نصوص أدبية

الفصل الثاني من أوبرا عايدة / سعود الأسدي

صالة في قصر أمنريس تعجّ بالجواري المحتفلات

بخبر انتصار الجيش المصري ضد جيش الحبشة

الجواري (وهنّ مشغولات بتزيين أمنريس للمناسبة):

مصرُ افرحي بالقائدِ الجديدِ

وهلّلي بالمدحِ والنشيدِ

للقائدِ المُلهَمِ والمَجيدِ

أفعالُهُ لا تنتهي

به أكاليلُ الفخَارِ تزدهي

وأنتِ يا أميرتي تزيّني

بالفلّ بالوَرْدِ وزهرِ السوسنِ

يومُنا عيدٌ سعيدْ والمنى

أشرقتْ فيه ويكفي أنّنا

لأله الحُبِّ جئنا ننحني

أمنريس: خمرتي بين يديّا

والهوى في مقلتيّا

وأغنّي لحبيبي:

يا حبيبي عُدْ إليّا !

الجواري: بربرُ الأحباشِ جاءونا غُزاةْ

وهمُ عن (مَنْفَ) قد فرّوا حُفاةْ

كضبابٍ قد تلاشى بالفلاة

رادميسٌ عادَ مرفوعَ الجبينْ

وهو يُعلي بيرقَ النصرِ المبينْ

أبشري يا أمنريسْ !

هوذا جاءَ العريسْ

أمنريس: أيُّها الغالي عليّا

رُدَّ لي روحي إليّا

أنتَ إنْ زرتَ حبيباً

ميّتاً يَرْتدُّ حيّا

الجواري(وهن يرقصن بانشراح وحبور):

ها هي جنودُ مصرٍ عائدة

بانتصارٍ من ينادي عائدة؟!

قومُها قد خسروا ،

وبنو مصرَ الكماةُ انتصروا

أمنريس (للجواري) : ها أتتْ!

أُنْظُرْنَها!

إنّي أراها كاسِفَةْ

مثلَ التي كأنّما

قد ضَرَبَتْها عاصفة

فهيَ في حزنٍ كظيمْ

ولهذا ستراني آسفِة

وأعزّيها بذا الحزنِ العظيمْ

أمنريس (إلى عايدة بلهجة تعزية):

ها أرَى في وجهِكِ الحزنَ الكبيرْ

وبعينيكِ أرَى السَرَّ الخطيرْ

وأنا قلبي عليكِ

والذي أرجو إليكِ

خفّفي حزنَكَ واحْيَيْ في سلام !

إنّما الدهرُ عدوٌ للأنامْ

وشعوري ذاتُهُ ما تشعرينْ

وأنا أُخفيه حتى لا يبينْ

فارحمي قلبَكِ من حزنٍ شديدْ

واستريحي ذاكِ ما كنتُ أريدْ

عايدة: كيف لي أنسى؟!

وأنْ أحيا سعيدة؟!

وأنا عن موطنِ الأهلِ بعيدةْ

وأبي للآن لا أدري مصيرَهْ

وهو من قد خسرَ الحربَ المريرة؟

أمنريس: عايدة !

إنما الصبرُ جميلْ

وبه قد يُحملُ العِبْ الثقيل

وجزاء الصبر بالخير الجزيل

( بشماتة وضحكة صفراء)

ولكِ الحبُّ أرَى الحبَّ يُعينْ

وأنا أو أنتِ

بالحبِّ الشهيْ قد نستعين

عايدة: إنّ أحلامَ الهوى تُعطي الحياةْ

وتعازيكِ أتتْ تعطي إلى قلبي قُواهْ

أمنريس: (اترى اسألها؟

أم تُرى أهملُها)؟

عايدة ! عندي سؤالْ

وأراكِ اليوم في أسوأ حالْ

ما الذي تُخفينَ؟

أو تخشينَ مني؟

ولماذا تكتمينَ السرَّ عني؟

هل ترى حزنُكِ مما جاءَ من ساحِ القتالْ؟

فلقد جاءَ الخبرْ

أنّ جيشَنا انتصَرْ

وجيشَكم قد اندَحَرْ

وأنّ منّا قائداً

قد أتاه حتفُهُ؟

عندما قد خانَهُ

في التحدّي سيفُهُ؟

عايدة ( بفزع): تقصدينَ رادميسْ

أمنريس: أيْ نعمْ

وأنا قد كادَ يُرديني الألمْ

عايدة: يا ويلتا !

