نصوص أدبية

مقاربات روحية (2) / حسين عجة

في اللوحة العظمى للعناصر الأربعة، مليون رجل قبلي وضعَ بصمة روحه من فوق الآمال الرمليةِ. آثار. جميل أيضاً أنفتاح النافذة على فراغها بغية أن تظل وفيةً لعرامتها المحضة، اللاذاتية. تأتي بالمواسم والتقدمات التي تُذبح على معبدها، تُفَصلْ وتُلبسْ القامات حلتها الباذخة، تسمية العوز المشعِ، دون قلقة تخت أحد. عبر شتات القول، لغيط الغرائز، تقاتل المستحيل والممكن، ترى وتَسمعُ، أنتَ، انهيالات موسيقى صباحية. قبل نصف قرن، ربما، لوث شخير رجل نعاس صومعتي. امرأة كانت شاهدة على واقعة الحياة والدم يشخب في الأواني الفارغةِ. من بعيد ولم تنبس بكلمة، راعية النحو وخصلات الشعر الباسمة تتأرجح فوق غرتها. غداة اليوم التالي، على طول وعرض جدار محنتي، كان النقش الذي عبقت به سواقي القلب، كقطرات مطر في العتمةِ التي تشطرنا الآن، أتلمسه : البغض ليس عابراً. محيتُ كل شيء. علة الوجود في سعيها لتضميد الجراح. بخبال أو وفقاً لنظام كوكبي أجهله، أزلتُ كل مادةً، مهما تعاظم صغرها. لم تكن لا أثاث ولا بكرات خياطة. الذكريات عينها. متى جاء بسكينه الباشطة لكي يذبح يقظتي، كيف فَتَحتُ له أنا باب الرواق الأسود؟ لن، هي التي تنطق بالتنهدات هنا، تتراجع خطواتي، كلما قطعت الشوط الأكبر من الخطيئة. عاشقة لعزلتي الربانية. من الماضي المخملي لسحنتي وطبائعي كان رجل الزوابع لا يرتقي مني سوى نصفي المظلمِ. الشق الوردي، اللولبي، الغافي تحت جلدي ونافورته الساخنةِ. سلة حواء؟ تضحك بإقتضاب كصدى فتوتي. نوطة. العزلة ليست فقدان أحدهم. أو الخليقة. قطع المسافات الصحراوية بعيون فارغة. عقاب مرعب حملته معي من شرق أصغر من قامته، في مسلخ الآخر الذي لا يستسيغ سوى الفضائح. بحواسه الثلجية كان يرغب ثانية سحق بتلة مفاصلنا المبعثرةِ. الخارطة مثلاً. المياه الجوفية، العاقول الشائكِ، كل ما كان يعيقُ تحركه أزاله ومزق العاطفة : بمثل تلك المخالب والقواطع صار لحمي شهيته. تصمت.

 

(2)

لتعيرني صوتها والرياح العالقةِ بنبراته، على حافة نخر العظام اليومي، هنا، حيث لا مجد للمسالخ الشرقية والحزن بوشاحه المتوارث؛ لا مجد لدخان مدافعه وهاجس سقوطه، الماثل حيث يثقل على مسار الكواكب الغافلةِ، من أجل صلح لقيط مع حيتان البحر، المدن التي ترفع عينها نحو القبةِ المُضببةِ، الإشجار المجزوزة من العنق للعنق؛ دمعةٌ، على حدود الرعب وقارة الخوف، على رئة الشاعر وغضبه المكتومِ في صندوق الوراثة، النهوض، عبر تمازج مطر العشق وصيف الإبتسامة، حتى يطال خلوة الخالق ويستنطق، بلسانه الحاذق، أسرار المذابح. لكي يجعل الشواطىء ترتقي عتبة العطش السحيقِ. يُطعم اليمامات الحائرة في وطن المنشأ. يغسل ربما اللغط عن ساحاتها العامة؛ يلتقط أنين ماضيها المُتعثرِ بخطواته عند عتبة الوجود والرغبةِ.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2130 الخميس  24 / 05 / 2012)


في نصوص اليوم