نصوص أدبية

سفيـه اللسان .. قصص سريعة النبضات / نبيل عودة

اندفعا لعناق بعضهما بشوق .

-     اهلا اسامة .. مر وقت طويل منذ افترقنا

-     ثلاث سنوات وكأنها دهر كامل يا غالب

-     ليتها تعود ايام زمان

-     ونستعيد ايام الشباب الباكر .

-     أيام الدراسة الثانوية والعابنا بالحارة

-     انت غادرت حارتنا

-     ومنذ ذلك الوقت افترقنا

-     ماذا تفعل في الجامعة اليوم ؟

-     وصلت امس يا غالب وهذا يومي الأول، امامي اربع سنين حتى نهاية الدراسة، وانت كم تبقى لك لتنهي الجامعة ؟

-     بقيت لي الحمامات في الطبقة الأخيرة وانهي ..

 

نرسلها لك بسعادة....

رن التلفون في آخر الليل، كان المتحدث "زامر المسلح"، فقيه الأدب، ما كدت أقول حرفاً إلا وكلماته تتدفق.

 - وصلت لصانع شواهد القبور؟

 - أجل، لكن ما العجلة لتتصل في هذه الساعة؟

 - أريد أن تجهز لي شاهد قبر.

 - حسناً تعال غداً...

 - ولكن المرحومة عزيزة علي، وأريد أن أطمأن إلى أني في العنوان الصحيح.

 - يا حبيبي، هل تعرف ما الساعة الآن? الصباح رباح... نحضر لك بدل الشاهد شاهدين.

 - لا فقط واحد... هل أنقلك النص؟

رأيت أن الشخص بالطرف الآخر لا يسمع إلا صوته، قلت:

 - هات... ماذا نكتب؟!

 - أكتب: هنا ترقد الزوجة الغالية نيروز، رجاء يا الهي استقبلها بسعادة مثل ما أرسلها لك بسعادة!!!

 

هنا يرقد رامي سعيداً

كان رامي يحب الحياة ويحب المناصب ولو على خازوق.

تقدم به العمر وهو مكانك عد.

كان ينظر حوله ويشتاط غضباً. كلهم صاروا حملة ألقاب وهو ما زال قطروزاً رغم شعوره أنه أفضل من الجميع، وشهاداته تملأ حيطان الديوان.

كان يغضب حين يقال أن فلاناً أنهى الجامعة ونال لقب جامعي وما هي إلا بضع سنوات واذا هو في القمة... وأنت يا رامي مضت سنوات عمرك بلا فائدة، رغم شهاداتك وثرثرتك.

كيف ينجح الآخرون، وانت مكانك عد؟!

قضى جل أيام عمره غاضباً. ربما لهذا السبب تعقدت دروب الحياة أمامه أكثر.

عندما تقدم به العمر، وبات يتحرك بصعوبة، فكر وقال لنفسه لا بد أن أجعل من موتي حدثا لا ينسى، اخوزق به الجميع، عندها سيعرفون ان رامي كان ذكيا جدا.

قبل موته بيومين انتهى من كتابة وصيته، ولأول مرة يشعر بالرضاء عما أنجزه، قال المعزون:

 - أخيراً انتقل إلى ربه راضياً مرضياً.

المفاجأة كانت في وصيته التي فتحت بعد انتهاء مراسيم العزاء. كتب كلمات قليلة:

 - انقشوا على شاهد قبري كفة يدي مضمومة الأصابع إلا الإصبع الأوسط بارزاً إلى أعلى وتحتها: "هنا يرقد رامي سعيداً"!!

 

احذر أن تقربه

 كان الحوار حاداً حول الميت المسجى. زامر توفاه الله: ولا أهل له غيرهم، فهل عليهم الصرف على أجره ودفنه بسبب رباط العائلة؟

 البعض اعترض وقالوا أنهم براء من زامر حتى اليوم الآخر، لقد نهب بيوتنا وسطى على أموالنا وأملاكنا، وأبقانا على البلاطة، لتأكل لحمه القطط والكلاب، الأمر لا يخصنا.