متى أتاكِ الخبرُ؟

أمنريس: جاءني قبلَ قليلْ

أنّه في ساحةِ الحربِ قتيلْ

عايدة: ويلاهُ ماذا تُخبرينْ؟

أمنريس: هو ذا ما تسمعينْ

رادميسُ لم يُعِنْهُ سيفُهُ

وأتاهُ من عُدُوٍّ هتفُهُ

عايدة: إنْ أتى بالصدقِ هذا الخبرُ

فأنا قلبي له ينفطرُ

وأراني بالأسى أنتحرُ

أمنريس: أي نعمْ

هكذا جاء الخبرْ

مثلما جاءَ يُعاديكِ القدرْ

جاءني ...

عايدة: وأراهُ بالمعاداةِ انتصَرْ

وسأبكي طالما طالَ العُمُرْ

أمنريس (بصرامة): عايدة لا تنكري !

فالذي أخفيتِ عني قد ظهرْ

أنت تُخفين له الحبَّ العميقْ

وأرى في مقلتيكِ

الحبَّ قد دلَّ عليكِ

فانظري في مقلتيّْ

رادميسُ لمْ يمتْ

خبَري قد كانَ من بابِ الخداع

لأرى ما تُخبئين

من هوىً بين خوافيك دفين

رادميسُ الشهْمُ حَيَّ

أنتِ قد أحببتِهِ

وأنا أحببته

ولذا ما بينَنا أقوى نزاعْ

أنتِ يا هذي أسيرَةْ

وأنا من نسلِ فرعونٍ أميرةْ

فارحلي عني !

ولا تبقَيْ لَدَيّْ !

رادميس عندما ياتي

سوف لا يأتي إليكِ

إنّما يأتي إليّ

عايدة (للجواري):

يا لتعسي وشقائي

ما الذي أسمعُه ُ؟

هي لا تخفي عدائي !

ويحَ قلبي ما أقولُ؟

إرحميني أمنريس !

إنّني أحببتُهُ الحبَّ الكبير

يا لَضعفي !

كيف أُخفي ذلك الحبَّ وأُنفي؟

فأنا لا أكذبُ

إنّ حبّي قَدَرُ

والذي أوحى بحبّي قمَرُ

وأنا قد صرت للحبّ أسيرةْ

رغمَ أنفي

أمنريس (بغضب): أنت للحبّ أسيرةْ

يا حقيرةْ !

سوف أبقيكِ كسيرةْ

لحبيبي أنت تُخفين الغرامْ

وأنا ممّا أعاني لا أنامْ

سوف يأتيكِ انتقامي

لذّة الحاسدِ في الحبّ انتقامْ

عايدة: إرحميني !

أنا لا أقوى على حَمْل العذابْ

وحياتي مثل صحراءٍ يبابْ

ارتجي الموتَ

لذا لا تحزَني !

بلِ افرَحي

عن قريبٍ سيواريني الترابْ

أمنريس: إذهبي عودي إلى الترْبِ

من ذي التي تقوى على حربي؟

عايدة: إن حبّي ساكنٌ قلبي

أنت لا تمحينَه مني

أهلاً بموتي !

وعلى الرَّحْبِ !

أمنريس: موتكِ يا ذي سوف يَشفيني

أو ترحلينَ وذاكَ يكفيني

عايدة: يا ربِّ أتمِمْ نعمتَكْ !

بالموت أرضَى رحمتَكْ

العيشَ لم تقسمْه لي

بالموتِ أرجو قسمَتَكْ

 

)المنظرالثاني(

( في الطريق إلى طيبة ، وأمام معبد أمون تحت ظلّة كبيرة أقيم كرسي فخم لجلوس الملك وعن اليمين والشمال مقاعد للأعيان والكُهّان ، تُظلّها أقواس نصر زاهية) .

