نصوص أدبية

رفسة / مسلم السرداح

التي ظلت توجعني طويلا، بعد ان ركض خلفي مسافة تجاوزت ربع الكيلومتر. لا لسبب الا لان عمي كان محروما من الذرية في حين كان ابي يمتلك نصف دزينة من الاولاد، وربعها من البنات الجميلات. حتى ان عمي كان يتوعدنا، دائما بالقول :

-ليتكم كنتم عندي، لعرفت كيف اربيكم.

  

أب

عمي جمع المال وابي ربّى العيال. وكانت لعمي بنتا واحدة يسمونها بيضة عاقر، بنفس عمري. ولازال جرح ابي يطاردني حين اشترى لابنة اخيه حقيبة اجنبية مدرسية من الجلد الثمين واشترى لي، بعد الالحاح والبكاء، حقيبة من النوع الرخيص مصنوعة محليا من التنك. حتى ان احدهم قال يومها لي :

ربما كانت لابيك علاقة ما مع زوجة اخيه !!

احترم نفسك. نهرته فسكت.

كلما زرت قبر ابي تذكرت ذلك.

ترى...هل كانت لابي علاقة غير سوية معها ؟

انا لا اعتقد ذلك.

  

الم

عندما كنت في السنة العاشرة من عمري احسست لستة اشهر ان الموت يطاردني بعد ان مات احد طلاب صفي - وهو ذو حضور كبير، لانه كان كبيرا اسودا ضخما وقويا. وكان يضربنا، ونحن نخاف منه، عندما كنا في الصف الرابع الابتدائي - غرقا.

  

مشكلة

زوج خالتي (الذي كنا نسميه خالي)، وسّط ابي قال له :

ان امراته، التي هي خالتي، لاترغب النوم معه. فالى اين يذهب لقضاء حاجته ؟

وتوسل ابي التدخل بينه وبينها على اعتبار ان ابي هو الاقرب لها.

حين تدخل ابي رفضت هي الفكرة، بحجة ان لم يتبق في عمرها لغير العبادة والصلاة وانتظار لقاء ربها.

كان ابي وقتذاك يعاني المشكلة نفسها مع امي.

  

ضعف

جارنا السكير يعود الى البيت في وقت متاخر كل يوم وقد عتعته السكر. ولكي يتجنب المشاكل مع زوجته يبدا غسل الصحون وارضية البيت الكبير بمراى ومسمع الجيران كلهم، في زمن كان يُستنكر على الذ َكر رفع الاناء عن الارض.

  

الكاس الاولى

كنت، ولا ازال، حذرا حتى اني كنت ارفض الدعوات الاولى المتكررة لاصدقائي في الشرب.وامام كثرة الالحاح، اختليت يوما بنفسي فشربت الزجاجة الاولى لوحدي. جلست جانبا ورحت اشربها حذرا لئلا تاخذني على حين غرة.

  

رائع

قال لي معلمي في السنة الاولى من حياتي الدراسية انك ستكون عبقريا. وفي نهاية العام اهداني اشياء كثيرة ابرزها، اربع قصص من تاليف الكاتب المصري محمد عطية الابراشي. وبعد عشرين سنة التقيته ولم يعرفني للوهلة الاولى، وحين قلت له انا فلان قال لي انت الطالب العبقري؟

  

سكير

معلمنا، مرشد الصف في مرحلة الخامس الابتدائي، جمع منا نحن الطلبة مبلغا من المال يشتري فيه هدية للطالب الاول على الصف لكنه لم يمنحني الهدية وبعد خمسة عشر عاما قال لي وكان سكرانا :

- لقد شربت خمرة بالمبلغ المذكور.

  

خطا

كنت، في الصف الخامس الابتدائي، عندما رايت بالصدفة ابي يمارس ال... مع امي فشعرت بالدونية التي ظلت تلاحقني لزمن طويل. ولا ادري لماذا ؟ مع اني كنت اعرف ان الرجال يتزوجون النساء لهذا الغرض.

  

مراهق

عندما كنت طالبا كنت احب درس الفيزياء للحد الذي كنت اتمنى لو اتقمص شخصية مدرس الفيزياء. لكنني لم اكن اتمنى ان اصير مدرسا للفيزياء في المستقبل.

ربما كنت اعتقد انني ساصير شيئا لم يخلق بعد.

  

غربة

عندما كانت بغداد في اوج جمالها. اردت المبيت في احد فنادقها وبعد جهد جهيد من البحث في شارع الرشيد، وجدت سريرا يتيما في احد فنادق الباب الشرقي ولكني لم استطع النوم لغاية الصباح، رغم شعوري بالتعب. لان كل واحد من الاشقاء المصريين يحمل مسجلا يغني بعلو صوته فيه احمد عدوية " حلاوتها ام حسن ".

  

براءة

في الصف الاول المتوسط تشاجرت انا وطالب زميل شرس استطعت ان اغلبه، طرحته ارضا وجلست فوقه. ومع ذلك رحت ابكي بمرارة لان انفي كان يعاني من الرعاف المزمن.

  

مدرّس

في السنة الاولى من تعييني في منطقة عشائرية متخلفة. عاقبت طالبا مسيئا. وقيل لي بعدها ان والد الطالب ذاك قد كسر جمجمة معلم وافقده ذاكرته عندما كان في المدرسة الابتدائية لنفس السبب. ومع ذلك لم افزع، ولكني قلقت شيئا ما عندما قابلني والده ولكنه كان لطيفا جدا معي، ربما لانه كان لايزال يعاني من مشكلته مع المعلم المخبول.

  

مبدئية

مرة في السنة الثانية، من تعييني مدرسا في التدريس الاعدادي ضربت احد الطلاب السيئين جدا كفا على خده وتبين فيما بعد انه رئيس الاتحاد الوطني في المدرسة واحد ابناء عشيرة متنفذة جدا في الحزب والقضاء الذي تقع فيه المدرسة. ووجدت ان الخلاص صعب جدا للخروج من المازق ( الحزب والاتحاد الوطني والعشيرة المتنفذة )، دونما تضحية. ولكني تحملت الصعوبة وما ضحيت بشيء، لاني لا امتلك غير قيودي.

  

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2101 الأربعاء 25 / 04 / 2012) 

في نصوص اليوم