 قال كبيرهم: يا جماعة الخير مهما كان في دنياه حسابه عند ربه، انه يحمل اسمنا، ونحن نقوم بواجبنا نحو عائلتنا، صحيح أنه نهبنا، ولنعتبر ان مصروفات دفنه هي سرقته الأخيرة لنا.

 - بل يسرقنا حتى في مماته!!

وبتردد، وبسبب ضغط كبير العائلة، دفع كل فرد حصته مجبراً لتغطية مصروفات الجنازة والأجر.

دفنوه، وسارعوا ينهون أيام العزاء بأقل من يومين، لقلة عدد المعزين.كان واضحا ان زامر لم يترك أحد بعيداً عن شره. كانت يده تطول جميع أهل البلد .

عندما طرح كبير العائلة ضرورة إقامة شاهد على قبره استهان الأقارب بذلك وتذمروا، قال أحدهم:

 - اسمه مثل الزفت، حتى لعزائنا بموته لم يحضر إلا نفر قليل، والشاهد يوضع لمن يعز على أبناء عائلته.

أصر كبير العائلة أنه يعرف ما يعتمل بالصدور، وللعائلة اسمها وكرامتها ولا يمكن أن تتخلى عن شخص يعد من أبنائها، ستصبح سمعتنا في الحضيض.

وهكذا أقنعهم، أو ملوا النقاش، ووضع كل منهم ما يقدر عليه، وأوصوا له على شاهد لقبره، وقرر كبير العائلة حتى يبرئ ذمته أمام الخالق عندما يحين أجله أن يكتب على شاهد القبر:

 - نرسل لك أيها الرب ابن عائلتنا زامر، الذي أفرغ جيوبنا وسرق أملاكنا، نحن غفرنا له ونطلب أن تغفر له أيضا، ولكن إذا غفرت له، اياك ان تقربه من عرشك!!.

 

ماسورة إطفاء الحريق قصيرة

اقترح رجل الاطفائية على زوجته ان يكون نظام البيت تماما كما هو في محطة الإطفاء.

-     وكيف ذلك؟ سألته .

-     عندما ينطلق الصفير الأول نرتدي ملابسنا. مع اطلاق الصفير الثاني نصعد لسيارات الإطفاء، مع الصفير الثالث تنطلق سياراتنا بأقصى سرعتها..مع الصفير الرابع نبدأ بمد مواسير الإطفاء وإطفاء الحريق .

-     وافقت زوجته ...

-     في صباح اليوم الأول بعد اقرار نظام البيت الجديد أطلق صفارته، فخلعت ملابسها. ففعل مثلها. أطلق الصفير الثاني فقفزت الى السرير، فقفز وراءها، اطلق الصفير الثالث فتعانقا بقوة أطلق الصفير الرابع فتداخلا بانصهار..

بعد لحظات تناولت زوجته الصفيرة وصفرت بقوة ... تفاجأ، فقد انتهت الصفرات الأربع ؟

 - هذا صفير خامس لم نتفق عليه .. ما المشكلة؟ سألها وهو غارق في أحضانها ..

 - النار تشتد اشتعالا وماسورة الإطفاء قصيرة جدا .

 

سفيـــــــه اللســـان

اشتكت الطالبات من سفاهة لسان المحاضر.. واتفقن على ترك محاضرته في المرة القادمة، عندما يتكلم بسفاهة، احتجاجا على سفاهة لسانه .

في المحاضرة التالية، قال كعادته، في فرنسا يوجد نقص في الزانيات، وفرنسا فتحت ابوابها لإستقبال زانيات من ذوي ثقافة عالية فقط.. وضحك بانبساط .

احتجت الطالبات على سفاهة لسانه وكما اتفقن قمن لمغادرة الصف.

تفاجأ المحاضر، وخاطب طالباته :

 - ما زال الوقت مبكرا، الطائرة القادمة الى فرنسا تنطلق غدا فقط .

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2167 السبت 30/ 06 / 2012)


في نصوص اليوم