نصوص أدبية

مِرانٌ في الجَحيم / ذياب شاهين

ولا جَحيمَ

إلاّ صيفَ بَغْداد

السّماءُ تَسْتلقي

على حَريرِ أصابِعي

الريحُ تشققُ الجُدْران

وتَفحُّ في أُذُني

أتَمَرَّنُّ في الجَحيم

كيْ تكونَ جَهَنّمَ

باردةً

على خِطّاءٍ مِثلي

تابَ إليك

متوسداً مقْلتيكِ الحانيَتيْن

وجوهُ الصَبايا

تذوبُ تحتَ شهيقِ

الرياحِ المُتَجَهّمة

وعُيونُ الفتيةِ

حَمْراءُ

ورّمَها جَمْرُ حُزيران

نلبَسُ دِشْداشَةَ الخَوفِ

ولَعْنةٌ الصّمْتِ

نَتوارثُها جيلا بعدَ

جيل

ندْحو الأمَلَ

رَغيفَ خُبْزٍ

ليَحْرقُهُ التَنْور

لا روحَ في الأسلاكِ

والعَصافيرُ بكسلٍ لذيذٍ

تَسْتَحمُّ بضوءِ الشّمْسِ

الماكرةِ

هي تَبْني أعْشاشَها

على أعْمدةِ الكهْرباء

بعدَ نَفوقِ الأشْجارِ

خَفيفةٌ أقْدامُنا

حينَ تُسابقُ المَصابيحَ

لا رَحيقَ

ينسلُّ إلى غُرَفِ نومِنا

سِوى

صَخَبِ الظُلْمَةِ والطّنينِ

مُفْتَرِسٌ صَمْتُ الأسْلاكِ

وتَحْتَ قَدَمي

نَبْعٌ من الوجوم

كيفَ أضْحَتْ

فاخِتاتُ دِجْلةَ

حَشَماً عِنْدَ الأغْرابْ

الشَجَرةُ تنْزَعُ ريشَها

والظّهيرةُ طَويلةٌ

كلِسانِ سِياسي ِّأحْمَقَ

أتَمِرّنُّ على الجَحيمِ

فالجنّةُ

تحتَ أقْدامِ البُلهاء

والفِردوْسُ تُمَشِّطُ

شَعْرَ عانَتِها للّصوص

الليلُ

أتْعَبَهُ الليلُ

والنّهارُ يَتَصبّبُ حِمَماً

الشّمْسُ

تَرسِلُ جُيوشَها المُلتَهبَة

هَدايا للمُعْدَمين

القَمرُ يَنْزعُ قَميصَهُ

ويَعْصِرُ لُجيْنَهُ الساخنَ

على رؤوسِ المُجْهدين

لا ظلَّ

تَحْتَ غُصنِ الشّجَرةِ

وللسماءِ

جُنودٌ من جَمْرٍ

تُسمِّمُ خُدودَ الصَبايا

في المَدينةِ المُكبّلة

لا أرى في جَبينِكِ

سِوى الأخاديدَ

والفضائياتُ

تحيضُ خَرْدلَا

منذُ سنين

وربيعُك

مدجّجٌ بالأكاذيبَ

لا ماءَ في دِجْلةَ

والفراتُ يَقيءُ كِبْريتاً

على مُروجِهِ المُتَماوتةِ

لا أكثرَ سوادا

مِنْ دُخانِ

ظَهيرةٍ في الرّصافةِ

سِوى وُجوهِ

المُهرِّجين

سَعيدةٌ بِصيْفكِ يا بَغْدادُ

فَسادتكِ يَسْتَمْنونَ

على الأرائكِ

والخَضْراءُ

فُردوْسُ الثعالبَ

وما حَوْلها جَحيمُ

المُعْدَمين

ياااااااااه

كمْ تَغْويكِ الفِتنةُ

يا مَدينَتي العَليلة

وكمْ

يَنْدَسُّ تَحتَ جِلدِكِ

حَليبٌ فاسدٌ

يَتَخثّرَ في ضَرْعيك

ألا تَنْدَمِينَ

يا حَبيبَتي الشّهيّة

فالقَدرُ ليْسَ دَريئةً

وبَردُكِ

مَتى

توزّعينَهِ على عيونٍ

رانياتٍ إليك

آهٍ

لو تفورين

كوني تنّورا

لمرّةٍ واحِدةٍ

.

.

.

وسَتَسْعَدين

بغداد

‏الإثنين‏، 18‏ حزيران‏، 2012

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2161 الأحد 24/ 06 / 2012)

 

في نصوص اليوم