تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

نصوص أدبية

في الغياب أتعثر بأنوارك / بشرى البستاني

فلا أجدُ في الغياب شيئا وأجدكَ في كلِّ شيءْ ...

أتلمَّسُ أفياءَكْ ..

أغيبُ عنك لألتقيكْ...

أغيب لأتوحّد بكْ..

أغيب فأتلعثم بأنوارك ...

أغيب فأجدك تفتح عينيك في شغف قلبي..

أصمتُ فأسمعكَ في خلايايَ تدعوني ...

" هذه أنوارُ ليلى قد بدتْ...."

فطلّي علي حبيبتي ......تعالي..

" فالفتى من سلبته جملةً

لا الذي تسلبه شيئاً فشي.."

وأنا ذلك الفتى، ملتاعاً...

تشتعلُ في دمه الفراشاتْ...

فأعدّي العدةَ ...

تهيئي لي..فقد مستني النارْ...

خذيني من التيه إلى الرحمانيةْ ..

ومن الشتات إلى عدنْ

لنرى كلَّ متعلِّق منقطعاً

وكل معلَّق مختلفا...

..........

قلتُ...لا تسلني فيما رأيتَ إذن..

فقد عرفتَ كل شئ..

قلتَ...سأسألك حتى يهبطَ الغيثُ

وتنهضَ الشقائقُ ويطولَ الزرعْ ..

قلتُ...

حصاةٌ تختزن النيران قلبي..

فلا تطفئها ...أحذِّركْ.

قلتَ...

سأطرق حتى تتفجر اثنتا عشرةَ عيناً،

وتهوي الحجبْ..

وبلا استئذان أدخلُ عليكِ ...

فقلبك ربيعي..

أمطارهُ رحمتي..

وشمسهُ خيمتي..

وعلى أوصابي ينفضُ شجرهُ المنَّ والسلوى..

فيشهق الحنينُ، وتتكسرُ الزوارقُ..

ويموج الكونْ...

قلتَ...سريرٌ واحدٌ يكفي..

على بهائه ينهمرُ شعركِ شلالَ فجرٍ غسقيٍّ على كتفيْ...

فتشتعل بالعبير الجنانُ،

وينفرط النعيمْ ....

وساعداكِ لي طوقان من حريرْ...

قلبكِ شرفةُ روحي أحلقُ بها ليل نهارْ..

قلتُ ...  بهاؤكَ جنتي...

فافتحها..كي أغمض بالأفياءْ ..

قلتَ...

قولي لهم .. قبلني وحدي وردّكمْ..

فتح الأبوابَ وأجلسني على الحشائشْ....

كانت الأدغالُ جذلى، والحديقةُ تشتعلْ،

وكلُّ شئ في تحيّرْ...

قلتَ....لا تؤجلي أمنيةً قط ..

فنحن من تراب وماء ونارْ...

ونارُكِ فردوسي،

أشقُّ في أعماقها طرقَ اللهبِ

فيطلع الشهداءُ مضرجين بالضوء،

وتهدلُ بلابلُ الدوح،

أشقُّ طرق اللهب فيطلع قمرٌ عراقي ّيغازلني

يجتاحُ سماءً مضببة ً بالدم ْ

ومسبيّة ً بالكوارثْ،

لكنْ ما إن أرفع له ذراعيّ ...حتى يهوي

قلتُ....

لكنك تشيعُ الإرباكَ في حقول الأمنية ..

في الليل تسترقُ السمع لأنين فراشةٍ

ترفضُ الاشتعالَ في مائكْ،

فيُجنُّ جنونك وتهربُ الغزلانْ ..

في الليل تتصفح روحي وِردا وردا ً،

وجسدي سطرا سطراً،

وفي النهار تقول علميني، أريدُ أن اعرفْ ..

فالحكمةُ رهينة محابسكْ،

ومن يعلمُني إن لم تكوني أنتِ ..؟

قلتَ..في المسلات أجدك ملفوفةً بالوصايا

وجها بلا عينينِ

ويدين بلا أصابعْ

فأبحث عن ازميل يفتح لي مسارب الضوء

وعن تعويذة تكشف الخفايا

وهل التعويذةُ إلا أنتِ،

أنفاسك وهي تبارك الكونَ ...

وشعاعُ جسدك وهو يضئ الظلمة

فتخجل الكوارثُ وتنكفئ الرزايا

علميني...فقلبك وِرْد ٌعصيٌّ

يتلجلج في أطراف الروح ولا يبوحْ

أهو الخريفُ ذاك الذي يخيفك يا ذاتَ الخالْ..!

قلتُ لا أبدا كيفْ ..؟!

وفي الخريف تشرينان وموجْ

والخريف البذارُ وموسم اللهفة ..

في جلاله تطلّعٌ وفي كبريائه توقْ،

وأنا بينهما ضارعةً أُصارعُ الوجد..

ونشوى أصعدُ بالنشيد إلى الملكوتْ..