يأتي الملك في محفّة فاخرة تحملها ثمانية عبيد، ويتبعه رجال البلاط .

يتخذ الملك مكانه على الكرسي الفاخر والحاشية على جانبيه على مقاعدهم الوثيرة)

الكورس: شكراً لأيزيسَ التي

حَمَتِ البلاد بقوّةِ

والمجدُ للمَلِك الذي

قد صانَ أشرفَ رايةِ

سيدات طيبة: لنضفرِ اللوتسَ والأزهارا

نزيِّنِ الأبطالَ والأحرارا

من جلبوا لطيبةََ انتصارا

وألزموا عدوَّنا الفِرارا

وجلبوا مئاتِهم أسارى

الكهنة (نشيد للمنتصرين):

هلّلوا باسمِ الكماةِ العائدينْ

واهتفوا باسم الأباةِ الظافرين

يا بني مصرَ تعالَوا أجمعينَ

وارفعوا الراياتِ للنصرِ المبين

قد أتى القائدُ مرفوعَ الجبينْ

الملك( بصوت مُجلجل):

يا بني مصرَ أيا رمزَ الفخارْ

أكْرِموا منقذَنا ليثَ الدِّيارْ

رادميسَ المجدِ موفورَ الوقارْ

قسماً أعطيه ما يرغبُهُ

وألبّي كلَّ ما يطلُبُهُ

وابنتي تُلبسُهُ إكليلَ غارْ

يجعلُ الشمسَ على البدرِ تغارْ

( ينحني رادميس أمام أمنريس

فتضع على رأسه إكليل الغار)

الملك (يتابع): ما الذي تبغيه؟

أطلبْ ما تريدْ !

كل ما تبغيهِ أعطيكَ المزيدْ

رادميس: كل ما أرجوه من مولى البلادْ

راعي وادي النيل مرفوع العمادْ

أنْ ترَى الأحباشَ أسْرَى مُقْرَنينْ

ويَمروا من أمام الحاضرينْ

(يتقدّم أسرى جيش الحبشة حفاة أذلاّء مصفّدين مطأطئي الرؤوس أمام منصّة الملك والوجهاء والأعيان والكهّان وحشود الشعب تشرئبّ ، ويرى في المؤخرة أموناسرو ملك الحبشة ذليلاً يتملّكه الإعياء يجرّ ساقيه جرّاً)

رامفيس والكهّان (في ابتهال):

شكرُنا للربّ مولانا الرحيمْ

صاحبِ العزّةِ والمجد العظيم

واهبِ النصرِ إلى الشعب الكريم

عايدة (ترى أباها أسيراً):

يا لتعسي! ما أرى؟ هذا ابي !

يا لَحزني ! ولِقلبي المُتعَبِ !

أمنريس( بشماتة):

هي ذي قد أبصرت ذاك أباها

رُبّما تبغي به أنْ تتباهى

تنزل عايدة إلى أبيها وتضمّه الى صدرها باكية:

والدي ماذا أرى؟!

أنت أسير؟!

يا لَذلّي عاريَ الرأسِ حسيرْ

أموناسرو (بصوت خفيض):

عايدة ! إنتبهي !

لا تلفِتي الناس إليّ !

قد كفاني الذلّ قيدي في يديّ

ودعيني أمشِ فالظرف عسيرْ

الملك (الى أموناسرو وقد تأخر قليلاً):

أنت ذا هيّا !

وتابعْ في المسيرْ !

يا أنت ذا؟

من أنت ذا؟!

