نصوص أدبية

نجوى طائر - فيصل سليم التلاوي

 

والأرضُ قد جادت بمكنــــــونها

ونافسَ الوهــــــدةَ منها الكثيــبْ

 

ومالت الأغصانُ فــــــي دلِّـــها

من فَنَنٍ غضٍ وعــــودٍ رطيـب

 

وكلما هـــــزّت صبــــــــا بلبلاً

جاَوَبهُ في شَـــــدوهِ عندليـــــب

 

تُنغِّمُ الطيـــــــــرُ بترنيـــــــــمةٍ

فينتشي الســـربُ سميعاً مُجيب

 

واستيقظت من نومها نشـــــــوةٌ

أخمدها بردُ الشـــــــتاءِ القريـب

 

والتمّت الأطيارُ في جَـــــــوقــةٍ

لم يبقَ في غُربته من غـــــريب

 

تعانقت نشــــــــوى مناقيــــرها

في قُبَلٍ صميمها مــــــن لهيــب

 

يا روعــــــــــةَ الطيـــرِ ويا دفأه

إذ يحضنُ المحبوبَ منهُ الحبيب

 

ومـــــــــرَّ آذارُ بديـــــعَ الرُؤى

ينفحُ أنفَ الكونِ من كل طيــب

 

وشمسُهُ تُبطئ في ســــــــيرها

كأنما قد نَسيت أن تغيـــــــــب

 

والطير فـــوق البيض في تَوقهِ

كلٌ على ليلاهُ حانٍ حسيــــــب

 

عصفــــــورةٌ قد رفعت رأسها

واحتضنت فرخاً صغيراً زغيب

 

باهت به جاراتِهـــــــا تزدهـــي

إذ إنه أولُ فرخٍ تُصـيــــــــــــب

 

لكنها أفضتْ علـــــــى رغمـها

في لحظةِ الوجدِ بأمرٍ مُريــــب

 

يا جارتي : بين قُطــوف المُنى

يومضُ في الخاطر برقٌ كئيـب

 

هــــــذا البديعُ الناضرُ المُجتبَى

أغذوهُ من لحمي ودمعي الصبيب

 

وأبتني مــــــــن خافقي مَسكنـــاً

ترنيمةُ النومِ تَوالي الوَجـــــــيب

 

أُطعمــــــــهُ عينيّ أو مهجتــــي

إن مرّ في الأيام يومٌ جَديـــــــب

 

لكنني يا أختُ أخشــــــــى الذي

لا بدّ آتٍ في نهارٍ قريـــــــــــب

 

يوم يفرُّ الحِبُ من ســـــــربـــهِ

ذات صباحٍ نحو حقلٍ خصـيب

 

تتبعــــــــهُ عينيَّ في لهفــــــــةٍ

لكنهُ يُوغــــلُ حتى يغيــــــــب

 

إنــــــي أرى الناسَ ودُنياهُــمُ

كل ُ غريبٍ ذات يـــومٍ يؤوب

 

فما الذي جئناهُ من أمــــــرنا

فمسّنا يا أختُ هذا اللغــــــــوب

 

وانتُــــــــزعت أكبادنا عُنـــوةً

فانصدعت تحت الحنايا قلـوب

 

يا حســــــــرةً ما ذقتُ أهوالها

لكنَّ قلبي إن تبدَّتْ يَـلـــــــوب

 

قالت لها: يا أختُ لا تحـزني

وتبصري قبل الجروحِ النُدوب

 

يكفيكِ من دنياكِ يا حُلــــوتي

أنك ِ أمٌ رغم كل الخطـــوب

 

حنانُكِ الغامـــــرُ طوبى لــهُ

بُوركتِ من أمٍ حنونٍ وهـوب

 

ولينطلقْ فــــــرخكِ في أفقِهِ

ما من محبٍ يأسرُالمحبـوب

 

هذا هــــو الكــون وأسرارُه

كل شــــروقٍ سائرٌ للمغيب

 

وكلما هبت شـــــماليـــــــةٌ

أو نفحت ريّا رياح الجـنوب

 

تراقص الطيــرُ وغنّى لها

ما ابتسمت شمسٌ و وافى غُروبْ

 

 

في نصوص اليوم