نصوص أدبية

سحب الثقة من المُسلَّمات / بشرى البستاني

 

هاأنا بعد طول تأملْ..

أسحبُ الثقة من المسلّمات جميعا،

من البذور

لأنها تحوَّلت إلى حصىً ناعمْ.

من الرياح

لأنها كثيرا ما تحمل قطافي

إلى أقاص ٍ بعيدة

من الطفولة

لأنها غالباً ما توقظ الجروحْ

من حقيبة يدي

لأنها كثيرا ما تضيق بحزني.

..........

هاأنا بعد طول درسْ

أسحبُ الثقة من المسلّمات جميعا.

من التاريخ،

لأنه كثيرا ما كذب عليْ

من الاقتصاد

لأنه كرّس التحيزَ وفتح فم الهاوية ْ.

من السياسة..

لأنها اختارت برج الذرائع،

وكسرت معصمَ الإنسانْ.

من الحروب

وهي تبتلع مياهنا الصافية

من ساعديكْ

لأنهما يومضان برقاً عاجزاً عن احتواء المحنة.

**

ها أنا أسحبُ الثقة من امرأة العزيز

لأنها غادرت بؤرَ الوجدِ،

وضاعت في التفاصيل.

**

ها أنا أمنح الثقة لورد الليل

وهو يأبى أن يطلق عبيره

رعباً من كراتٍ نحاسية

تشهرُها المدرَّعاتُ خلف السياجْ

....

لابن الفارض

وهو ينبثق في صميم الأزمة إلى اثنين..

مرسِلٍ ومرسَل ٍ إليه :

"إليّ رسولا كنتُ منيَ مرسلا

وذاتي بآياتي عليّ استدلَّتِ "

*

ها أنا أهيم بروح النفريّ

وهي تنأى بالولع عن المحنة

إذ غادرت الزوالَ،

واستقرت في عُلى الأسرار.

**

ها أنا أمنح الثقة للجرنيكا

وهي تزرع دم الإنسان نبيذاً لخونتهْ،

لتخلِّدَ بنسبيّتها عذابَ المطلق.

*

لماتيس ونسائه الوحيداتْ

وهن يتسربلن بالأسود الوقور

وهيبة الفقدانْ.

ولموريس جار،

ممسكا بالنغم كفّي،

وهو يجري بي نحو البحار والمحيطات

مُخلِّفين ِ وراءنا المدنَ النحاسيّة َ والدمى.

**

هاأنا أمنحُ قلبك الثقة حبيبي

لأنه أمسكَ بتفاح قلبي

غير آبهٍ بالتفاصيل

واختصر الزمن في لحظة أرجوانية

جرح همسة...

وتراشق عبيرينْ...

لتصير الروح رشيقة القوامْ،

ترفّ في شُرفها الأنوارُ،

وتستلقي الينابيع.

...............

ها أنا بعد طول وجد..

أسحب الثقة من المسلَّمات جميعا

من قلبي أولا..

لأنه كثيرا ما يستغفلني ويسقط في جُبْ

من النوافذ يُربكها الحنين

ومن الوسائد مبتلة ً بالشجنْ

من دمي..

لأنه سرعان ما يتوهّجُ مربكاً شراييني.

من عقاقير الصداع.

لأنها تواطأت (بالألفة) مع الوجع عليْ.!

من الوحشة تربكها الوشوشات..

يوشوشها هديرُ الدبابات على الأرصفة

تهددها الصواريخ أنها بالمرصاد

يوشوشها القتلى.. انهم أبرياء

وتسألها الجروح: من يوقف النزيف؟

..........

هاأنا بعد طول عذابْ

أسحب الثقة من المسلّمات جميعا..

من عينيكْ

لأنهما تخترقان مخابئي السرية

وتلتقطان ما لا يصلح للبوح.

من ساعديكْ..

إذ كثيرا ما يخونان في الليل خصري.

من أناملك..

وهي تزرع وردا في جسدي،

وتدعه عرضة لوخز العذاب.

من الأزرق الرصينْ

لأنك تُصرُّ... أنه وحده الذي يليق بي

إذ ْيفصّلُ البحرَ على مقاسي...

**

ها أنا أمنح الشمس ولائي

لأنها تطلع كل يوم

متحدية زحف الثعبان على الحدائق..

أزداد هيبة ًبهذا الوجع البهي،

وأفرشكَ خيمةً على الوجود.

 

خاص بالمثقف

.................................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (عدد خاص لمناسبة يوم الشعر العالمي اعتبارا من 24 / 9 / 2012)

في نصوص اليوم