نصوص أدبية

من وحي تمثال الحرية في نيويورك / يحيى السماوي

 

 

من وحي تمثال الحرية في نيويورك

أيـهـا الـربُّ الـرّخـامـيُّ الـمـنـتـصـبُ كـالـمـشـنـقـة:

لـيس مـشـعـلا ً لـلـحـريّـةِ  ما تـرفـعُـهُ ..

إخـفِـض يـدَك

فـالـبـنـتـاغـون يـراهُ فـتـيـلا ً لإحـراقِ حـقـول الـعـالـم ..

والسي آي أيه تــراهُ سـيـفـا ً لِـحَـزِّ الـرّقـاب  ..

الـرقـابِ التي ترفض الإنحـنـاءَ لآلـهـة " الـمـعـبـد الأبيض " !

**

أوشـكُ أنْ أؤمـن أنّ اللهَ :

يُـحِـبُّ الـعـبـدَ

عـلـى قـدر كـراهـتِـهِ لـقـيـاصـرة البيت الأسود في واشنطن ..

 

أوشـك أنْ أؤمـنَ

أنّ جـهـنّـمَ تـبـدأ مـن أروقـة الـبـنـتـاغـون ..

 

أوشـك أنْ أؤمـن أنّ  الـ “ C.I.A “ هي الشـيـطـان

**

 

يـلـزمـنـي حـبـلٌ أمـدُّهُ مـن هـيـروشـيـمـا حـتى بـغـداد

لأنـشـرَ عـلـيـهِ

ثـيـابَ الأطفـال الذيـن حـصـدتـهـمْ مـنـاجـلُ الـبـنـتـاغـون ..

 

يـلـزمـنـي حـبـلٌ مـن ناكازاكي حـتـى الـفـلـوجـة

لأنـشـر عـلـيـهِ قـائـمـةً بـأسـمـاءِ الأمهـات الـلـواتـي

أثـكـلـهـنّ الـديـنـامـيـت الأمـريـكـي ..

 

يـلـزمـنـي حـبـلٌ مـن " هافانا " حـتى " سانـتـيـاغـو"

لأنـشـرَ عـلـيـه صـفـحـاتِ الـكـتـب السـوداء

لـراعـي الـبـقـر الأمـريـكـي

وهـو يـقـودُ قـطـعـانـه عـبـر الـبـحـار

لإشـاعـة الـدم / قـراطـيـة ..

 

يـلـزمـنـي حـبـلٌ مـن " غـوانـتـنـامـو " حتـى " أبـو غـريـب  "

لأنشـرَ عـلـيـه

آخـر مـبـتـكـرات شـرطـة أمـريـكـا

فـي فـنـون الـتـعـذيـب

 

يـلـزمـنـي قـلـبُ " هولاكـو " وضـمـيـر " تـيـمـورلـنـك"

لأعـرف حـجـم لـذّةِ الـمـحـرر الأمـريـكي

بـعـد اغـتـصـابـهِ زهرة الله " عبير قاسم حمزة " *

قـبـل رشّ صـدرهـا بـالـبـنـزيـن

وإيـقـاد الـنـار فـي جـسـدهـا

لِـيُـذيـبَ الـجـلـيـدَ الـمـتـجـمِّـدَ فـي عـروقـه !

 

يـلـزمـنـي حـبـلٌ مـن " ديـر يـاسـيـن " حـتـى " قـانـا "

لأنـشـرَ عـلـيـهِ

أضـابـيـر جـذام " فـيـتـو " قـاضـي الـعـدل الأمـمـي

**

 

أيّـا ً كـانـت مـآسـي الـغـد ..

أيّـا ً كـان  غـضـبُ الأعـاصـيـر ..

الـبـراكـيـن ..

الـطـوفـانـات ..

الـزّلازلِ ..

والأوبـئـة ..

فـأجـيـال الـغـد لابـدّ وأن تـكـون أحـسـن حـالا ً

مـادام أنّ الـغـد

لـن يـشـهـد ولادةَ وحـشٍ جـديـد

إسـمـه " جـورج بـوش الـحـفـيـد "

***

 

إعتذار متأخر

ثقيلة ٌ حقيبتي

لا قدرة َ لظهري على حملها

عساني أخفف ُ من ثقلها باعتذاري

فيجفوني الأرق ..

***

 

أعتذرُ :

للشهداء الذين لم أشارك في تشييعهم ...

للجهاد من أدعيائه ...

للمرضى الذين لم أدع ُ لهم بالشفاء...

للأطفال الذين لم أذُدْ عن أراجيحهم ...

للورود التي لم أشكرها حين شَرحَتْ صدري ...

للبصير الذي لم أكن قنديلا له ذات طريق...

لتفاحة ِ الرغبةِ قطفتها قبل الأوان ...

لصراطٍ جنحت ُ عنه وأنا أقود عربة َ النَزَق ...

لحَمامةِ القفص وأنا أتسلى بهديلها ...

لمدادٍ أهرقته على ورق الغواية ...

لنصيحةٍ أوصدت ُ دونها باب سمعي ...

للحنظل ِ الحلو تشاغلتُ عنه بالعسل المر ّ...

ليميني أوهنْتها بأوزار شمالي ...

 

لليقين قيّدْته بحبال الظنون ...

لصباحات اليقظة ِ أعْتمتها بدياجي الحلم ...

لمرايا الفم هشّمتها بحصى البذاءة ...

لفراشةٍ حنّطتها في رسالة عشق ...

للناعور استهنتُ بأنينه وأنا أصغي لخرير النهر ...

للفانوس تنكّرتُ له في حضرة المصباح...

للكلام الجميل الذي حبسْته خلف قضبان الحنجرة ...

للعصافير التي سقطتْ في فخاخي ...

لخيط البصر أسْلكْته في غير خُرم البصيرة ...

للرصيف الذي اتسخ بأعقاب سجائري ...

للقمر الذي آنسَ وحشة ليلي ولم أطره ...

لأبجدية النخل وأنا أرطن بالإنجليزية ...

للوطن الذي انتحلته في جواز سفري المزوّر ...

للطريق الذي لم أردم الحفرة فيه ...

لضرع البقرة الذي استنكفت من حلبه ـ

بعد أن ملأ الطحينُ أظافري ...

للقط الذي طردته من ظلال الحديقة ذات قيظ ...

للأقوال التي أغويتها بالكسل فتكرّشت الأفعال ...

ليدي أرغمتها أن تؤدي التحية لجنرالاتٍ ـ

يستحقون الصفع َ على اليافوخ ...

لقميص الحِلم نشرْته على حبل الحماقة ...

للشرطيّ الذي هربت منه فلم ينل الترقية...

للفضاء الذي لم أطرزه بطيور الدعاء الجميل ...

للأيدي البيضاء التي لم أصافحها بعد ...

وأعتذر أيضا لحقيبة عمري التي أثقلتها

بحماقات الأمس !

 

خاص بالمثقف

.................................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (عدد خاص لمناسبة يوم الشعر العالمي اعتبارا من 24 / 9 / 2012)

في نصوص اليوم