أموناسرو(يشير إلى عايدة): إنني والدها

ولقد حاربتُ حتى أنْ هُزِمْنا في القتالْ

كنتُ أسعى نحو موتي

غيرَ أني كنتُ أسعى في المُحال

وثيابي لك تحكي

كيف لم أخشَ النضالْ

وجنودي استبسلوا

(أموناسرو يوهم ملك مصر بموت ملك الحبشة في المعركة)

وأنا استبسلتُ حقّاً

في دفاعي عن مليكي

ولقد حاربَ حتى

خرَّ أرضاً في غشاءٍ من نبال

نحن قاتلنا لنحمي وطناً

ورأينا الحربَ فرضاً واجباً

فإذا حربُ الرجال

في سبيل الوطن الغالي اتهامٌ للرجال

فأنا معترفٌ بتهمتي

أرتضي بالحكم ضدّي

لكنِ الحربُ سِجالْ

إنّ من ماتوا استراحوا وكفى

والذي أرجوه من قدرتِكُمْ

مَنْحَ من قد أُسِرُوا عفوكُمُ

وهو مَنْحٌ واقتدارٌ منكمو في كل حال

عايدة: حبّذا العفوُ الكريمْ

من عظيمٍ لعظيمْ

الأسرى والعبيد:

قدرٌ قاسِ علينا

ومليك مقتدِرْ

نطلبُ الرحمةَ منه

وهي للمهزوم تأتي

من سماحِ المنتصرْ

عايدة: قدرٌ من فوقنا

ما الذي نفعلُهُ ضدّ القدَرْ؟

حبّذا عفوُ المليكِ لو صَدَرْ

الأسرى والعبيد:

إن طعمَ العفوِ حلوٌ كالشرابْ

إننا نرجوه لا نرجو السرابْ

عايدة: حظّنا العاثرُ صعبٌ وشديدْ

حينَ لا يأتي إلينا ما نريدْ

الأسرى والعبيد:

يا مليكَ الفخر والمجد التليدْ

امنحِ العفوَ لنا نحن العبيدْ

عايدة وأموناسرو:

صوتنا بالعفو يشدو في المدى

من يفعلِ الإحسانَ يُدْركْهُ غدا

الأسرى والعبيد: كم نعاني من عذاب !

أتُرى نلقى الثوابْ؟

رامفيس والكهنة: إنه حكمُ القدرْ

وعليكمْ قَدَرُ الموتِ صدرْ

عايدة والأسرى والعبيد:

يا مليكَ العدل يا راعي السماحْ !

نرتجي العفوَ علاجًا للجراحْ

رامفيس والكهنة: كيف ترجون علاجاً للجراحْ

ليس غيرُ الموتِ

من ماتَ استراحْ

عايدة والعبيد والأسرى:

نطلب الرحمةًً !

رامفيس والكهنة:

بل اطلبوا النقمةً !

عايدة والعبيد والأسرى:

نطلب الرحمةَ منكم هل تكونْ؟

رامفيس والكهنة ( بسخرية):

قد تكونَ !

فاطلبوا إن شئتُمُ منّا المنون!

عايدة (بجرأة):

إنّ فقدَ العدلِ في الناسِ جنونْ

أمنريس (بامتعاض):

هو ذا قائدُنا يرنو إليها

ليس يُخفي نظرةَ العطفِ عليها

وهو لولا أنّه بينَ الحضورْ

ربّما يسعَى لتقبيلِ يديها

أموناسرو: كل ما نرجوه كِلْمة

فلتكنْ كِلْمةْ رحمة

رامفيس والكهنة:

كل ما نرجوه كلمة

فلتكن كلمةَ نقمة !

الشعب ( بصوت رزين):

أيُّها الكُهّانُ بالله اهدَأوا!

وافتحوا نافذةٌ نحوَ السّلامْ

أنتمُ بالعفوِ أنْ لم تبدأوا

فسيأتينا أذىً أو إنتقامْ

وعلينا إنْ قرأتُمْ فاقرأوا:

وعظةُ العفوِ اقتدارٌ في الكرامْ

ومليكُ العدلِ ذو الخُلقِ الكريمْ

في يديه العفو والحُكْمُ السليمْ

فاسمعوه !

وأطيعوا:

ودعوا الموتََ !

وللأسْرَى رجاءً منكمُ

لهمْ لا تطلبوه !

عايدة: ذا كلامُ الحقِّ والعدلِ اسمعوهْ !

