نصوص أدبية

طرائد .. قصص قصيرة جدا / جمال حافظ واعي

ودعوتُ أعدائي ليكونوا ضيوف شرف الحفلة، وقد استنفر كل منهم غدته بسميّة من يدخرها لمثل هذه المناسبات.

 ولأنني اعرف نواياهم اشترطتُ عليهم أن يضعوا غددهم خارج قاعة الاحتفال فوافقوا على مضض.

وعند بدء الاحتفال أصبحتْ وجوههم بلون صحراوي واحد، فأيقنتُ ان غددهم السمية هي التي تشكل ملامحهم.

 

كهوف

عند خروجي من الكهف أغلقته بحجارة كنت قد دونتُ عليها اسمي وعند عودتي إليه وجدتُ تحت الحجارة رسالة تحذيرية تطالبني بإخلاء الكهف.

ولأنني إنسان بدائي ودماء الغابة المتوحشة ساخنة في عروقي وقفتُ على باب الكهف على أهبة الاستعداد، وأثناء وقوفي الطويل أخذتُ أؤلف الأناشيد الحماسية والمعلقات الحربية وارددها مع نفسي، ومازلتُ إلى حد هذه اللحظة أقف أمام باب الكهف الذي أصبح مستعمرة لجميع أنواع الحشرات والعقارب السامة ولا يجرؤ على الدخول إليه حتى الشيطان نفسه.

 

ميراث

 أقلقتَ أيامنا وأنت تطالبنا بحصتك من الدنيا فكأننا ورثناها وأقصيناك من الإرث.

 ولأن صاحبنا هذا يبدو أشبه بالسائر في نومه تركناه يمضي فلعله يصطدم بمن يقوده إلى حصته.

 

فزاعة

 يسمونني الأحمق، وينسبون إليّ الكثير من الحماقات، حتى تناسل الرواة الذين يروون عني وازداد أتباعهم ومريدوهم وأصبحتُ شغل المدينة الشاغل حتى ان ذكر اسمي ينوب عن ذكر المدينة، وقد رضيتُ بتسميتهم هذه معتقدا ان الناس بحاجة إلى فزاعة كي يعلقوا عليها حماقاتهم التي تجعلهم يضحكون على أنفسهم.

 

طرائد

 لقد قلنا كل شيء يخصنا وأسرفنا في القول واسترخينا على تخوم الذكريات واختلفنا مثل ذئبين حول جهة مطاردة الفريسة ثم طوانا الليل مثل يتيمين يبحثان عن مأوى وكنا نهبا للأضداد التي فينا، نحوم حول قولنا الذي قلناه  أشبه بطريدين.

 

ركض

 يلزمك الكثير لتصديق ما أنت فيه، أما إذا صدقته مكرها فهذا يعني ان الأمر أفلتَ من يديك،  وعليك أن تتمرغ طويلا في الحظائر المعدة لأمثالك وتركض إلى جهات لا تصدقها ولا تصدقك.

 

عماء

 الأرقام التي ترطن فينا هي ذواتنا المعدة للاحتمالات، لنزيف الطوارئ الذي ينز من أيامنا،  للدخان الأسود الثقيل وهو يقترح علينا خيارات لا حصر لها لنكتبها على شواهد قبورنا.

 

وجه في اللوحة

 قال له: ما رسمته لم يكن وجهي، انه وجه آخر لا يشبهه، وبذلك أخللتَ بشروط العقد المبرم بيننا.

قال: انه وجهك، ولكنك لم تنتبه إليه، ذلك الوجه الذي يشبه كرة يتقاذفها الجميع.

كان وجهك واقعا تم استبداله بواقع آخر، وكنتَ منتشيا به، لأن نواياك كانت ابعد من الواقع وعندما تحققتْ نواياك استباح وجهك المرسوم وجهك الحقيقي.

 

لدغة السؤال

 ليس ثمة إجابة، فسؤالك الذي تستبدله في كل لحظة يحيلك إلى فكرته وليس إلى فكرتك.

 سؤالك لا يجد نفسه فيك، لكنه يجاهد في إخراج نفسه من رقابتك، وأحيانا يتخذ شكل أفعى تلدغك ليجعلك تنشغل باللدغة لينسل خارجا.

 

احتضان

 أنت تتبنّى كل ما يخطر على بالك ثم تذيعه بين المارة فلربما ينسبونه لك ويصبح من متبنياتك، فتطمئن نفسك وتبتهج لحظتك الدخانية، ثم تتملكك لحظة من الرقص الجنوني لتجد نفسك أشبه بنرد ممسوح الأرقام مرميا على طاولة الحياة.

 

  قصص قصيرة جدا

 

استراليا

  

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2114 الثلاثاء  08 / 05 / 2012)

في نصوص اليوم