نصوص أدبية

قصص قصيرة جداً / حنون مجيد

وقبل أن يغلقها دخلتْ . كان الدخان الخانق ما يزال يملأ فضاء السيارة فاضطربت .. هامت في الفضاء الضيق المغلق وضربت بأجنحتها الرقيقة هنا وهناك ، رأت فضاءها الجميل يمتد أمامها ، غير أنها لم تستطع النفاذ اليه .

لم تدرك" الهائمة الغجرية" أن ما يفصل بينها وبين عالمها الرحب زجاج.

14/8/2010

                                                                                                                      

 

1-    "من أجل عالم أرحب"

أرسل اليها رسالته على رقمه الجديد الذي سبق له ان ارسل اليها عليه رسالة واحدة : صباح الخير ، وأطيب الاماني بأيام هانئة . لم تمض دقيقة واحدة حتى ردت عليه : شكراً على التهنئة الجميلة ، وستكون سعادتي أكبر إن عرفت مرسلها ، كل عام وانت بألف خير . لم يرد على رسالتها ليعرفها على نفسه ، انما ترك لها الوقت طويلا لكي تتنزه في عالم أرحب .

22/12/2010 .

 

 

2-    "حينما لا تكون الحياة جميلة"

رسم الفنان لوحته .. كانت خطوطها هوجاء وألوانها فاقعة ومضطربة .. أجنحة طيورها مسطحة بلهاء ومناقيرها ضخمة عوج ، أما أرجلها فنحيفة كالعيدان ، تقف على أطراف شجيرات ذابلة ..

أخيراً ، وهو يتأملها دونما شغف بها ، قال :

- عندما لا تكون الحياة جميلة تخلق صوراً كهذه.

13/9/2010

 

 

3-    " توافق "

 

يراقبه الرجل العجوز من فتحة الباب يتشمم رائحة طعام .. يفتش حواليه ثم يتسلق جسد برميل القمامة ليستوي عليه .

يتحسس بأنف مرهف مرتجف رائحة الطعام المخبأ هناك فيدور حول الفوهة المستديرة ، ثم يدور ويدور ليجدها مغلقة بإحكام .. يهبط الأرض خائباً مخذولاً ويولّي الادبار .. كان العجوز الرابض على كرسيه في المطبخ جائعاً ينتظر بلهفة من يستيقظ من نومه الثقيل ليعدّ له طعام الإفطار.

1/11/2010

  

                                                                                  

4-    "مهرجان "

عندما ادرك ان جنحه قد كُسر ولم يعد بمقدوره الطيران , أيقن تماماً انه إن نجا من ملاحقة الصياد فلن ينجو من صولة ثعلب قادم أو ذئب .

كان حزنه شديداً وخيبته مرة , اذ رفّ له جنح وخذله آخر وهو يرى الطيور تحلق فوق رأسه وتدور وتدور كما لو في مهرجان .

لم تكن الطيور بعيدة حقاً لكي لاترى من بَعد‘ ريشاً يشق خضرة الدغل ثم يهّوم كالضباب في زرقة السماء .

9/10/2010

 

5-    " شيء طريف "

 

لبس اجمل ملابسه وشاء ان يقطع الجسر الى مقهاه ،هذه المرة ، مشياً على القدمين.. لقد جف دمي وتيبست عضلات جسدي .. دعوني اقطع طريقي على قدميّ فما المسافة الاّ جسر. في الطريق اليها وعند منتصف المسافة ، شعر تعباً يخذل جسده فآثر أن يرتاح قليلا فأخذ مجلساً ، كان بين شحاذين اتخذا مجلسيهما على رصيف الجسر . من بعيد قدم رجل هائم بالاحسان، فتش جيوبه ، وأخرج عملة ورقية ضم أصابعه عليها .. تجاوز الشحاذ الاول ، ثم اذا اقترب منه القاها في حضنه ومضى قائلاً :

- شحاذ نظيف..يا إلهي، إنه لشيء طريف !

  

6/7/2000-10/10/2010

                                              

                                              

6-    "مداعبة" !

 

من امام مجلسهما في مقهى القرية مرّتا ، برقين ، زوبعتين ،إعصارين ، فشهق وسّر صديقه :

- آه .. ليتني امتلكت واحدة منهما !

لم يرد عليه ، لكنه عدّ عدته ، فدعاه الى الغداء في بيته في اليوم التالي. قال لأخته الكبرى ، قدمي انت الغداء ، ثم للصغرى ، وانت الشاي .

عندما تتابعتا تحت عينيه بومضهما الذي بهره منذ امس، سحب الضيف خنجره من تحت حزامه ووجهه نحو صدره قائلاً : لقد قتلتني يا رجل .

30/11/2010

 

 

7-    " تبرئة ذمة "

قبل ان يهبط بكفه على صدره ، سأل نفسه ، هل يمكن لهذه قليلة الشأن أن تكون احتمالاً من احتمالات موتي ، أنا الذي قارعت الكثير من اسباب الموت ؟ ولو لم تكن حطت على صدره وعند منطقة قلبه المريض لهوى عليها بضربة شديدة يمحق بها جسدها الهزيل .

بداية كانت مضت تثبت اطرافها وتغرز خرطومها ، لكنها لما رأت تردد يده وسمعت اضطراب دقات قلبه ، هلعت وقالت ، كلا لن اكون سبباً في موت أحد .. سأترك هذا الرجل المريض لحكم ليلة او ليلتين قد يقضي بعدهما فاكون مبرأة من ذنب له مثل هذا الحجم .

30/11/2007        

 

                                                                      

8-    "تلقين درس "

في طريقه الى مسجده مرّ بالسوق ..توقف نظره على فخذ لحم عند قصاب .. قال القصاب يرغبّه باللحم ويدعوه للشراء :

                       - تفضل .. إشترِ

رد قائلاً :

                           - لا املك نقوداً .

أعلن القصاب متوسلاً:

                         - أ‘مهل عليك .

أجاب مبتسماً :      

                       - أُمهل على نفسي.

14/5 /2008  

 

                    

10-" تعاطف "

حطت على صفحة دفتره كالمجنونة تبحث عن شيء مجهول .. جالت على مداها الابيض الصقيل هائمة برغبة عاتية عمياء .. لم تكن ذبابة بل أصغر منها , رمادية في ميل ملحوظ الى السواد، لها شبه ما ببعوضة قصيرة .كانت خليطاً من ذبابة وبعوضة في آن . فكر في ان يستوقفها بان يهبها شيئاً لم يعد اللحظة يملك غيره . غمس خنصره في فمه مستخرجاً معه قطرة لعاب حط بها على موقع من الصفحة , وكانت ماتزال تجول بهوس جنوني حتى اذا وصلت القطرة سكنت هناك..كانت بريئة جداً , ساذجة بل مغفلة لتسكن هذا السكون الغريب . كانت سكرى تمتص اللعاب باستغراق تام , حتى انه لما زودها بقطرة ثانية كادت يده تلامس جسدها الرقيق . عطشانة جائعة , قال , ربما وجدت في هذا السائل الغريب الذي لم تذق مثله من قبل , ألذ ما عرفت من أغذية على الاطلاق .

6 /11 /2009 – 14 / 12 /2010

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2198 الجمعة 3/ 08 / 2012)

في نصوص اليوم