شعبُكم يرجو لكمْ أن تَتْبَعْوهْ

الملك ( بوقار): طالما أنَّ لنا

بيرقاً بالنصرِ يعلو

نمنحُ العفوَ إليهم

إنّ مَنْحَ العفوِ فضلُ

تطلبونَ القتلَ ظَنّاً

أنّ فعلَ القتلِ سهلُ

هو صعبٌ غير أنّا

وجميعُ الناس تدري

أننا للعفو أهلُ

وإذا ما العقل ولّى

فالتزام العفوِ عقلُ

العبيد والأسري والشعب

(في صوت واحد) :

هو ذا القلب الرحيبْ

حينَ يدعوه المنادي يستجيبْ

والذي يأمُلُ فيه لا يخيبْ

رادميس (وهو يرنو إلى عايدة ):

في الذي أرضَى به تجري الأمور

أمنريس (بغضب): رادميسُ لعبةٌ بينَ يديها

وهو يبدي اللطف والحبّ إليها

وأنا كم أزدريها

أبتغي منها انتقاما

ليتَ ما كان غراما

يصبحُ الموتَ الزّؤاما

رادميس (لنفسه وهو ينظر الى عايدة):

ألأسى في وجنتيها

والهوى في مقلتيها

وهي كم تزداد سحراً

إنّ روحي بيديها

أشعلت قلبي بنار

الحبّ يا خوفي عليها

آهِ إنَّ الليلَ آتٍ

ليتني أغفو لديهـا

(يتحوَّل إلى الملك):

يا مليك العدل عفواً

إمنحِ العفوَ إليها !

الملك ( يُصيخ السمع):

رادميس هاتِ قولا

أنا لم أسمعْك أصلا

رادميس: إنما الرحمة أولى

الكهنة ( يجأرون من جديد) :

ألف كلاّ

أشبعوا الأعداء قتلا

اقتلوهم أجمعين !

واستريحوا منهمُ كلّ السنين !

الشعب: ليس قتلُ الناسِ سَهْلا

فلنكنْ للعفو أهلا !

رامفيس: ليس من قد قاتلونا أبرياءْ

إنهم أعداؤنا أهل الشقاءْ

فاقتلوهمْ واستريحوا منهمُ

وأريحوا الناسَ من هذا البلاءْ

إنهم يا رادميسُ !

إنْ عفوْنا عنهمْ

في غدٍ يجتمعوا

وإلينا يرجعوا

وقديمًا قال بعضُ الحكماءْ

إنتكاسُ الداءِ كم يُقصي الشِفاءْ

غيرَ أنَّ الكيَّ بالنارِ إذا

لم يكنْ بُدٌّ يُرَى خيرَ دواءْ

رادميس: ملكُ الأحباشِ إن مات فلا

لن يعودوا وسنبقى آمنين

أموناسرو هو هذا بينَهمْ

وسيبقى عندَنا العُمْرَ سجينْ

رامفيس( يتزحزح عن رأيه):

حين يبقَى أموناسرو عندنا

فهو للسلم وللأمن ضمانْ

ولذا نطلب عفواً عنهمُ

ربمّا يُجْنَى من العفوِ الأمانْ

فكرةً لا باس فيها

هل ترى مليكُنا

يا رادميسُ يرتضيها؟

الملك: إن يرَ المجلسُ هذا

الرأيَ فالعفوُ صوابْ

وهو عَدْلٌ وأراهُ

منكمُ خيرَ جوابْ

(أعضاء المجلس يشيرون بالموافقة)

الملك (إلى رادميس):

رادميسُ قِرّ عينًا

عفوُنا إرْثُ الجدودْ

قد عفونا بشُمولٍ

وإذا عادوا نعودْ

رادميسُ إنّ شكري

لك من غير حدودْ

قدتَ جيشاً لانتصارٍ

عادَ خفّاقَ البنود

إنّ في عنقي لعهداً

لك من خير العهودْ

وأنا الآن أوفّي

الدَّيْنَ والناس شهودْ

أمنريسُ هي عِرْسٌ

لكَ والعدلُ يسودْ

وعطائي عرشُ مصرٍ

لكما بعدي يعودْ !

