نصوص أدبية

دقيقةُ صَمْت .. إنَّهُم يُحلِّقونَ فوقَ سَمائِنا / سعيدة تاقي

ذاكَ الفَرَح مُغْرِقٌ في النَّرجِسِيَّة.. لم يمنَحهم مُهلةً ليَلعَبوا قليلاً قَبْلَ الرَّحيل..

لمَ يغْمُر ضحكاتِهم بما يكفيها من سِتارٍ كي لا يُدرِكْها الغُول.

فَرَحٌ أهوَج..

يرْسُمُ لِجُمُوحِ البراءةِ قُبوراً.. و يَتْرُكُ للجلَّادين جُنُوحَ الاحتِفال..ثُمَّ يَستَشيطُ غَضَباً في الخفاءِ من مَكْرِ العابِثين.

 

فَرَحٌ يَلزَمهُ كيْ تَسْتَوي نَقَـائِصُهُ، كفَنٌ أبيضُ يُرتِّبُ فوضى الأجْساد المنتَهَكة.. و يُرَبِّتُ على الأرواح السَّامِية، بأناقَةِ طاِئِرٍ طَلِيق.

و حين تـيْـنَعُ وِشايَةُ الحُزنِ الأَسودِ، تَقْتَفِي أثَرَها بخُفَّـيْنِ قُطنِـيَـيْنِ أيدي الخَراب..

أتستَحِقُّ لحظاتُ الزَّهوِ السَّادِي كلَّ تلكَ المَقَاصِل المَنصوبَة على نَواصِي الطَّاعِـنِينَ في نشْوَةِ الاسْتِبْدادِ و الاسْتِبلاد؟؟

في بياضِهم المُسَجَّى المُمتَد طولاً و عرْضاً.. كمْ من الأرواحِ تُحلِّـقُ في الأعالي؟

هاهُنا صَمتٌ جارفٌ يَصرُخُ في وَجهِ الأحْرار.

هاهُنا الجراحُ المغتَصَبَة تسائِلُ القاتِلَ بْدَمِ القَتيِل.

هاهُنا البَسْماتُ المُغتالة تبْحَثُ عن أوجُهٍ لمْ يغالِـبْها الفرَحُ و لم يفارِقْها السُمُوُّ.

يا لَلْبياضِ المُسَجَّى..

لمْ ينشَغِلوا بالخُبْزِ و الحُرِّية.

و لمَ يقتَعِدوا الرَّصيفَ أمامَ زَئِيرِ سيّاراتٍ سوداءَ فَخمَة..

لَمْ يعتَرِضوا طريقَ دبّابةٍ "مُمَـانِعَةٍ" أو مَسالِكَ جَيْشٍ "مُقَاوِمٍ"..

لَمْ ينَزَعوا عنْ جِلدِهِم براءةَ سَنواتهم، التي لا تَتَجاوزُ في عدِّها إِطباقَةَ كفَّيْنِ تُعْلِنان بدءَ البَحثِ عن قهقهاتِ المختَبِئين في "لُعبَة الغُمَّيضة".

لمْ تُفَارِق أنامِلَهم أقلامُ التَّلوين و لا جُيُوبَ وزراتِهم قِطَعُ السَّكاكِر.

ودمٌ جَلِيدِيّ لا لَونَ لهُ يقتلِعُ شموخَ أعناقِهم.. و يُسدِّدُ جُبنَهُ نحوَ قلوبِهم..

من أينَ يغتَرِفُ الحِقْدُ كلَّ هذه اللّامبالاة؟

ألمْ يكونوا مجرّدَ أطفالٍ و العُمرُ يحْبُو أمام لَهْوِهْم؟

ألم يَكفِهِم السِّجْنُ الكبير الذي كانَ يُسيِّجُ أحلامَ غَدِهم بمزيدٍ من التَّعَـنُّتِ و كثيرٍ من الصَّلف؟

و هل يستُر الجِدارُ حينَ يُقامُ على حَواشي المَجْزَرَة الجَلّادَ أو سُيُوفَه؟..

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2142   الثلاثاء  5/06 / 2012)

 

في نصوص اليوم