نصوص أدبية

أسرعْ إليها .. على مَهَل / ياسمينة حسيبي

 

  

جــوفُــكَ فَـــارغٌ  ... إلّا مِـــنْها

تجلسُ عند مدْخل القلب - كعادتها -

لِتحرق أعوادَ الــبُـخُـور

في ضلوعكـَ !

أيّها الطّــاعنُ في النُّسك

جاءَتْكَ مدَجّجــة بالحب

وأنتَ أعزلٌ .. إلاّ من سُبْحتِكـَ،

سقيطُ الندَّى يرقصُ فوقَ شفتيْها

وأنتَ ضمآنٌ ..

تبحثُ في وجهها ..عن فمكَـ

فيَتيبّس الصّمتُ ..

في حلقِ الكلام

اللّـيل يتهافتُ على أطرافِ قميصِها

والضوءُ يملأُ من عينيهـا كأسيْنِ

كلّ ما فيها يسبّح للرّحمان

غِنجُـها .. قمّـة الإيـمان،

ضحكتُها... سجّـادة للصّلاة

سَتحْتشد أنتَ و" كُـلّكـَ" في ممرّاتِها

الممنوعة،

وستغتسلُ من أمطار عشقِــهـَا

على مرأى من الملائكة.

وتِلْوَ كلّ عناقٍ ..

آهةٌ تُشعلُ الغابات حريقًا.

هيَ القارّة الــثامنة ..

ووحدَكـَ ... "سُكّانُها"

تتكاثفُ في أراضِيها

حَـدّ الازدحام .

أَصبحتِ الآن.. قاب شهقتينِ منكَ،

أو أدنى !

وسماءُ يديْها مكشوفةٌ

لعُـيون اللّمس.

تعلو بكــ .. إلى انْهيار

تمـُــــدُّ همسَها في أنْــفَــاسكَــ ..

بدلالْ !

تسُافر في دمكـَ شلّالاً هادرًا

وتبتكرُ قواميسَ اللغةِ

من تنهيدة.

متجبّرَةٌ في العذوبة

طاغيةٌ.. في النّظرات

تكبّلكـَ برموشها بافتِتان

صوتُها النّاعم..

يُطْبقُ على أسماعكـَ

كالموتِ المُـشتهى !

عيونها ...تتقنُ كلّ اللغات

تطـقَـطِقِ الغنج بالمواويل

تُجيد الرّقص على رنين الخلخال

وتروّض نبضكـَ على إيقاعها

أُنثى.... بلْ مهرجان أنوثة

تنتشرُ حولَـكـَ كالفوضى العارمة

كيومٍ عاصفٍ...

يتلوّى الهواء .. من لَـفَـتاتِِـها الذّاهلة

والسَّبْحةُ تُسقْسق بين أصابعك..

تنفرطُ الحبّات بذهولٍ،

فيتهاوى جدار (الفراغ)

الفاصلِ بينهــَا ... وبينكـَ !

تيْـنَـعُ وردةٌ  في الأرضِ ..
ويستيقظ المارد النائم تحت جلدكـَ

تدسّ أصابعها الحريرية

في  خصلاتِ شعركـَ

فتَـنْـتسبُ إليها .. بكلّ جوارحكـَ.

ما عُدْتَ تمُتُّ لنفسكـَ ..

بِـأية صِلَة !

حرّرَتْـكَ " مِنْكـَ " بتسبيلة عيْن

ستقفُ في المسافةِ اللاّهبَة

من شفَـتَـيْها ..
وتَضِيع في قُـبْـلة كجمرِ الغضا

عرضُها السّماوات والأرض

ستنام بين ذِراعيْها

كجنديّ مهزوم

زَرَعَ قنابلَ النّبض

في صدره.. مستسلمًا

وستحنو عليكَـ ،

حتى يغارُ منكـَ الحنان

امرأة من جنّة ..

ونارُها حِـممٌ في جوفكـَ

" تُسَاوِمُـكـَ " في حواسِكـَ ..

بنقشِِ الحنّاء على يديْها !

تُعيدُ تكوينكَـ ،

وتُعطّـر دمكـَ برائحة القرنفل ..

عندَ كلّ طلعةِ فجر،

تفتح لكَ أبواب روحها العليا

لتنْـدسّ في مسام جلدها

آية من مسكٍ وعنبر

حجيجُ العناقِ يبتهلُ

بين يديها خاشعا..

فتوضأ في محاجر عينيها،

واقْـتَـبِلْ  للْعشقِ في محرابها

ترجّل عن صهوة الشوق

وتطهّر من عِـطـر كلّ امرأةٍ ..

أَغْـوَتكـَ قبلها

أسْـرِعْ إليْـها .. على مَـهَـل،

لا تتعجّلِ موتَكـَ فِــــــيهــا !

 

ياسمينة حسيبي

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2161 الأحد 24/ 06 / 2012)

في نصوص اليوم