عقد أو وثيقة، ولكن لابد من قرار بالموافقة يصدر من اللجنة العليا الخاصة بالزواج .

توافد أعضاء اللجنة وكان (لطنط) ينظر إليهم بدهشة وهو جالس على منصة ينتظر بدء الإجتماع وسماع قرارهم .

 جاء مندوب عن العيّارين ، ومندوب عن الزنج، ومندوب عن القرامطة،ومندوب عن الصعاليك، وحضر شخص على دراجة هوائية ومعه كلب صغير اتضح فيما بعد أنه مندوب (سعدون الأمريكي) وحضرت لجنة من بقية الأمم فهذا مندوب عن (الهيبيز) وذاك مندوب عن فرقة (الخنافس) وحضر مندوب عن (الفيس برسلي) ومندوب عن (جيمس دين)، وبدأ الأجتماع بالنشيد الأممي :

لا خوف

لادموع

لن نفترق   

وإن فرّقونا

تذكري ابتساماتي، قبلاتي

ولا تدعي الوحدة

ولا الحزن

ولا حتى قميصك يطوّقك

بطريقة ما ...في وقت ما

سنكون معا ً .

 

 تفاجأ الجميع بأن جنود الخليفة قد طوّقوا المكان وانهالوا عليهم بالسيوف والرماح والحراب فقضوا عليهم بما فيهم (لطنط) وخطيبته .

وقف الحرس يتناقشون لتبريرفعلتهم

قال الأول  :

نقول : كانوا يخططون للإنقضاض على الخلافة.

قال الثاني :

 لا ...لا هذه صارت قديمة .

قال الثالث :

نقول : كانوا يحفرون نفقا ً.

قال الرابع :

نقول للصحافة :

هم من الإرهابيين .

قال الخامس :

نقول : هم أنصار الشيطان .

وهم في حيرتم أقبل أحد وعاظ السلاطين، وقال :

مالكم حيارى ؟ قولوا :

كانوا يريدون تدمير الدولة .

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2081 الخميس 05 / 04 / 2012)


في نصوص اليوم