نصوص أدبية
حُلم اللحظة اليانعة / زيد الشهيد
هطولُها يُحدث فرقعةً مكتومة تقشعرُّ لها دائرةُ الماء الطينيّة، وتدفع الوريقات الخضر السيفية المتجاورة إلى المَيل والاتكاء على القرينات وسط يناعة باذخة ... وحين تخلو اللحظة من أبجدية الحركة ويغدو الشارع ساكناً يكون بإمكان الصبي الذي دنا سِماع نغمة غريبة، غامضة كأنها التكتكة المتقطِّعة تُعلن وجودَها الصوتي، وترفع قامتها الذبذبية ندّاً رافضاً لنشازات الضجيج ... لفتت انتباهه / فجّرت هي دهشته .. تحركت تولي ليدِهِ ركنَ حقيبته المدرسية، ولذائقته مهمة التركيز على الحركة المتعاقبة ... كانت القطرة تعلن تجاسدها قادمةً من قاعدة الخزّان الإسمنتي النائي الارتفاع الذي يُغذي المدينة بعذيب الماء .. ماء يرشح فيستحيل جيشاً من تكوينات كروية ترسم ماهيَّتها عبر خط الهواء الهابط من نقطةٍ تُلاحق أخرى هي خاتمة حياة عمرُها خمسون متراً .... لم يفقه الفضاء الماثل ذلك إنّما الصبي هو الذي استثار تأمله ورأى في القطرةِ الهابطة عالماً كريستالياً كروياً سرعان ما خلبه وأثار شهيته للولوج بعدما فجّرت شلالات شمس الضحى حساسية الاثنين : القطرة النزقة، والصبي المُستثار .
توالد شيءٌ ما يشبه الحوار الشهي أو الدعوة المفعمة بالفضول يغمر دواخل المخلوقين ... القطرة تتماهى بقريناتٍ لها فيبدو الجميع كما لو كان قطرةً واحدة فيما تنشطر رؤى الصبي كما لو كانت عالماً متجانساً .... سمع همسَها / ترجمت هي جذله ... أرادت أن لا تنتحر بلا ثمن،، وسعى هو أن لا يفقد سلسلة الأحلام .. أبصرها تكبر وتتسع،، وشاهدته يدنو ويقترب ... نسيت هي ضجيج الشارع، وتخلّت عن أبجدية العربات، فقط كان الوجود الماثل المتشكّل إزاءها هيئةً حييّة لصبي خرج هذا الصباح مسحوراً ومسحوباً بنداءٍ كوني لا يدرك فهمه جعله يخلِّف عالم المدرسة، وينسى حقيبته المدرسية متحركاً لهذا التماثل الفني / التشكيلي / الجمالي حيث جدرانه الشفيفة الشفّافة تتماوج لتمتص قلب الضوء الشمسي، مستحيلةً كتلة نورانية / شذرية / مشعّة تنثُّ سحراً آسراً وتنشر دعوةً أخّاذة لم يستجب لها الما حول إلاّ الصبي ..افتضَّ اللحظةَ الهلامية والجاً رحم التوافق المائي / متّكِئاً باسترخاء على الجدار اللوني الفائر / غائباً عن تفاقمات حمّى الزحام وماسكاً بنوابض الجذل العميم .. هناك إذْ القطرةُ الهائمة ستنتحر على إيقاعِ السقوطِ الطبيعي بحكمِ الجاذبية المُهيمنة، وصولاً لتمزيق رحلة التوجّه الجميل / حلم اللحظة العذبة
قصة
تابع موضوعك على الفيس بوك وفي تويتر المثقف
............................
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2141 الأثنين 04 / 06 / 2012)