نصوص أدبية

لا أريد لهذا الحبّ أن ينتهي / سلمى بالحاج مبروك

وأنّك تمتلك القدرة على إفناء الذات بقدر ما تمتلك القدرة على إحيائها وكأنك الله... وقد اغتصبت امتيازه في السّطوة على تجارب الإحياء والعدم الإفناء، والبعث الوجود والإعدام ...

كانت بداية الطريق معك شبيهة بقصّة الانفجار الكبير انبثاق فجائي لنور منحوت بأيادي اللّامرئي يبشّر بموسم قطف زهور الجليد البرتقالية .

كان هذا البياض القاني يزحف بيننا مخلّفا ركاما من الأحاسيس الملتهبة

كنت أتمنّى أن تتفاقم على يديك انزياحاتي اللاشعورية التي تملأ حقول الرّغبة

بنرجس الشّهوات ...

كم رغبت في إطلاق سراح لقالق العشق وأحرّر ما ظلّ فينا رهن الكبت والخوف وأحفر في الهواء قبر الصّمت المتدفّق وأدفن ما تبقّى من نشازات

التّردّد وذرّات الخراب في حنجرة العدم الخرساء .

فمتى ينعتق قلبك ولسانك وروحك من ممارسة طقوس وثن التّحفّظ وتطأ مرافئ هذا القلب المطلّ على شرفات الأمل .

كلّ أمنياته الهجرة معك فيك حدّ الثمالة والتّيه في انتشاءات شفّافة بلّورية غامضة حدّ إحتراق شموع شراييني ...دم قرنفليّ شديد الزّرقة كثيف الحرارة ينفلق شفقا فضّيا ينير عتمة الذّهول والدّهشة اللامتوقّعة .

كم أريد لكلمتي أن تصبح ناموس لغوسك وعالمك الفريد ما إن أتكلّم حتّى تراني أراك ...أنا الكلمة وأنت مدادي الذي لا ينضب وحبر دمي الذّهبيّ .تمزّق بلون الحلم دعابة اللامتناهي تفعل فيك ما لا يفعله فجر منمّق بضوضاء الصّمت وكستناء التّأمل وهو يقاتل ليلا فوضويّا منتصبا في سماء مغرقة بنور الظّلمات ..

هل يصلك صدى كلمات الفعل والإنفعال ؟ وأنت مجرّتي ومجموعاتي الشّمسية التي أعدل بها إستواء اللّيل بالنهار وكيف تتدحرج الفصول الأربعة في عينيك فيهطل منهما الأزهار والأنهار والأشجار ...

أيقظ ما تبقّى من قصائد الشّعر المندسّة في دمي المتورّد .. بعثر كلماتها كما يبعثر اللّيل النّهار ..أسطو على ما تبقّى من ناطحات العشق.. أشعل في أركان بيتي البارد كل معجزات حرائقك الأرجوانية ..لا تبقي ولا تذر مكانا لاحتمالات أخرى ممكنة أو مستحيلة ..

أعبر ما طاب لك بزوارق الأمل الطّائرة كلّ تفاصيل اللّامرئي تسرّب إلى دهاليز تمرّدي وأعدّ له ما استطعت من رباط جأش الجنون وخيول الرّغبة الجامحة

.................

 

كن على سبيل الحقيقة لا المجاز منيرفا حب يحلّق عند مروج المساء،دون مقدّمات يكسر طوفان الصّمت ويستبدل تقاليد شهريار في ممارسة فن الاستماع ..سأندسّ بينك وبيني.. وكالصّمت بين عذب الكلام .فبعض من نكهة صمتي أبلغ من صراخ الكلمات ..

أسدل كلّ ستائرك الكريستاليّة فثمّة إجراءات عاجلة من السّكون النّاضج نحتاجه لممارسة طقوس الإنتشاء على صليب الأمنيات ..

نحن على ذمّة بعضنا نركض خلف موج مشاعر في حالة من المدّ والجزر الإستثنائي تأخذنا سنة الوضعيات القصوى إلى إهدار أسرار أشيائنا الواقعة

خلف مرتفعات الضّباب الخصب؟.الحبّ الطّارئ . فكم يلزمنا من سفر المعاناة وكم يلزمنا لنحتمل إجراءات هذا الصّمت العنيف والكبت المعمّد في جسد الماء ...

قد يتراءى لنا أنّنا المستحيل ولكن المستحيل مرشدنا السياحي إلى قارات الحبّ العجوز يضيء دروب اللّانهايات.. تلك الدّروب التي تظل غاية لا تدرك ومستحيلا عصيّا على من لا يحسن حثّ خطى الأحلام ...تذكّر دوما هذا الأفق" لا أريد لهذا الحبّ أن ينتهي" بفعل رغبة لم تتجاوز حدود الرّغبات ".

 

الكاتبة التونسية سلمى بالحاج مبروك

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2153 السبت 16/ 06 / 2012)


في نصوص اليوم