نصوص أدبية

يا ليــــــــلَ بغداد / عبد الفتاح ألمطلبي

يا ليلَ بغدادَ أمِنْ خمـــــــــــرِ

سكرى نجومُكَ أم من السِحرِ

ما بينها قمرٌ فهل سرقــــوا

أقمارَها يوماً ولا تــــــدري

كانت إذا ما راقَ تلثمُــــــهُ

لثمَ الحبيبِ لِمُشتهى الثغـرِ

فيضجّ من حسنٍ وتحســـده

إن تمّ كلُ البيضِ و السُمــرِ

لو أنها تدري لما انتشَرتْ

ولأسرعتْ تأوي إلى الفـجرِ

أَلأِنَّ روحي تستجـــــيرُ بها

أمستْ كحصباءٍ على قفــــرِ

ليلٌ كبحرٍ مَــــدهُ شجـــــــنٌ

فاضتْ به روحي بلا جــزرِ

نطقَ الأسى فيه عــلى وتَري

متنمراً أو كادَ بالكفــــــــــرِ

غالتْ فؤادي منه غائلــــــــةٌ

فغدا هشيماً وهو في الصــدرِ

ويرفُّ من وجلٍ رفيفَ سُـدىً

أيطير وهو بمخلبِ الصقـــــرِ

عضّ الزمانُ على   نواجـــذهِ

فأبانَ عن مسمومةٍ صُفــــــــرِ

ورأيتُ مَنْ وفـَرْتــُـــــهُ لـغـدي

قد راح يحطبُ فأسُــــه عمري

مالي أراكَ وكنتَ لي أمـــــــلاً

كالشوكِ بين اللّحمِ والظُفــــــرِ

دهرٌ يناكدُني ومنطقــــــــــــُهُ

إن لمْ تلنْ فاشربْ من البحـــرِ

أنا فيه مثل المستجيــــــر إذا

هبّتْ سَمُـومُ الريحِ بالجمــــرِ

وصرختُ تباً للزمانِ وتــــبْ

ما كانَ أبخلهُ على الحُـــرِّ

موتورةٌ أيامُه حبَلَــــــــــــتْ

بالنغلِ من جَنَفٍ ومن وَتـــْر

فقحمتُ ناري دونمــــا وجلٍ

ولقد رأى ما بي من الصبـرِ

لعقَ الزمان لُعابَهُ وعـــــوى

بألـَـدِّ من سَغَبٍ ومن عُســرِ

لي في الهوى سرٌّ سكرتُ به

خمراً وشيطاناً من الشعــــرِ

فأمالَ بي نزقُ الشَمولِ إلى

هتـــكِ الفؤادِ فباحَ بالســــرِّ

ويلُ لمن قد أمّنــــــــوهُ على

سِــرٍّ فأفشاهُ بــلا عُــــــــذرِ

أنا لي حبيبٌ لا يُفارقنـــــــي

قلقي عليه ولا انتهى ذُعــري

الهجرُ يفعلُ كالشِفارِ بنـــــــــا

ما أوجعَ الإيغالِ في الهجـــرِ

أأظنُّ أني قد أفـــــــوز بــــهِ

هيهات وهو كبيضةِ النســـــرِ

وطني إذا الهجران دوَمَ بــــي

و أُعدّ سيفَ النأيّ للبتــــــــــرِ

أغمضتُ عيني واتكأتُ على

ذكراكَ من شبرٍ إلـــــى شبرِ

فوجدتُ أنك في الفؤادِ هــوىً

يجري به كتسلسلِ النهـــــــرِ

علّمْتَ هاروتَ الذي عَلِمــــوا

ما كانَ يعلمهُ من السحـــــرِ

ولأنت ذاك السحر ما حفلتْ

شطآنُ دجلةَ بالهوى العذري

العشقُ يهزأ مـــن سيوفِهـــمُ

حتى وإنْ وُضعَتْ على النحًرِ

ومددتَ من قُضبِ الشجونِ لنا

ما يربط الضفتينِ كالجســـــرِ

سأظلُّ يا وطني أسيرَ هوىً

من ساعةِ الميلادِ للحشــــــرِ

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد 2083 : السبت 7 / 04 / 2012)

في نصوص اليوم