قلتَ..على هيأة كرة خُلقتْ روحانا

ثم قُسِمت فانفصلتْ وحلّ النفي،

تلك كانت محنةُ روحكِ وروحي

أخذت ِالدفء وظلت العظامُ معي

ولذلك ألوبُ وراءك في الفلواتْ

أهزّ أعمدة عذابها باحثا عن أعمدة ضيائك في الظلمة

قلتُ...لكتكَ معي ..

في الغياب أتعثر بأطيافكْ ..

روحكِ تشتبكُ بخيوط روحي

لا يفصلهما في وهدة المشاكلة شئْ

قلتَ... بيني وبينك تنبعث غرائزُ الكونِ

وتشبُّ الحرائقْ ..

ومن أعماق الأرض تطلعُ شجرةُ الحنين مضمّخةً بالنار

ويرسم الحبُّ مشاهده ْ..

بيني وبينك دافنشي يخطط ليدا وحبيبها والبجع...

تحت أقدامهما ينبثق الخصبُ وتهفو مفاتن الحريةْ

وأنتِ ليدا وأنا البجعةُ المحترقةُ أبدا

تغني في المطلع،

وتغني وهي تدخلُ في الغيابْ...

فهل ستطفئين ناري

أم ستبتلعين وردي كما فعلتْ

قلت ُ .. ..

ألإطفاء النار خُلقتا أم لإشعالها يا ذا الجلال ْ..

ومن يجرؤ على إطفاء ما أشعلته المشيئة

قلتَ..

سأسقيكِ الليلَ نبيذا وألوّنُ لك الأماسي

وأدثركِ بغصون المنى..

وإذ تحلقين على أجنحة الغمامِ،

سأعتنق عبيرَك، وأرتدي أرديةَ الريح ِ،

كي أحرسَ ما يشعُّ من لآلئ نورك على الكونْ .

قلت ُ..هي غرناطةُ مدريد، أم مدريدُ غرناطة ..

تلك التي تهبطُ من حصان ناريّ لتعتليَ حصان َالأفولْ..

قلت َ ..هم الرجالُ الجوفُ الذين باعوا هذه بتلكْ ...

فصارت الأرضُ اليباب مأواهم

وتقول أنيمي عقلك قليلا ..

أغمضي حبيبتي ..

لأعرفَ كيف الدخولُ إلى الجنة ْ ..

قلت ُ .. غبارُ يافا في دمي ..

لا تغسلهُ المحيطاتْ،

وبغدادُ ... بغدادُ... بغداد ْ .

بالأجنحة الأقمارِ المحطمةِ في سعف روحي ..

يا أشلاءَ العذارى المنثوراتِ على أرصفة الوحشة ِ

دثريني ..

بما يتساقط من عناقيد دمعٍ يلوّنُ عينيك ِ ..

وبأقواس قزح الحزنِ التي أستظلُّ بكِ منها،

بنقاء كل نبياتِ الكون ينهمرُ من طُهر وجهك ..دثّريني

بأنوار غربة مريمية صاعدة

بوجعٍ عراقيٍّ ضاقتْ أزرارُ جروحه ِ،

وخانه الإيجازُ والمجازْ..

بوجع عراقي ّ يندلع في هاوية الروح لُجا ًمن لهبْ ...

كلما أنحرفُ عنه يهوي بي نحو القاعْ...

قلت ُ ..صدركَ سماءٌ أرتديها ..

تأخذني إليها بذراعين من رحمة،

فتذبلُ مخالبُ الحزن ِ،

ويطلعُ البنفسج ْ...

وصدري ربْوتا قرنفل ٍ،

يضيع في عبيرهما نداك َ،

وتفكُّ إسارَها الأزمنةْ ..

فيا تموزُ .... يا تموزُ الغائبْ ...

إحرثْ ...

فالأرض ما أصدأها الطوفانْ

واسقني ...فلطالما ...

"سقوني، وقالوا لا تغنِّ ولو سقوا..

جبالَ حُنين ما سقوني ... لغنت ِ

تمنت سليمى أن أموت بحبها

وأسهل شئ عندنا ما تمنتِ "

والمسني...

كي أُخصب مُنىً مطهّرةً وأياماً خضرا

تهبط من ذرى المحنة لروض البراعمْ ..

المسني ...

كي تجتاحَ البروقُ وهاداً أثقلتها مواعظُ يابسةْ ..

وأشعلَ فيها الحلمُ مكيدتهْ ..

قلتَ ..

هل ستطفئين ناري إذن ....!

قلت ُ.. وهل أجرؤ على إطفاء الكون ْ..

قلت َ...

سأذهب ولا أعود أبدا ..

لتذوقي مشقة الدوران في أفلاك الامتحان ْ...

اذ يتوهج قلبكِ ..

يشتعل، يكبو ..

وتحترق في البراري الغزلان ْ..

 

...........................

في النص بيتان للحلاج، وبيت ينسب لابن عربي ولعائشة الباعونية .

  

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2124 الجمعة  18 / 05 / 2012)

 

 

في نصوص اليوم