نصوص أدبية

مدينة المآذن

في مدينة لا يتعدى عدد سكانها نصف المليون نسمة، ويرجع الفضل في ذلك إلى ثلة من علماءها الأفذاذ ونسيج من المؤسسات والمراكز الإسلامية التي أصبحت تخرج أفواجا من حفظة القرآن الكريم والقراء والوعاظ من الرجال و النساء على حد سواء، كما يرجع الفضل أيضا لطبيعة ساكنة المدينة وتمسكها بمبادئ الإسلام السمحة وأخلاقه الفضلى من كرم وعفة وحب للمساجد والقرآن ...

 

طابت يا دار لك الألف =  و حصونك يألفها الإلف

لك ألف سلام أرسله  =  و شغاف القلب له ظرف

و قصيدة عشقي ألفها  =  قلم لا يسعفه الحرف

بالشعر أتى بالنثر جثا  =  ليدين لآلته العزف

فأليني الطبع و دليه =  عن وجهك إن عز الكشف

لجمالك يا داري سحر =  لا يبطل عُقـْدَتـَه الوصف

لو خضت البحر أغازلك =  لاستنفد آهاتي الجَذف

لو جئت بكل الأطياف  =  شعرا ما لاح لك طيف

إني يا دار أحاولها = كلماتٍ يُعْــِوزها الحِلف

ذي وجدة مهد الأخيار  =  و العابر يشهد و الضيف

بالمهجة تـَقري الأضياف  =  و قلوب الناس لها تهفو

كالقاعة تحضن أعراسا  =  و فصول العُمْر لها صيف

من جاء يجوب شوارعها  =  صادته و مال به الطرف

فيحط رحاله يسكنها  =  و يقول هواكِ له خـَطـْف

يا وجدة حربك يخسَرها  =  للوهلة لطف أو عنف

يا وجدة سَمْتـُـك أجبرنا  =  و عفاف جمالك و العطف

بخصالك جُبْتِ جوانِحنا  =  بشموع ضيوف لا تخفو

ببسالتك، ببساطتك  =  بالدين إذا قـَصُرَ العُرْف

وَعُرفت بأنك شامخة =  بقبابك فابتدأ الزحف

لكأنك بين مآذنك  =  و قبابـِك أمواجٌ تطفو

لكأن جميع شوارعك =  و بيوتك فـَيْءٌ أو وقف

في كل ترابك قد مَرَغ َ  =  لله جبين أو أنف

سجادا صرت لمن سجدوا  =  لا يعرف رأسك و الخلف

محرابا فيك بشارتنا = لا زيغ فيك و لا زيف

و أذانك يُطـْـــِرب إن رُفِع =  كطيور دان لها العزف

الكل يُحبر داعِيــهِ  =  لرحيم عن عاص يعفو

يدعو لفلاح يُرْدِفـُه  = لِتـَشَهّـُدِه نِعْم الرِّدْفُ

يا وجدة طالت أعناق = وعلى التهليل لها عكْف

ترتج رُباك لصرختهم = فيُرى في الصدر لنا رجْف

أحياءك تصدح و الوسط  = حاشى لصفائك أن يجفو

أحييتِ الدين لساكِنـَةٍ =  فـَسَنا أمنٌ وخـَبا خـوف

ورفعتِ الشأن لقرآن =  و تباهى في يدك السيف

و تباهى الناس بقراء = من عترة داوود استوفوا

لما صدحوا بمزامير =  من خلفهم الناس اصطفوا

حفظ القرآنَ شبابُك بل =  و نساءك فالتحق النصف

من بنت الشاطئ من بعث = بعثوا و بأيديهم صُحْف

مُلِئوا الإيمان وباعثه  =  مُلِئوهُ و طاب لنا الغـَرْف

و لأهل الذكر مجالسُ مِن  =  جنات فليُجْنَ القطف

يأتي الزراعُ مواسمَهم = فتلين قلوبهم الغـُلف

وترى من حول منابرهم  =  حلقات يرسمها الطـَّوْف

لكأنك يا وجدة حج =  أزلِيّ ُ الموقف أو كهف

و كأنك دارُ الأرقم في  =  زمن الغرباء لنا تصفو

لو جاءك زيري اليوم بكى =  من أجر فاض له الضِّعف

فتفيض العين بما كسب =  وبدار يعشقها السقف

أعروسَ الشرق لقد وهن =  مني عضمٌ و شكا الضّـُعْف

مالي عن مَهرك مقدُرة =  إلا أن يُدركني اللطف

إلا قـَلـَمٌ و فم ٌ يـُفشي = ما دَسَّ لليلتــك الجوف

المهر أنا و الدار لك = و الدار الألفة لا الألف

و شهود الخطبة أجفان  =  ورموش تعشق لا تغفو

فأديمي الوصل و موعدنا  =  أن يصلح كمك و الكيف

 

     

 

 

 

في نصوص اليوم