نصوص أدبية

شجرة في البرية ـ تهويمات / عبد الفتاح ألمطلبي

هكذا في بريةٍ تهربُ منها  الضِبابُ

خوف َ الأفاعي

وتتجنّبُها الأفاعي

خوف مخالبَ صقورٍ  غرثى

 ولا تغري غراباً ضلّ طريقه

عن سربٍ ناعق

حسنا فَعَلَتْ إذ أشهرَت خريفـَها

وجلستْ وحيدة ً

هذه الشجرة

مثل قلبي

تفكرُ ملياً

بأن كلَّ ما يحصلُ منسوخٌ

في ماكينة ريح ٍ

حسناً فعلتْ هذه الشجرةُ

إذ تعرت بحجة خريف مبكر

لم تعدْ تأرقُ ليلاً

من نزقِ سنجابٍ

ولا نهاراً

من مرمى حجر ٍ

 تستحم عارية في شمس الظهيرة

و الريح  تتلمس يُبسَ أغصانها

رائحة ً غادية ً

هذه الريحُ

تردعُ كلّ من هبّ َ ودبّ َ

لئلا يفكر ولو لمرةٍ واحدة ٍببناء عشٍ أو ما يشبههُ

مستغلاً عزلتها 

واقفة بسكونها مع الرياح  العواصف

وحسنا فعلت ُ أنا

إذ جعلتها مُتّكَأ َ لظهريَ الأعزل

دونَ شريعةِ العَقد ِ

بلا مقابلٍ

سوى مشاركتها في انتظار شيء ما

هكذا كلانا ينتظرُ

و  ننتظرُ

كلانا نتوجسُ من العابرين

الذين ما هبّوا ولا دبّوا

إلا  عُزّلاً من براءةٍ

مدججين بأرواح وحشية

يفتكون بالسَكِينةِ فتك المطاحن بالسنبلة

تعالي أيتها الشجرة العجفاءَ

أيتها الحكيمة  التي صامت مبكراً

قبل صياح الديك بكثيرٍ

ولم تَخُنْ

هزلت الروايةُ كلها

لا يهوذا  دون مسيح

ولا شاحذَ دون سكّين

ولا جازرَ دون عنقٍ مهطعٍ

و أنت ، أنت  أيها الموت

من يعرفك لولا الحياة

فلماذا تخطفها خطف المناجل

أيتها الشجرة التي لا يدّعيها أحد

تعالي واسمعي صمتيَ المجلجلَ

فهو الوحيد الذي يبزغُ مثلَ غيم

ربما  يمطرُ يوماً

  نفضتُ يدي منهم جميعاً

وسللتُ عليهم يأسي

صارماً  بنواطقِ الوصفِ

فقد كانوا جلبابَ خديعة ٍ

وخابية َ ألم ٍ

وحسناً فعلَتْ إذ اتكأت على جذعي اليابس

هذه الشجرة الواقفةُ في العراء

لا تتوقع مني أكثر من ذلك

رجوتها أن تكون درعي

فهي أدرأ للخطر

بل أرفق بالروح

من همسٍ مخاتلٍ

كل ما فيه ومنه  وإليه

بذارٌ  في وهدة ِ  ملح

أنا و أنت الآن أيتها الشجرة

يابسان لا يدعينا أحد

نعرف ما ننتظر

نعرفُ ما ننتظر

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2116 الخميس  10 / 05 / 2012)


في نصوص اليوم