فافرحا فاليوم عيدٌ

وانثرا فيه الورودْ

أمنريس (إلى عايدة):

ما الذي تبغينَهُ يا أمَتي

لم تعدُ تحلو لكم أغنيتي

حصحصَ الآنَ لنا الحقُّ وبانْ

فابعدي عن طريقي

قبلَ أن تُكْوَى يداكِ بالحريقِ

وأنا سيدةٌ في ذا الزمانْ

والذي يُعْطَى إليهِ الملكُ

يُعطَي الصولجانْ

جموع الشعب:

مصرُ تحيا أرضُ إيزيسَ المُنَى

جلبَ الأمنَ لها الجيسُ الخميسْ

عاشَ حُرّاً ذا سناءٍ وسنى

قائدُ الجيش المفدّى رادميس

هَزَمَ الأعداءَ طعناً بالقنا

عاش للمُلكِ وعاشتْ أمنريسْ

ينعمان بالرفاء والهنا

إنّها خيرُ عروسٍ لعريسْ

عايدة:

كنْ لطيفًا بي ! خفيفًا يا قَدَرْ !

آه ما أقساكَ ! والحظُّ عَثَرْ

أترى بي رادميسُ قد غَدَرْ

والأماني كلُّها راحتْ هَدَرْ

ضاع حبّي والأسى يقتلُني

من لقبري في غدٍ ينقلُني

أمنريس: إنها تشكو له تبتهلُ

ليتها الآن لقبرٍ تنتقلُ

أموناسرو: إنّ من يَخْذُلُ سوف يُخْذَلُ

والذي يَقتلُ سوفَ يُقتلُ

ولكلٍّ في كتابٍ أجلُ

الأسرى (بابتهاج كبير):

ألف شكرٍ لك يا مصرُ العظيمة

أنتِ يا مصرُ مدى الدهرِ رحيمة

قد منحتِ العفوَ في الحربِ لنا

حيثُ أنّ الفتكَ بالأسرَى جريمة

نحنُ أحرارٌ غَنِمْنا سِلْمَنا

وسلامُ المرءِ في الدنيا غنيمة

رامفيس والكهنة:

إنّ ايزيسَ حَمَتْ موطنَنا

عندما اختارتْ إلينا رادميسْ

ويتمُّ السعدُ فينا عندما

رادميسُ يحتفي بأمنريسْ

عايدة: يا لتعسي! أين عُرْسي

يا لَنحسي! ما العملْ؟

يا لَبؤسي يا لَيأسي

لم يعدْ عندي أملْ

رادميس:

ألسماءُ فوق رأسي تُطبقُ

ما جرى أكادُ لا أصَدَّقُ

ضقتُ ذرعاً

قد حواني مأزقُ

هكذا يسقطُ مني البيرقُ!

لا أرى في عرشِ مصرَ فائدةْ

إن أنا فقدْتُ حُبَّ عايدة

أمنريس:

فَرَحي أُحِسُّه كمْ يكبرُ

مثلُ روضٍ في فؤادي يُزْهِرُ

رادميسُ قد أتى منتصِراً

وأنا بحبِّهِ أنتصرُ

أموناسرو (لعايدة):

يا ابنتي تشجّعي !

لنا بصيص من رجاء

وبلادي ترتجي منكِ العطاء

وغداً سوف نعودُ للوطنْ

مثلما كنا ويُرضينا الزمنْ

بالذي نبغى ونحيا سعداءْ

الشعب:  يا بني مصرَ ويا هذي الجموعْْ

أشكروا إيزيسَ حبّاً وخشوعْ

قد حَمَتْنا من شرور المعتدينْ

وأتى أبناؤُنا منتصرينْ

فاضفروا اللوتسَ والغارَ لهم

واشكروا مجهودَهم طولَ السنينْ !!

 

انتهى الفصل الثاني

ترجمة شعرية: سعود الأسدي

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2155 الأثنين 18/ 06 / 2012)

في نصوص اليوم