نصوص أدبية

ما لم يـَقُلْهُ ... الصّمْت !/ ياسمينة حسيبي

كلّما جاء ذِكر الوطن،

تنكشف بدواخلنا .. قلوبٌ خرقاءٌ وكُتَلٌ من هذيان ..

نجتاز جدارالموت بأعجوبة ..ونبدُو أصغرَ بعشرة أعوام .

فطوبى لمن بلغَ سنّ الرّشد ... بين طعنتين.

 

( 1 )

 ويسألونكـَ :

كــيفَ يُـتْـقِـن الــرّقص،

وطنٌ مذبوحٌ ..

من الوريد الى الوريد ؟

وكيف تخْصِبُ مروجٌ،

وَطِـئَـها الشانئُ الأبتَر؟

تبحثُ عن فمكَـ لتجيبَ

فيصفعكـَ الصّمت !

أسنانُـكـَ جائعةٌ..

لقضمةِ تُـراب..

لكِسرة ضوءٍ تسدّ بها

رمَقَ العتم.

تتضوّر فيكـَ شهْـوة "الأرض"

وتُصيبُكـ سنابل القمح

بطعنة في الجذور.

الأذرع الممتدة نحوكـَ،

ليستْ كلّها للعناق.

والألمُ يَسيلُ لــزِجًا

على جدران المدينة

يركَحُ إلى الرّكنٍ القصيّ

من ضُلُـوعكَـ

كخيبة قصوى

تشربُ مُرَّ السؤال.

كقفلٍ صَدِئَ

من تنهيداتِ الباب

كأنا وأنت ..

حين نحملقُ جاهديْـن...

في حلكة الظلام.  

نُحاورُ الصّمت

بأجسادٍ " مطعونة "

ونَتعمْشقُ بدمعة ..

عَالِقةٍ بخـدِّ الهواء !

 

( 2 )

 أيّ شفةٍ تسُفُّ رمادَ الحزن

العالق بثوبِ الأرواحْ ؟

وأيُّ النخيلِ يتلمّظُ

عراجينًا بنكهَـة الجراحْ ؟

الأرضُ حَمَلتْ سِفاحًا ..

بصرخةٍ من صمت.

وأنيابُ الزمن

عضّتْ على أحلامكـَ .. نيّئة،

ياااسيّـدَ البكاء ..

دموعكـَ متبّلةٌ بملحِ الخطيئة،

وطعم الوطنِ على اللّسان ..

ما عادَ له طــعْـم !

رَغبتُكـَ في العناق

سَوّرَتْها أذرعُ النفاقْ،

وعلى شفتيكَـ..

أَغمضتِ القبلة عيْنيْها..

مُتعبة.

وارْتدَّ إليكَـ صوتُكـَ

مسْلوخا،

مذْبوحًا بسكّين الصّمت.

وقالوا : صـــرخَـــتُــكَـ

قاصِرٌ (دون) البلوغ،

وظلّكـَ يُلمْلم الصّـدأَ

من رياح المسَافات !

 

(3)

 

أيها الباحثُ عنْ وجهه ..

في المِرآة ،

تكسّرتْ ملامحكـَ

من صرخة المِرآة.

وتَـحَـلّقَ إخوتُكـَ..

من حولكـَ ،

يتدافعون عـلى امتداد الـرّحِم ..

نفاقًا !!

رائحتهم تَشِي بألفِ بقعة دمْ

يَلْبسونَ عُـريًا محتشمًا،

ويتراشقونَ أمامكَـ بِــ (جسدِكـَ).

قُلْ لي بالله عليكـَ :

ما حاجتهُم للتاريخ

وذاكرتهم ..

قِــرْبة مليئةٌ بالثقوب ؟

ما حاجتهم للسّرير ..

وقدْ اعتادوا النَّوم

على بقايــاَ أشْـــلائكـَ ؟

نسورٌ جارحة تنقُرعينَ الماء،

والنّورسُ العَـجوز

يتصابى ..

يَـسْحبُ الموجة الزرقاء

من ناصِيتها،

ثمّ يطير بها

على مرأى من البحر.

( 4 )

 أيها المرميُّ

في جهنّمِ "الإنتماءات"

محكومٌ أنتَ ..

بشرائع التّيهِ والرّمادِ

ضائعٌ في احتمالاتِ..

التّسْويف والتغديد،

محترقٌ بصقيع

المكان .. والزمان

تصعدُ إلى الهاوية

في فـــزْعَة كابوسٍ

وتتعثر بوجهكـَ

في ( وُضْحِ ) النّهار.

لن تصطاد الخوف ،

والبندقيّة فارغة من الحشوِ.

يالَلتّيهِ في صحرائِكَ ..

اللاّحَصْــرَ لَهـا !

كيفَ توقظُ الضّوء من سباتِـه

وعيونكَـ مغبّـشةٌ بالرّمال ؟

 

( 5 )

 ها قدْ خسر الجسدُ ..

معركتهُ الاخيرة في الطعنات،

وتناثر الزجاج حولكـَ..

مطحونًا برحَى الفتنة.

هل أخذتَ صورةً لكَـ..

قبل الطعنة الأخيرة ؟

هلِ انصرفَ

عَـابِـرو سبيلِ الوطنْ ؟

وجعي على أرضٍ

جفّتْ تحت قيظ الصمت.

وفلولُ الخيبة ..

تزحفُ على تجاعيد العمر..

دون هوادة.

تعال.. ألملمُ ( معكـَ ) شظاياكـَ ..

على سبيلِ المجاملة.

تعالَ .. أُراقصكـَ حدّ الألم

فكلّ النساء في وطني

يُجِـدْنَ الــرّقْص

على حبالِ الجراح.

( 6 )

 يا سيد الانتظار الطويل ،

لم تيْنَع بعدُ مصابيحُ الليل.

والعتْمة حولكـَ ..

(لاَ ريبَ فيها

وَحدكـَ تقفُ في الّدائرة

عارياً ..

تَحـْمل وجهكـَ (الوحيد)

دُونَــــــما ملامحــه.

وتختبئ مِنْ عينيـكـَ.

أناء الليل ..

وأطراف النهار.

تَقيسُ المسافات الممتدة ..

في رائحة الدم

برصاصة طائشة ...

انطلقتْ من شهوةَ أرضٍ

واخترقتْ (جسم) الوَطَــنْ !!

تابع موضوعك على الفيس بوك وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2184 الثلاثاء 17/ 07 / 2012) 

في نصوص اليوم